(12-23-2011, 02:11 PM)forat كتب:  ماذا لو كان البيت فاخرا وقرميديا بالأصل،فتسلط عليه مجموعة من اولاده فهدموا وخربوه ويرفضون اصلاحه وهم مستمرين في تدميره!؟
انت تنطلق بمقالك من واقعك،وتنظر الى بقية البلدان من واقعك،وهو منظار أراه غير صائب يا عزيزي،فكلامك ينطبق على الأردن وعلى مغرب محمد السادس وعلى دول الخليج،ولكنه لا ينطبق على دول "التقدمية" والعسكريتارية (سوريا..مصر ...العراق..ليبيا..الجزائر).
سوريا يا عزيزي جعفر في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم كانت بيتا قرميديا جميلا،وكانت تشهد اول ديمقراطية حقيقية في الشرق الاوسط اساسها المواطنة،وكنا نفخر بان رئيس وزراءنا مسيحي وصل بالانتخاب!...وكانت سوريا تصدر الاقمشة الى اوروبا وكانت فيها صناعات متطورة،وكان الطب والتعليم في سوريا مقارنة في ذلك الوقت من الاوائل في الشرق الأوسط.
بينما الاردن في الخمسينات لم يكن فيها جامعة!...وكان الطلبة الاردنيون يكملون تعليمهم الجامعي في سوريا،وكان الاردنيون ايضا يتعالجون في سوريا والعراق....ولكن انظر الى الحال الان!
الان تعتبر الاردن بلد متطورة عن سوريا والعراق وليبيا بكل المقاييس وتبتعد عنهم سنوات ضوئية بالتقدم!..والطلبة السوريون يدرسون في الاردن بكثافة،والمرضى السوريون يتوافدون على الاردن من كل فج عميق في سوريا!..لأن جامعات سورية العريقة انهارت على يد البعث..ومشافيها تم تدميرها...
طبعا لا اريد المقارنة بدول الخليج....لأنكم ستقولون الحجة السحرية اياها...ان دول الخليج بترولية ولديها مال وفير وانها انتفضت بفعل المال....ولا ادري لماذا تغفلون ليبيا والجزائر التي لديها اموال وثروات مقاربة لثروات الخليج....ومع ذلك فهي دول "آكلة هوا"..ومواطنوها "اكلين روح الخل".
بالتالي من هدم البيت هو الطغم الحاكمة الحقيرة التي تسلطت على الحكم عندنا من اربعين عاما وعملت على تدمير كل شيء فيها...ابتداء بالسياسة من خلال افسادها مرورا بالاقتصاد الذي نهبوه (عيني عينك) وصولا عند الاخلاق التي عملوا بجد على توسيخها بادرانهم!...في سوريا الموظف الغير مرتشي صار "اهبل"...والضابط الذي لا يسرق "درويش"...
اعتقد ان مقالك حالم ويفترض ان هناك نية اصلاحية حقيقية من تلك الانظمة التي ملكت البلاد والعباد والمدراس والجامعات والمستشفيات والاعلام على مدى 40 عاما ...مع ان المدة بحد ذاتها هي دلالة على ان هذه الانظمة لا يمكن اصلاحها،والمؤلم حقا انه عندما يهم اولاد البلد باصلاح بلدهم الذي يبدأ -منطقيا - بهدم النظام السياسي الذي أدى الى كل كوارث البلاد وتفرعت عنه بقية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ...تقومون باتهامهم بالعمالة وبانهم يريدون هدم البيت...وكل ما تملكونه هو مقارنة واقعكم الذي بدأ بطوبة...وتحول الى بلد محترم...ببلدان محترمة تحولت الى "طوبة" على يد طغم سارقة لا يتناطح على اجرامها تيسان!!...عراق صدام كان "مقبرة" بكل ما تحمل الكلمة من قسوة....ليبيا معمر كانت ليبيا المهدمة....أنا رأيت اول ليبي يلبس ربطة عنق ويتكلم بكلام موزون خلال الثورة الليبية وهو عبدالرحمن دوغة أصابتني صدمة!!!!..وحينما سمعت أن الشيخ زايد أجرى عملية لعيونه بالستينات في ليبيا...وانظر الى حال ليبيا والامارات اليوم أشعر بالحزن على ليبيا....ما الذي كان يمنع القذافي من بناء مستشفى يعالج كل مرضى الشرق الاوسط في طرابلس؟...هل سهرات اولاده في نوادي اوروبا وملاهييها ؟!...القذافي قطع علاقات بلده بسويسرا بسبب مشاجرة افتعلها ابنه الحقير المتعجرف في احد الملاهي الليلية؟...هل تعتقد ان هذه انظمة تستحي مثلا؟!..أو عندها نية بالاصلاح؟!....ما الذي أثني القذافي طوال 42 سنة من بناء جامعة محترمة واحضار خبرات العالم في التدريس؟!...يا اخي ما الذي منعه من بناء مكتبة كمكتبة الكونجرس؟...من بناء ناطحة سحاب!!!؟....هل كان مشغولا بتبديد مليارات الشعب الليبي على الجيش الاحمر والجيش الاخضر وصراعات قبائل افريقيا والمواطن الليبي يئن في الطائرة وجعا وهو متوجه الى تونس او الاردن للعلاج!!!!!!؟

كلامك واقعي و منقطي جداً يا فرات ..بمد لعاصينا .

غير أني أرى انه من الإجحاف بمكان وضع الأنظمة العربية و ثوراتها في سلة واحدة .

حتى الثورات في بلدان مثل اليمن و البحرين (مع احترامي لنضالها و احتقاري لأنظمتها), ليست كالثورات الضرورية أو الحتمية على الأنظمة الأشد قمعية في ليبيا و سوريا و العراق . ففي سوريا و ليبيا لم تكن توجد أي بارقة أمل للاصلاح تلوح في الأفق, لا مع بشار و لا مع سيف الإسلام .. و حتى البديل الإسلامي -المتفرض- بتصوري لن يكون أسوء من المعتوه القذافي أو النظام العلوي المجرم في سوريا .

انفجرت الثورة لأننا لم نكن نملك الترف لنختار طريقاً آخر للبناء أو الاصلاح أو حتى تحصيل شيء من حقوقنا المغتصبة .

هناك ممرات إجبارية ليس لنا إلا عبورها .