أهلا وسهلا بكم أخي السلام الروحي.

مشكلتك مع الوصاية هي نفس مشكلتي كفرد أنتمي للتيار الإسلامي قبل أن أكون منتميا للإخوان المسلمين، فالإخوان لدي وسيلة وليست غاية فلو أخطأوا أنتقدهم وقد حدث ذلك عشرات المرات، ولكن فارق بين النقد تقييما والنقد توجيها..والثاني منهجي بيد أنني لا أملك التقييم لمدرسة عريقة كمدرسة الإخوان..

أتفق معك في أن الإخوان كانوا سببا من أسباب جهل الشعب بالسياسة والدين، وأزيد علي ذلك جانب تقصيرهم من وجه المراوحة السياسية فاختلطت لديهم الأولويات فنشأت مشكلة الفراغ التي ملأها التيار السلفي المتشدد..والمشكلة إن النظام كان سعيدا بهذا الوضع المقصود بالإحتواء ومن ثم التحجيم، ساعد علي ذلك القمع الذي وجدوه والصورة التي رسمها لهم نظام عبدالناصر في أذهان الناس..ولكن ثقافة الشعب المصري هي ثقافة واقعية إلي حد بعيد ، قد تجد المصري يكره ويرفض ويلعن ولكن لو رتبت علي كتفه وأشعرته بالهم المشترك وأوضحت له المعاني والمسائل لنسي كل شئ وتراه يفتح معك صفحة جديدة مليئة بالأمل والتعاون، فالقِبلية لديه معدومة والعصبية لديه خاصة بمصالحه وعاطفته جياشة ومثقف جدا، وهذه الخلفية هي السبب التي حملتني علي مطالبة الليبراليين بالتواصل مع الشعب أكثر فسينسون كل شئ ولن يتعاونوا إلا مع من يقتنعون به..فالشعب من جذوره يكره الوصاية سواءا كانت سياسية أو دينية..

الإخوان استطاعوا التواصل مع الشعب فكريا واجتماعيا قبل أن يتواصلوا معهم سياسيا، وأسسوا بذرة دينية لدي الناس نمت مع مرور الوقت وجاء التيار السلفي خطف الثمرة التي زرعها الإخوان بعدما استغل الكوادر الإخوانية في الترويج لإعلامه الفضائي، بالإضافة إلي استغلال السلفيين للفراغ الديني الذي أحدثه الإخوان بتعلقهم بالسياسة علي حساب التثقيف..

في المحصلة أري أن أي نقد للإخوان لابد أن يكون بمعزل عن نقد بقية التيارات..فاشتراكهم جميعا في نَظم واحد يوحي للقارئ بالتساوي التام في المهام والأفكار والسلبيات..وهذا أكثر ما آخذه علي الفكرة العامة للموضوع..

بالنسبة للمراجعة الفكرية للتراث فهي لن تأتي بين يوم وليلة وأعتقد اعتقادا جازما بأن العقل الجمعي للإخوان هو أقرب العقول الإسلامية للمراجعة الفكرية..وقد طرحت أنت إسما وعلما من أعلام الفقه والسياسة داخل الجماعة وهو الدكتور عصام العريان..فرغم خلافي البسيط معه في مسألة تصور الدولة المدنية إلا أنني أقر بأن الإتفاق بين أفكاري وأفكاره لا تُحصي ، والرجل هومن أشد العناصر الإخوانية علي التزمت ورفض العصرنة والحداثة..

بالنسبة لما أسميته مشكلة بني أمية في العقل الإسلامي فصراحة أنا لا أتعاطف أبدا مع أي فكرة ناقدة للعقل الإسلامي بناءا عن حُقبة تاريخية أو ولاية سلطانية، فالنقد سيقابله حتما إنجازات وستتيه الحقيقة ، والأفضل من وجهة نظري هو التعرض للأفكار السائدة في هذا الوقت ومحاولة تطويرها والعمل علي بلورتها لتصورها واقعا للتنفيذ..