الأخ الكريم الحوت الأبيض .
بيننا شراكة حوارية مثمرة في موضوعات مختلفة منها الثقافي و الأدبي .. الخ ، فلا يوجد إذا أي تحسس في مناقشة أي قضية ، لذا لا حاجة لك كي تبرر مداخلتك .أهلآ على الرحب و السعة ، و كما يمكن ان أفيدك في نقاط معينة أعرفها بحكم معايشتي المجتمع على مدار الساعة ، فهناك ما يمكن أن أستفيد منك بحكم بعدك عن مسرح الأحداث ، على الأقل معرفة كيف يرانا الأخوة العرب .
1- عن الجيش العراقي فحديثي هو عن قومية الجيوش العربية في مرحلة المد القومي و كيف تستهدفها الآلة العسكرية الإسرائيلية خلال الجهود و التدخلات الأمريكية ،و ضربت مثلآ بالعراق تحديدا ، كيف ان بعده الجغرافي عن مسرح العمليات لم يمنعه من المشاركة الإيجابية على المسرحين الشمالي و الجنوبي ، هل يمكن تصور شيئا مماثلآ الآن ؟!. أعرف أن أخطاء النظام العراقي هي التي اعطت لأمريكا فرصة تدمير الجيش العراقي ،و لكن أيضا لولا قومية هذا الجيش ما استهدفته أمريكا ولا استهدفت العراق .
2- يا صديق .. لم انعت هؤلاء بالكلاب بسبب نقدهم للمجلس العسكري بعد تملقه ، فكل المصريون ينتقدون المجلس و أنا أحدهم منذ أول مداخلة ،و لكني أدينهم نتيجة تحريضهم المستمر ضد الدولة و مؤسساتها و حرق البلد باسم الثورة . في أول مداخلة لي بعد الإنتفاضة رشحت البرادعي رئيسا لمجلس رئاسي أو للوزراء ، و كنت قد استقبلته ضمن عشرات في المطار حينما عاد لمصر زمن مبارك ،و لكني فوجئت به شخصا ضعيفا يتملق الصبية بدلآ من قيادته لهم ،و اخيرا يصرح كمعتوه في برنامج انه يريد ان يحرق الداخلية ليبنيها من جديد ، هذا الكلام غير مقبول من أي مصري ، فنحن لا نريد حرق البلد بل بنائها ، اما السيكوباتي ممدوح حمزة فقد سمعته بأذني يقول بثقة لينين في زمانه انه سيستولي على محطات المياه و الكهرباء و يغلقها من أجل الثورة ، يعني مش عايزني اشتم الأشكال القذرة دي . طب و الشتيمة اتخلقت لمين غيرهم ؟..
3- حديثك عن المعونات الأجنبية غير دقيق كما أوضح صديقنا عاشق الكلمة ، هناك فرق بين علاقات الدول و الأفراد ، فالحكومات تتلقى المساعدات بشكل قانوني معروف دوليا لإنفاقها على اوجه توضحها الميزانية ، هذا في كل دول العالم ،و لكن هذا لا يعني ان الأفراد لهم نفس الحق لأنه ليست عليهم نفس المسئولية ، فهم يتربحون من تلك الأموال و يضعونها في جيوبهم ، هناك بالفعل قوانين لضبط تمويل منظمات المجتمع المدني حتى من الخارج ،ولكن الحديث الان كله عن تلقي اموال خارج الشرعية . الحكومات لها علاقات حتى مع إسرائيل و تتبادل معها معلومات في قضايا معينة وفقا لبروتوكولات ،و لكن إعطاء الشخص لنفس المعلومات يعتبر جاسوسية . هذه بصراحة بديهيات .
4- عن الشباب .. هل سمعت بدولة يحكمها شباب في العشرينات و بغير طريق دستوري ، في أي مكان في العالم هل سمعت بصبية يتجمعون في مكان و يشرعون لمجتمع بدعوى النضج ؟. نتيجة السذاجة و عدم النضج وجد التيار الشبابي الثوري نفسه في حيرة بالغة وربما ندم عميق, وبدلا من الاعتراف بالمسئولية التاريخية عن بعض ما جري فإنه يلقي اللوم علي المجلس العسكري مرة, والفلول مرة أخري, والقوي الخارجية مرة ثالثة, ولكنه لم يكن أبدا علي استعداد لكي يتحمل مسئولية تشرذمه, وفشله التنظيمي, وعدم قدرته علي إلهام الجماهير بأفكار تأخذها إلي مستقبل أكثر إشراقا.
5- الإشتراكيون الثوريون الذين تتحدث عنهم لا يشكلون شيئا ضمن تيار الشباب ، و كل تيار الشباب لا يشكل شيئا في الخيار الجماهيري ، هؤلاء ظاهرة انترنتية لا غير . ثم من نحن الذين نؤمن بأفكار آدم سميث على علاتها ، حتى اسمه لم يعد مطروحا كخيار إنساني على مستوى العالم ، الخيارات حتى داخل الرأسمالية العالمية مختلفة و طرحها لقضايا الإقتصاد مختلفة ، و شخصيا لي رؤية مختلفة أيضا . سبق ان طرحت شريطا بعنوان " كيف يصنعون الأزمنة الحديثة ؟, الماضي .. الحاضر .. المستقبل"
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=6862
6- لست أدري ماذا تقصد بان الفوضى ليست كما نصور ، فمن نحن ؟.عموما الفوضى ظاهرة مركبة و هي نتيجة أسباب مهاجمة أجهزة الأمن و تحطيمها و هذا ما يفاخر به شباب التحرير ، فهل نتوقع استتباب النظام من تدمير أجهزة الأمن ؟.طبعا الفوضى طبيعية جدا عندئذ ، مما زاد الطين بلة استمرار التظاهرات و الإعتصمات و المليونيات ، ووجود اتجاهات فوضوية و تخريبية بين جماعة التحرير ،و استهداف القوات المسلحة و مؤسسات الدولة و السفارات و ... الخ . كل ذلك يؤدي إلى الفوضى في أي مجتمع فما بالك بالمجتمع المصري ؟.
7- عن الإستفتاء و الدولة المدنية و الدينية . لنتفق أنه في كل الحالات فالأغلبية هي التي تضع الدستور في أي دولة ، عملية التوافق و الإجماع المجتمعي مستحيلة بدون مرجعية عليا ، ماذا لو اختلف المجلس التأسيسي حول نقطة ما و لتكن مرجعية الدولة ، ألن يلجأ المجلس إلى التصويت الذي سيكون للأغلبية ؟.
8- الشعب في ثقافته العامة المشتركة نفسه هو الذي يستطيع أن يقرر أن تكون الدولة مدنية او دينية . حتى لو كان الدستور أولا فمن سيضعه سيكون منتخبا من نفس الشعب .