مرة جديدة يحاول الإرهابيون إطفاء نور الحياة في عيون أبناء الوطن كما أنطفأ نور العقل والوعي في رؤوسهم حتى أصبحوا أدوات عمياء تسير على غير هدى وبصيرة في طريق تنفيذ مخطط اجرامي أعد مسبقاً بتدمير سورية وتفتيتها.

أي إرهاب أفظع من أن يقوم شخص تخلى عن كل القيم الإنسانية والمعايير الأخلاقية بتفجير نفسه وسط أناس أبرياء استيقظوا صباح يوم الجمعة في حي الميدان بدمشق لتأمين حاجات أطفالهم وأسرهم من خبز وطعام وحليب وآخرين كانوا يستعدون لأداء فريضة الصلاة في هذا اليوم الفضيل؟

أي إرهاب أعمى أكثر من ذلك الإرهاب الذي يستهدف عناصر الشرطة وحفظ النظام الذين جاؤوا من مختلف أرجاء الوطن هدفهم تأدية غاية نبيلة وتحمّل مسؤولية شريفة هي حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة من غدر الإرهابيين وإجرامهم وتخريبهم وعبثهم بأمن واستقرار سورية الذي كان إلى وقت قصير مضى مضرباً للمثل بين بلدان العالم؟

لقد انقلبت الحقائق وشوهت المصطلحات بشكل مقصود في أقوال أميركا والغرب وبعض المتآمرين من الحكام العرب حتى أصبحت أعمال التخريب والحرق وتدمير المرافق والمؤسسات العامة للدولة حركة إصلاحية, كما تحولت جرائم القتل وتقطيع الأوصال والعبث بحرمة الحياة وأسر حرية الآخرين واختطاف الناس والتعدي على شرف النساء واغتصابهن مظهراً من مظاهر السلمية.

ألا يخطر في بال هؤلاء الإرهابيين أن تصبح أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم وممتلكاتهم عرضة لمثل هذه الأفعال التي يقومون بها لو-لا سمح الله- حدثت الفوضى والانفلات الأمني في هذا البلد بسبب أعمالهم الإجرامية.

ألم يفكر هؤلاء المخربون أن الوطن الذي يخربونه والاقتصاد الذي يدمرونه والأمان الذي يعبثون به هو وطنهم واقتصادهم وأمانهم وإن الأموال التي تصرف لهم حالياً لإحداث البلبلة والفوضى وعدم الاستقرار لا تساوي شيئاً أمام ما يوفره الوطن لهم ولأولادهم؟

نقول لهؤلاء المخربين والعابثين والمغرر بهم: إنكم جزء صغير من لعبة كبيرة تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون وبعض الحكام العرب المدركين لصغرهم والحالمين بالكبر وبعض الجيران التائقين لإعادة أمجاد إمبراطوريات بادت واندثرت, وكل هؤلاء لايفكرون بحرية السوريين ولا بديمقراطيتهم ولابرفاههم ولو كانوا كذلك لما استماتوا لاستصدار قرار ممن يسمى مجلس الأمن للتدخل العسكري في سورية بهدف تدميرها كما فعلوا في ليبيا وقبلها في العراق.

وفي الختام نقول لهؤلاء المغرر بهم وللبيئة الحاضنة لهم ولمن لايزال يعتقد أن الإصلاح والبناء يأتي بهذه الطريقة المدمرة: عليكم أن تعودوا إلى عقولكم وضمائركم وتفكروا بشكل جيد لتعلموا أن من يشد على أياديكم ويحرضكم للاستمرار بهذه الأعمال لم يقف يوماً مع حق من حقوق سورية والأمة العربية.