- 1-

يعقوب الشرعة رحمة الله ، كان يناهز الثمانون عاماً عندما جرت انتخابات نيابية في الاردن 1989 ، وفي ذاك الحين سمح للاحزاب على اطيافها بخوض هذه الانتخابات ( حصد الاخوان اكبر حصة) ، وكان في دائرتنا الانتخابية مقعد للاخوة المسيحيون وكان من المرشحين عنه الشيوعية الدكتورة نجوى خوري ، ولأنه لا يؤثر على معركتنا العشائرية الرئيسية فقد طلبت الدكتورة اجتماع لعشيرتنا وذلك من اجل منحها اصواتنا ، وتقرر ان يكون الاجتماع في بيت الاكبر سناً وهو يعقوب ، ويعقوب هذا داهية لمن يعرفه ، يتصنع الهبل ليصطاد ، القت الدكتورة خطابها عن الحرية والديموقراطية والديالكتيك وما تيسر من معجم ماركس ، وبعد ان فرغت قال لها يعقوب يا بنتي خذيني على قد فهمي لم افهم شياً ، ممكن ان تبسطي لي ؟ وجميعنا كنا نعرف انه فهم كل شئ ،

بلغة الواثق قالت الدكتورة :- افترض انك اختلفت مع ابنائك ، هل تحبسهم في غرفهم وتمنعهم من الخروج من البيت ؟ ، هل ستقوم بقطع الطعام عنهم ؟ هل ستضربهم على خددودهم ؟

اعتدل يعقوب في جلسته وقال :- لا والله لا يا بنيتي لن اقوم باي مما ذكرتِ ، لكن ثم لكن ، اذا قام اولادي عند الاختلاف ، بكسر التلفزيون ، وحرق السجادة ، وتخريب الثلاجة ، وكسر الصحون ، لن اقوم بما ذكرتِ بل سأكسر ايديهم واعلقها في رقابهم ، وانا واثق انهم لن يقترفوها مرة اخرى

ساد الصمت ، وخرجت الدكتورة


-2-

من ليس له القدرة على بناء بيت لا يهدم بيته

من يرى بيوت جيرانه الفاخرة القرميدية وهو يملك بيتا متواضعا ولكنه كافٍ له ويأويه ويقيه من حر الصيف وبرد الشتاء ، ولا يملك المال الكافي لهدم البيت وبناء اخر فاخر فعليه أن لا يقوم بالهدم اولاً ، وعليه ان لا يستدعي من يساعده في الهدم

لينظر الي واقعه ، البيت فيه خراب كثير ؟ نعم ؟ هل اهدمه ام اصلحه ، وبما انك لا تملك ترف بناء جديد انظر الي بيتك وحدد ما هو ناقص فيه ، الدهان والطلاء الخارجي امره بسيط ، الحنفية تنقط ماء اشتري جلدة جديدة لها ، غرفة النوم مظلمة ، اشتري لمبة كهرباء ، هناك سيفون مرحاض لا يعمل ، استدعي سباك" مواسرجي" واصلحه ، بحاجة الي تغيير داخلي ، غير في الديكور الداخلي ، الزجاج مكسور استبدله بجديد .
لكن ان قمت بهدمه وساعدك الجيران في ذلك ، لن تكون لك القدرة الكافية لبناء اخر ، وستجلس في العراء ، وربما تنهشك بعض الكلاب او الضباع ، واعلم ان فصول السنة اربع وليس كلها ربيع والجو بديع سيكون حراً وسيكون برداً ،وسيكون زمهريرا وجوعاً ، والجيران سينظرون اليك من نوافذهم المكيفة والمدفاة ولسان حالهم يقول " لا ارضا قطع ولا ظهراً ابقى " وسيرمون لك بفتات خبز جاف

-3-

ما يشبه الجبل الجليدي القاسي يسد طريقهم ، ويحجب الشمس عنهم ويقطعهم عن الانطلاق ، وهم في وادي

قال اولهم : لنحفر تحته وبفعل الزمن والقصور الذاتي والجاذبية سيتدحرج وينزل الي الوادي ونطلق نحن

وقال الثاني : لا، علينا أن نحفر فيه ونضع في الحفرة ديناميت ونفجره وبهكذا سيتناثر وننطلق

نسوا انه اذا تدحرج سيسحقهم جميعا في تدحرجه

ونسوا ان الديناميت سيفجره ويفجرهم سويا

كانوا يملكون بعض النار والزيت ، هل فكروا ، ان يذهبوا الي اسفل الوادي ويبنوا سداً ؟ ثم يشعلوا نارا خفيفة تحته ويبدأ تدريجيا بالذوبان ، والماء يتجمع بالسد ، وما هو الا الصبر ، لنجد ان بعض من ماءه سيشاركهم في ذوبانه ، وستتوالى العملية وسيذوب ويتجمع ماءا زلالاً ، يروي عطشهم صيفا وسيزرعون حقولا تحت الشمس وفوق الارض

مع التحية