{myadvertisements[zone_1]}
جدلية العلاقة بين الحداثة والتصوف في الفكر العربي الإسلامي
فارس اللواء مبتعد
باحث عن أصل المعارف
*****

المشاركات: 3,243
الانضمام: Dec 2010
مشاركة: #9
الرد على: جدلية العلاقة بين الحداثة والتصوف في الفكر العربي الإسلامي
نستكمل

ب- التصوف بين ثنائية الحداثة والشعور الديني:

• البعد الإنساني في ظل تحديات الحداثة: 24

في الوقت الذي ساهمت الحداثة في إحداث نقلة نوعية في تاريخ البشرية حيث انتقلت بها من مرحلة التفكير الخرافي والأسطوري إلى مرحلة التفكير العلمي, في الوقت نفسه ساهمت في القضاء على "الشعور الديني للإنسان" ونشر الخواء الروحي والتفكير المادي لديه, ومسح هوية الإنسان وخلق أجيال ضائعة معنى للهوية والأخلاق أو الهدف من الحياة.
• الشعور الديني والتصوف: 25

لقد أختلف الفلاسفة والمفكرون حول سبب نشوء الأديان, فإذا كان البعض يرجعه إلى الخوف فالبعض الآخر يرجعه إلى الرغبة في رضي الله وحبا له وعشقا فيه لذاته سموها بعبادة الأحرار, فإن ثورة الحداثة التي أنهت التفسير اللاهوتي للعلم والكون ساهمت في قيام المجادلات اللاهوتية العقيمة وزاد الأمر حدة الأحزاب الدينية التي تشكلت عبر الخلافات السياسية ومناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي مما أفقد الناس الثقة في الكثير من المسائل الدينية المرتبطة بالإيمان.

وعليه فأن الخطر الذي تواجهه المجتمعات العربية الإسلامية لا ينحصر في الحركات الأصولية أو التعصب الديني بقدر ما ينحصر في أمراض الحداثة حسب وصف المفكر "علي حرب" في الديار العربية والمفكر الفرنسي "جاك دريدا" في الديار الغربية وغيرهم, من اللذين نبهوا من خطر الحداثة على مستقبل البشرية؛ إذ رأوا في التصوف والعرفان البديل الروحي في الرد على التنظيمات الدينية المتطرفة والتي فجرت الرأي العام ضد الإسلام والمسلمين خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
والمسعى نفسه أكدته دراسة قدم أوراقها الباحث "عبد الله الوازني " في ندوة: التصوف في الميزان, عنوانها, الخطاب الصوفي المعاصر- المبادئ والآليات والتحديات- متمثلا في التحذير من الميل الجارف الذي يقوم به من يسمون أنفسهم "الحداثيون" الذين يقتبسون نظام فكري معين من عالم الغرب ويلصقونه بكلمة إسلام مثل: (الديمقراطية الإسلامية, الإشتراكية الإسلامية, العقلانية الإسلامية....), وإن كان هذا بحجة الحداثة والتجديد هذه المحاولة التي تجعل الإسلام مقبولا عن طريق إلباسه مظهرا حديثا أو عصريا هي خيانة بحق الإسلام, لأنها تنقله من دستور جامع للمبادئ ذي نظرة شاملة للعالم إلى مجرد صفة للصق به مدلولا مخالفا في ميدان الحضارة الغربية التي خالفت مثل هذه التعابير.

ج- الفرق بين الحداثيون والمتصوفة:

يرى الباحث "عبد الله الوازني" أن مدعي الحداثة الذين صوروا الإسلام, كأنه كائن محنط لا روح فيه أو ميت يراد منه العيش عنوة بإلباسه لباس العصر, وبين من يدعون إلى تأصيلا لأصول كالمتصوفة الذين أيقنوا إن دين الإسلام هو الذي أبدعه الحق سبحانه وتعالى المعروف بإتقان كل شيء أبدعه, الحداثيون لا يرون الحداثة في الخروج عن الشعر التقليدي إلى الحر, أو الاستعاضة بالعامية عن الفصحى على سبيل المثال, بل الحداثة في نظرهم أوسع وأشمل فهي ثورة على القديم كل القديم؛ بما في ذلك الدين واللغة, بل وحتى الأعراف والتقاليد فنظرة الحداثيين إلى الدين مثل نظرة لا تعترف له بالقداسة والعصمة لا في أخباره ولا في أحكامه.

د- التصوف بين الحداثة والقدم:

قال الإمام "الغزالي" في سيرته الذاتية في كتاب"المنقذ من الضلال":« ثم أني لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية, وعلمت أن طريقتهم إنما تتم بعلم وعمل؛ وكان حاصل عملهم قطع عقبات النفوس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة حتى يتوصل بها إلى تحلية القلب عن غير الله وتحليته بذكر الله ».

أما سلطان العلماء" العز بن عبد السلام" كان يقول: « كل الناس قعدوا على رسوم الشريعة (أي صورها), وقعد الصوفية على قواعدها التي لا تتزلزل, ويؤيد ذلك ما يقع على أيديهم من الكرامات والخوارق, ولا يقع ذلك على يد عالم ولو بلغ في العلم ما بلغ إلا إن سلك طريقهم».

والإمام"مالك"كان يقول: «من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق, ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق, ومن جمع بينهما فقد تحقق», وهو قول مروي بالأسانيد الصحيحة المتواترة عن الإمام مالك.

هـ- الصوفية بين تناقضات السياسية واختلافات الحداثة:

يعد الباحث "محمد الحجاج" - الخبير الاجتماعي المتخصص في الصوفية بالمغرب الأقصى- أن رهان مواجهة الحركات الإسلامية شكل واحد من أهم مكونات السياسة الدينية للدولة لموجهة التيارات السلفية وتوظيف الدبلوماسية الصوفية في العديد من القضايا السياسية نوعا من الحداثة الدينية أو إستراتيجية تحديث الإسلام كرد فعل على أسلمة الحداثة في ظل الأصوليات المتطرفة, مما جعل العديد من الدول العربية تدخل في سياسة دولية أمريكية لمواجهة الإرهاب, والخطر يكمن هنا في توظيف الدولة للتصوف في الحد من خطر الحركات الإسلامية كنموذج لإسلام منفتح ومسيس.

- وما الذي يصمن ألا تنجرف هذه النزعة الصوفية إلى نزعة متطرفة تخيب كل الآمال السياسية المعقودة عليها فيوقفنا الراهن بحسب تعبير الأخصائي المغربي.

ويعتبر الباحث في الحركات الإسلامية "محمد ضريف" أن " الطريقة البودشيشية " على سبيل المثال امتلكت أكثر من غيرها سلطة معنوية يضرب لها ألف حساب, وصار مريدوها بالملايين داخل المغرب وخارجه بل باتت لها علاقات وطيدة مع هيئات دبلوماسية لبلدان عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.

والدور المهم الذي أدته الولايات المتحدة في تشجيع الطرق الصوفية في العديد من البلاد العربية والإسلامية, لا سيما المغرب الذي يشتهر بإيوائه لمئات الأضرحة والطرق الصوفية لاعتبارات كثيرة أهمها : محاولة الحد من انتشار ما يسمى بتيار السلفية (الجهادية) المخالفة للشريعة, التي ترغب في محاربة أمريكا ذلك التصوف هو دين شعبي مسالم بالنسبة للأمريكيين, مثال: مؤسسة "راند" الشهيرة التي تبحث على توسيع قاعدة الصوفية في العديد من الدول ومن بينها المغرب, والعمل الجاد على إدخال الفكر الصوفي في المناهج الدراسية للطلبة, وأهم زوايا تتلقى المساعدة من طرف الولايات المتحدة هي الزاوية البودشيشية المعروفة جدا.

يتبع
01-05-2012, 03:52 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الرد على: جدلية العلاقة بين الحداثة والتصوف في الفكر العربي الإسلامي - بواسطة فارس اللواء - 01-05-2012, 03:52 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أسس العلاقة ببن ولايات الدولة الاسلامية رضا البطاوى 0 377 12-30-2013, 08:53 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  رؤية في تجديد علم الكلام الإسلامي فارس اللواء 5 1,561 11-07-2012, 11:24 PM
آخر رد: فارس اللواء
  العلاقة بين الشرك بالله والنظام العالمي الجديد مؤمن مصلح 7 1,837 03-05-2012, 11:05 AM
آخر رد: مؤمن مصلح
  خرافة الدستور الإسلامي . جمال الحر 0 772 01-27-2012, 09:35 PM
آخر رد: جمال الحر
  الله الإسلامي عدد الاسم 66 مؤمن مصلح 33 5,574 06-07-2011, 01:47 PM
آخر رد: مؤمن مصلح

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS