فارس اللواء
باحث عن أصل المعارف
    
المشاركات: 3,243
الانضمام: Dec 2010
|
الرد على: جدلية العلاقة بين الحداثة والتصوف في الفكر العربي الإسلامي
نستكمل
و- مواقف غربية من الحداثة الصوفية:
• الاجتهاد الروحي وما بعد الحداثة: 26
يقول الأديب الفرنسي "أندريه مالرو" : «أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرنا دينيا, أولن يكون», والتي استوحى على منوالها الباحث الجامعي الفرنسي " أريك جفروا" – باحث متخصص في دراسة التصوف الإسلامي – والذي لا يخفي انتمائه إليه, وقد ألف كتابا بعنوان "الإسلام سيكون روحيا أو لن يكون", وهو في هذه الدراسة يتجاوز المنحى الأكاديمي الوصفي والتجربة الباطنية ليقدم مشروعا كاملا و متكاملا, لإحياء علوم الإسلام, وتجديد أو تحديث مقربة التدين من خلال نموذج "الاجتهاد الروحي" الذي يقدمه بديلا من "الاجتهاد الفقهي" المحدود, ويراه المسلك الملائم لحقيقة "ما بعد الحداثة".
وهو ينطلق هنا من التراث الصوفي العريق ككتابات "ابن عربي","ابن تيمية", والأدبيات الإسلامية الحديثة (محمد إقبال, محمد أركون, نصر حامد أبو زيد, والجابري....), وهذا من خلال التركيز على ثلاث إشكاليات جوهرية:
- الأولى: "قلب القيم" في التجربة الإسلامية, أو ما يسميه البعض اليوم "بحرب القيم".
- الثانية: تتعلق بإمكانية إخراج التصوف من قالبه الباطني لتطبيع وضعه المعرفي داخل الحقل النظري تأويليا وإبستومولوجيا, فالتصوف عند "جفروا" ليس عادة لغة رمزية شاعرية يحتكرها خاصة الخاصة, وإنما يتأسس على مجموعة من الأدوات النظرية والمنهجية التي يمكن أن تصاغ بلغة مفهومة للجميع.
- الثالثة: تتعلق بالمرور من الحداثة الفاقدة للروحية إلى مابعد الحداثة المستعيدة للروحية , والواقع أن"جفروا" ليس أول من طرح هذا التصور بل سبقه إليه بعض الفلاسفة والمفكرين لعل أبرزهم هو الفيلسوف الإيطالي "جاني فاتيمو" الذي أعتبر أن انهيار الميتافيزيقا يدشن أفقا جديدا للروحية بدل القضاء عليها.
ودراسة "جفروا" تنتهي باستلزام منطقي مفاده إذا كانت الحداثة قامت على فكرة اليقين التجريبي، فإن عصر ما بعد الحداثة أنهى اليقينيات الوضعية والتحديدات الحتمية فاتحا أفقا جديدا للحدس الروحي؛ وإذا كانت الحداثة أعلنت مركزية الإنسان وحولته إلى إله مطلق, فإن مابعد الحداثة, أعلنت نهاية الإنسان , وفرضته على الوعي بتناهي ومحدودية حاملة إياه على إعادة صلته بالمطلق , كما أن العولمة وفرت للإنسان المعاصر سوقا روحيا رحبة يسهل منها ما لم تكن متاحة له.
يتبع
|
|
01-05-2012, 04:38 PM |
|