(12-18-2011, 06:50 PM)العلماني كتب: طيب عال، بدأنا نتفق ... فإذا كان "الفهم الناضج للدين" سوف يؤدي إلى "دولة علمانية" فلا خلاف بيننا أبداً. ولعل هذا ما يقوله "نصر حامد أبو زيد" عندما يصر على أن الإسلام "دين علماني بامتياز" لو أردنا منه ذلك (هو يعمد بعد ذلك إلى تلميع حديث "تأبير النخل" - "أنتم أعلم بشؤون دنياكم - محاولاً أن يجعله في كفة واحدة مع الأساس "الإنجيلي" للعلمانية الغربية المتمثل في قول السيد المسيح: أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله).
لا خلاف بيننا إذا في هذا، ولن أدقق كثيراً في خلطك بين "تركيا العثمانية" و"تركيا الكمالية" إذ لا يهمني في هذا المقام أن أنتصر لبعض الحقائق التاريخية التي لا أرى لها أهمية الآن.
ياعزيزى خلطى بين تركيا العثمانيه وتركيا الكمالية هو خلط على أساس دينى وليس سياسى كما أوضحت لك ,التركيتان فى النهاية تؤديان الى تركيا واحدة اسلامية مرجعيتها الدينية القرأن والسنة , فتركيا الكمالية معروفة دوليا بأنها دولة اسلامية غالبية شعبها يدين بالاسلام , وأستطاع هذا الشعب رغم اعتناقه لدين الاسلام أن يفرز نظام حكم يفصل ماهو شأن دينى عما هو شأن سياسى وأن يرضى الشعب التركى المسلم ويقتنع بذلك .
الدين الاسلامى هو دين علمانى بأمتياز حتى لو لم نرد منه ذلك , فهو أساسه العلمانية , اذا كان الدين الاسلامى هو الدين الوحيد الذى يمنح البشر حق حرية الاعتقاد ويقول " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " كما يمنح المخالف حريته فى ممارسة عقيدته عندما يقول " دعوهم وما يدينون " وعندما يقول " وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه " وعندما يقول " انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ليحكم بها النبيون " وعندما يرفض العنصرية ويقول " أيها الناس إن ربكم واحد، إن أباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم " فأى علمانية تريدها أكثر من ذلك ! اذا كانت كل تلك النصوص لا تعنى اقامة نظام حكم يسمح لكل صاحب دين أن يمارس شعائره بمنتهى الحرية , فماهى العلمانية ؟ أليست الدولة العلمانية هى عبارة عن مؤسسة اجتماعية ترعى مصالح الناس وتحترم حرية الاعتقاد بما فى ذلك حرية الاعتقاد الدينى ولا تميز بين مواطنيها على أساس دينى أو عرقى ؟
أنا أزعم أن الدولة الدينية هى بالضرورة دولة طائفية يديرها شخص وفقا لمبدأ " من ليس معنا فهو علينا " وهذا ما لم نراه أو نسمع عنه فى فترة حكم الرسول وخلفائه .
(12-18-2011, 06:50 PM)العلماني كتب: بالنسبة لفريقي "الحداثة والسلفية"، "فشو جاب لجاب"!!! بل لعلّي، عندما أستعرض أسماء كبار المفكرين العرب وحركاتهم الفكرية، لا أجد رهطاً واحداً غربي الهوى دون تحفظات. وحتى لو وجدنا بين هؤلاء بعض الجماعات التي تميل قلباً وقالباً إلى "الغرب ومنتجاته الحضارية"، فهذه الجماعات -عادة- قليلة العدد، مسالمة مثقفة مستنيرة لا تلتجيء إلى السيف في فض نزاعاتها ومشاكلها. ولن تجد مفكراً "مستغرباً" واحداً يجلس إلى "عمود" أمام لفيف من الناس ويتلو آيات "فولتير وروسو واشبينوزا ونيتشه" كي يُخرج من بين يديه قنابل متفجرة تريد الفتك بكل مخالف لها. بل ان أعظم "المستغربين" في تاريخ الشرق كله هو -كما تعلم - "مصطفى كمال أتاتورك" الذي جعلته أنت يلبس عمامة ويجلس بجوار "ابن لادن" وقلت لي بأنه "علماني مسلم" جعل من تركيا دولة تحترم حقوق مواطنيها.
نحن لا نجد هذه "الفئة المستغربة المتطرفة" إلا في بعض الخطابات بعينها التي سوف نتحدث عنها بعد قليل، ولكننا نجدها عند الكثيرين من "قطيع العاضين على دينهم بالنواجذ" الذين يتحلقون حول "إمام إخونجي" أو "سلفي وهابي"، فيخرجون من أمامه بعيون حمراء وصدور ضيقة وهم عازمون على "تغيير المنكر باليد"، فيقتلون ويسحلون ويثيرون الفتنة بين الناس، ويحسبون بين هذا وذاك أنهم "أدوات الله في الارض" ونحن نحسبهم من المتخلفين.
بالنسبة لمصطفى كمال أتاتورك فقد أحتار الناس فى أمره , فمنهم من قال باسلامه ومنهم من قال بالحاده أو على الأقل لادينيته , لكنى أحسبه مسلم مستغرب أمن بالعلمانية وعمل على تطبيقها , ولكنى لا أقصد " أتاتورك " بعينه ,أنا أقصد الشعب التركى الذى أفرز اتاتورك ونجم الدين أربكان وأردوغان وعبد الله جول وغيرهم , أنا قصدت المرجعية الدينية التى سمحت لهؤلاء بالتحرر العقلى من أسر تفسيرات الفقهاء المتخلفين فجعلوا تركيا دولة لها وزن على الساحة الدولية .
تقول أن الفارق بين فريقى الحداثة والسلفية هو أن السلفية أقرت بمشروعية أستخدام العنف؟ وهل كانوا أول من أستخدم العنف كوسيلة لتحقيق الهدف ؟ أرجع بذاكرتك وتذكر متى بدأ العنف السلفى وهل تزامن عنفهم مع عنف جماعات دينية أو سياسية أخرى فى العالم أم كان عنف الأخرين ملهما لهم فأتبعوه كوسيله ونظروا له دينيا لجذب أكبر عدد من الأتباع !
ليس السلفيين هم أول من حملوا السلاح فى العالم ولن يكونوا أخرهم , ودعك من تلك النقيصة لأنها أستهلكت تماما .
عندى أنا أنه لا فرق بين الفريقين أبدا , بل على العكس , ربما تكون الكلمة أخطر من دانة المدفع , فدانة المدفع تقتل عددا محدودا لحظة أنطلاقها وينتهى مفعولها , أما الكلمة فتأثيرها السلبى ممتد المفعول وقد تبيد شعوبا بأكملها , لذلك لا فرق عندى بين الفريقين أبدا , كلاهما متطرف ولكن كل حسب طريقته .
(12-18-2011, 06:50 PM)العلماني كتب: قضية "الفئتين الباغيتين" هذه إذاً هي وهم من الأوهام يلجأ إليه "الإخونجية" كي يجلسوا على كرسي "الوسطية" متمثلين بقوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا: "خير الأمور أوسطها" (أو كما قال). هذه الحيلة قد تنطلي على البعض اليوم، ولكنها لم تعد تنطلي على الكثيرين. فالكثيرون منا يعلمون "دين الإخوان وديدنهم"، ويعلمون أنهم متطرفون وليسوا وسطيين، وان ما يحسبونه وسطية هو - على أقل تقدير - بداية التطرف والاقصاء في نظرة غيرهم لهم. وان أقصى ما وصلوه حتى اليوم في "انفتاحهم" على الآخر ما زال غير كاف في التأسيس "لمبدا المساواة" الأساسي جداً في نشوء المجتمع المدني والدولة الحديثة. فهم، مهما طحنوا الكلام وجعلوه ناعماً، لا يستطيعون أن يؤسسوا لدولة ديمقراطية مع بند كالبند الثاني في الدستور المصري. فأنت، مهما أخلصت النية، لن تستطيع أن تصنع إلا "ثيوقراطية" مع مثل هذا البند وليس "ديمقراطية"، وشتان ما بين المفهومين: "فالثيوقراطية" هي "استبداد" جديد سوف يكون أكثر مشقة على المواطن الذي عانى من "الاستبداد" القديم. إذ أن المواطن الذي كان يُقمع في الاستبداد القديم باعتباره "عدواً للسلطان وخائناً للدولة" سوف يصبح مع "استبداد رجال الدين" "عدواً لله"، أما "المعارض" فهو بالتأكيد "معارض لله وكافر وجب قتله أو استتابته وقتله".
هذا خلط مابين الفكر السلفى والفكر الاخوانى وتضع الاسلاميين مرة أخرى فى سلة واحدة .
(12-18-2011, 06:50 PM)العلماني كتب: أخيراً، بالنسبة "لمحمد بديع" فانا أشكرك على الرابط، ولكني لم استمع إليه بعد، مع عزمي على سماعه في نهاية الأسبوع المقبل (عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة).
واسلم لي
العلماني
كل عام وأنت بخير
ونحن بأنتظارك .