من ناحيتي لا أستطيع الهدوء ولا القبول بالحوار في أمور حقيقية واقعية أعيشها. مع مأساة أراها أمامي.
لا أستطيع القبول بالحوار مع الذي يدافع عن جلادي. لا أستطيع أن أهدئ من روع أختي صباحاً وهي ترتجف من صوت الرصاص، وفي المساء أتحاور مع شخص يقول للناس أن هناك جماعات مسلحة متطرفة وهابية مندسة في سوريا.
لا أستطيع الحوار مع من ينكر جريمة أراها يومياً، مع من ينكر فزع ابن أختي وهو يرى أباه يساق للاعتقال والتعذيب ويقول عنه أنه سلفي إرهابي وهو لم يدخل مسجداً يوماً.
لا أستطيع الحوار مع من ينكر ما تراه عيناي من شبيحة ورصاص وغاز مسيل للعيون سالت دموعي منه وشظايا رصاص وقع بحديقتي ذات مظاهرة، وشباب التجؤوا ببيتي، ومسيرات مؤيدة رأيتها بأم عيني تسير، فيها 200 شخص عالأكثر فيقولون عنها مليونية ثم أحاور من يكذبني.
لا يمكنني أن أتحاور من يريد أن يقنعني أن فرع المخابرات صار سائباً للرائح والجاي وأنا أعمل على بعد 100 متر منه، وأن عنصر المخابرات صار أعزلاً بقدرة قادر وأنا أراه مدججاً بكامل عتاده.
يمكنني أن أتحاور عن وجود الله بكل هدوء، وأدبج مئات المقالات عن رأيي بنيتشة وعلم الأنتروبولوجيا وأختلف وأتفق.
ولكني لا أستطيع التحاور مع أشخاص يقولون لي هذا الرداء أحمر وأنا أراه أمامي أزرقاً غامقاً .. ثم يريد أن يقنعني بأني واهم!!!
سأقول له أنت كاذب وأمضي!!
أو أقول له كما كتب صديقٌ لنا، عن مظفر النواب بتصرف:
"أيحتاجُ دمٌّ بهذا الوضوع إلى معجمٍ طائفيٍّ* لكي يفهمه؟!!!"

مودتي


* في القصيدة الأصل اللفظ هو "طبقي"، وهذا برسم العزيزة هالة.