(00) ....

بداية أود أن أشكر جميع الزملاء المشاركين فى الشريط بكل شكل من أشكال وجهات النظر والتى لها أهميتها فى اكتمال الصورة أو الاقتراب من اكتمال الصورة ... فما يقوله البعض هنا يمثل نمط تفكير ووجهة نظر أكثر منه حقائق على الواقع ولكنها تعطى صورة لما يمكن أن يكون عليه الواقع فى حال حصول صاحب الرأى على القدرة اللازمة لتجسيد أفكاره واقعا ملموسا.

وحرصا منى على عدم الحياد عن الأهداف التى أنشدها من هذا الشريط سواء أهداف رئيسية أو فرعية فى ظل ما نمر به من أحداث جسام ... فنحن نمر بمرحلة جنى الثمار ولن نلوم على الثمار ولكن نلوم الزرع والزراع ... فمن يزرع الشوك لن يجنى الورود. وارى أننا نشهد ما لن يشهده غيرنا ونشهد محاولة لتغيير الخريطة السياسية للعالم كله.

والمشكلة ان ما نعتقد انه الغاية (سواء انتصار الثورة للمؤيدين أو انهزامها للمعارضين) ما هو الا حلقة فى سلسلة لا احد منا يعلمها .... فمنذ السبعينات والدراسات الاستراتيجية الامريكية تقول ان الحرب القادمة بعد الشيوعية ستكون ضد الاسلام.

فها هو هدف من اهداف السياسة الامريكية .. الحرب ضد كل الكيانات التى يمكن ان تؤثر على التفوق الامريكى .. وبينما بعضنا سعيد بما نسميه بالصحوة الاسلامية يتضح للبعض ان الصحوة الاسلامية هى جزء من خطة موضوعة للتصعيد للمواجهة مع الاسلام.

فى المداخلات القادمة سأقوم بعرض ومحاولة الفهم لبعض الوقائع والتى لا نستطيع تحليلها إلا فى ضوء فاعلها الرئيسى ومنطقه هو وليس منطقنا نحن....

فماذا تريد الولايات المتحدة ؟

الإجابة البسيطة هى أن تظل القطب الأوحد والقوى المهيمنة على العالم كله .... فطموح السيطرة هو أساس تفكير الولايات المتحدة (الرأسمالية) ... فنقطة ضعف الولايات المتحدة يجب ان تكون فى رأسماليتها وليس فى عسكريتها ....

الولايات المتحدة فى سبيل أن تظل القوى رقم واحد فهى يجب أن توفى بعدة اشتراطات للقوة كدولة وهذه الشروط او الآليات التى تمكن الولايات المتحدة من الاستمرار فى موقعها يقوم جزء منها على تفتيت القوى المناهضة لها، وبالتبعية يجب ان تعمل على تفتيت الدول التى قد تكون مصدرا للخطر على الهيمنة الأمريكية.

لا اميل الى كامل الاعتقاد بأن التفتيت هو من اجل القضاء على القوى المناوئة للسياسة الأمريكية فقط ولكن أيضا أن يتم تحقيق رفاهية المواطن من خلال هذه السياسة حيث يتم ادارة الجموع البشرية بمصائرهم على مائدة الذئاب .... وقد يرى الكثير ان الولايات المتحدة ليست الشر بعينه ولكنها لن تتورع عن ان تتفوق على الشر نفسه إذا اقتضت المصلحة.

وسبب حذرى من خطة التفتيت يعود الى انه يجب ان أنظر الى التفتيت بما له وما عليه ... فحتى وقت قريب كان الاتحاد السوفيتى هو القطب المنازع للولايات المتحدة ولكن الآن يوجد طامحان رئيسيان (روسيا والصين) وقد قامت الولايات المتحدة بتفتيت روسيا والدولة الموالية لها فى أوربا (يوغسلافيا) والصين أمامها من سنوات حتى تعالج عيوب التكنولوجيا لديها وكذلك تحتاج الى اقامة قواعد عسكرية حول العالم وهذه تحتاج الى سنوات كثيرة اخرى.

فالتفتيت سياسة ناجحة وتمت بآليات متكررة فى عدة دول من دول الاتحاد السوفيتى كما تمت فى يوغسلافيا.....

ولكن ما الغرض من التفتيت هل هو فقط إذابة الكيانات الكبيرة ؟

هذه الإذابة كما هى مفيدة للولايات المتحدة ستكون أيضا فائدة للقوى الطامحة ... فبافتراض أن الصين ستبدأ فى التوسع فمن الطبيعى أن تكون تلك الكيانات أسهل فى الالتهام وأسرع فى السيطرة عليها من المساحات الكبيرة ...

ومن هنا يجب قيام سياسات داعمة لكى تكون عملية التفتيت ذات فائدة للولايات المتحدة فقط وليس لها مردود يُذكر على القوى المنافسة.

من الطبيعى ان تكون هناك استراتيجيات مكملة لاستراتيجية التقسيم والتى قد تكون لها جوانب مختلفة تتمثل فى :

1) خلق كيانات صغيرة (دويلات) تكون بمثابة حقول الغام ويكون الحال مشابه للفارق بين الجيوش النظامية وحرب العصابات. فأحيانا يكون قتل اسد واحد اسهل من قتال مجموعة من الذئاب.

2) ربط قيادات الدويلات (الرسمية والشعبية) بمصالح اقتصادية شخصية وعامة مع الولايات المتحدة.

3) استغلال الظروف الداخلية للدول المراد تفتيتها بحيث يكون التفتيت مطلب شعبى اكثر منه رغبة امريكية.

4) كان البدء بأفغانستان رغم أنها كما يبدو للبعض (عملية خسرانة أو من اجل مكافحة الارهاب المزعوم) ولكنها الخطوة لمراقبة كل القوى الصاعدة حيث منها نستطيع الوقوف على الصين وروسيا وايران وباكستان والهند وكذلك القضاء المعنوى على الاسلام كنمط متصادم مع النمط الغربى.

5) .......... والكثير والكثير من الاستراتيجيات الرئيسية والتى تتفرع منها استراتيجيات فرعية تستدعى دعما بنظم ونسق ومبادئ وقيم جديدة ولكن هناك عنصر امان هام هو إجعلهم يفعلونها

فشيطانية الخصم فى انه يدعم الطاغية ويدعم الضحية فى آن واحد... ولكن كيف يخطط لكى لا تفلت الامور من يده وكيف يتنبأ بما هو قادم وكيف يرح نفسه من مغبة التنبؤ بأن يقوم هو بتحديد ما هو قادم ... بالطبع لن ادرك الأمر ولكن على الأفل فلن أؤمن بما أرى.