فيما يبدو أنه "انقلاب ميلشياوي" شبيه بما كان يحصل بين زعران الميليشيات في أزقة بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية ، حيث أصدر المكتب الإعلامي لما يسمى " الهيئة العامة للثورة السورية" بيانا مساء أمس الأحد وصف فيه رامي عبد الرحمن ـ بما معناه ـ بأنه كذاب ومزوّر يتلاعب بأعداد الشهداء ، وبأنه يجمع أسماء الشهداء وأعدادهم من صفحات "الفيسبوك" ، داعيا إلى " وقف التعامل معه " قبل أن يصفه بـ"المدير السابق" للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال البيان الذي تلقت"الحقيقة" نسخة منه " تود إدارة المكتب الإعلامي لما يسمى "الهيئة العامة للثورة السورية" لفت عناية جميع الأخوة المنخرطين في ركاب "الثورة السورية" إلى ضرورة عدم التواصل مع المدعو رامي عبد الرحمن واسمه الحقيقي أسامة علي سليمان المدير السابق للمرصد السوري لحقوق الإنسان ".

وفي حيثيات سرده الأسباب التي وقفت وراء هذا القرار ، عزا البيان ذلك إلى قيام عبد الرحمن بـ"بمحاولة الإساءة المُتعمدة إلى مصداقية المكتب الإعلامي للهيئة العامة للثورة السورية ولجنة شهداء 15 آذار خصوصاً وذلك من خلال التلاعب بأعداد ما أسمتهم الشهداء الأبرار واتهام الهيئة العامة للثورة السورية ولجنة شهداء 15 آذار بأن بعض أسماء الشهداء التي توردها هم "أحياء" للطعن في مهنية فريق ما يسمى "الهيئة العامة للثورة السورية" التي يعمل في عدادها الآلاف من المخلصين الذين يتمتعون بأعلى مستوى من المهنية، على الرغم من أن المدعو رامي عبد الرحمن لم يقم على الإطلاق سابقاً بنشر أي اسم من أسماء الشهداء الأبرار حيث يكتفي فقط باعتبارهم أرقاماً ، وحينما يُسأل عن الأسماء يجيب بأنه مستعد لتقديم الأسماء للجان التحقيق فقط وليس لوسائل الإعلام لأنه في حقيقة الأمر لا يمتلك أي أسماء حقيقية حيث يقوم باصطياد الأخبار من صفحات شبكة Facebook ، ومن بعض الجاهلين على الأرض".

وسرد البيان أسبابا أخرى مثيرة للسخرية أشبه بروايات العجائز "الخرفات" نعفّ عن ذكرها ، فضلا عن أن بعضها ينطوي على "صفاقة" سوقية غير مسبوقة ، إذ وصف شهداء الجيش بـ"القتلى" حين اتهم البيان عبد الرحمن بـ" تسويق أعداد حقيقية من القتلى بين عناصر الجيش"! علما بأن عبد الرحمن لم يبدأ بالإشارة إلى شهداء الجيش إلا قبل أسابيع قليلة فقط ، وكان يتجاهلها تماما منذ انطلاقة ما أسماه البيان الانتفاضة السورية ... إلا حيثما يكون الحدث كبيرا لا يمكن تجاهله ، مثل مجزرة جسر الشغور التي راح ضحيتها أكثر من 120 عنصرا من عناصر حفظ النظام، وحين بدأ الحديث عنهم ، ولو من باب الخجل ، راح يربط أخباره بكليشة ثابتة تقول " سقطوا على أيدي مجهولين يعتقد أنهم جنود منشقون"!؟

هذا ودعا البيان ما أسماهم "جميع المخلصين من أبناء الثورة السورية الذين عملوا سابقاً مع رامي عبد الرحمن في المرصد السوري لحقوق الإنسان" إلى " "الانفضاض عنه كلياً وتعليق عضويته في المرصد السوري لحقوق الإنسان بناء على تصويت ديمقراطي بين جميع أعضاء المرصد السوري لحقوق الإنسان الذين صوتوا بالإجماع كذلك على الانضمام بكامل فريق المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى جسم ما يدعون به "الهيئة العامة للثورة السورية". وشدد البيان على"ضرورة وقف أي من أشكال التعامل مع رامي عبد الرحمن المدير السابق للمرصد السوري لحقوق الإنسان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".

ومن جهتها، قالت مصادر مقربة من "المجلس الوطني السوري" لـ "الحقيقة" إن هذا الأخير قرر " تنصيب بسام جعارة رئيسا جديدا للمرصد المذكور خلفا لعبد الرحمن. وكان جعارة ، طبقا لوثائق رسمية أعدتها هيئة الرقابة والتفتيش المالية السورية قبل سنوات ، فر من عمله الرسمي بعد أن "استغل وظيفته واحتال على الدولة بمبلغ كبير من المال بدعوى معالجة زوجته المريضة في بريطانيا". ومن المعلوم أن جعارة عمل في مكتب رئيس الوزراء السوري ومكتب وكالة "سانا" السورية في المغرب لأكثر من خمسة عشر عاما قبل أن " يختفي" سنوات طويلة ليعود إلى الظهور مجددا مع اندلاع ما يسمى الانتفاضة السورية وركوبها مثل المئات من النصابين والمنافقين وتجار الأزمات والحروب!

وقالت مصادر كردية مقربة من الناشطة هيفين كاكو ، التي تنشط مع عبد الرحمن في لندن من خلال ترجمة بياناته إلى الإنكليزية، إن الخلاف بين عبد الرحمن و خصومه ، وإن ارتدى طابعا"سياسيا ومهنيا" ، سببه الحقيقي "يعود إلى صراع على اقتسام مبالغ كان حصل عليها المرصد من قناة الجزيرة وجهات مالية أوربية أخرى". غير أنه كان أنه كان متعذرا علينا توثيق ذلك. ومن المرجح أن يفلش الطرفان أوراقهما وفضائحهما ، المالية وغير المالية ، قريبا على صفحات الشبكة العنكبوتية!