عزيزي العلماني
انت تقرأ علي ومعاوية على نحو واحد كحاكمان لهما نفس الخصائص الشرعية من خلال (كتب مؤرخي السلطة) بدون نقد وتحقق وبالتالي من الطبيعي ان تكون نتيجتك ان معاوية عليم حليم حكيم عظيم ......الى اخره
مع اني احترم رأيك كباحث وتمنيت لو كان هذ الموضوع بعيد عن مهاترات (بوكيمونية النادي) لروينا غليلك

على كل حال
المتابع لحقيقة ما سلف من احداث وما رسمته السياسات الاموية والعباسية من واقع تاريخي مزيف لشخصية الامام علي وابناءه ومواقفهم , نابع من عدة عوامل أساسية بغية تبرير اغتصابهم لكرسي الخلافة أو اخمادهم لاي تحرك وخروج على مشروعهم السلطوي.
ولكي نستكشف هذه العوامل لابد من ادراك حقائق الاسلام الذي جاء به النبي الاكرم (ص) بعيدا عن دين السلاطين , حتى نستطيع ان نستوعب حياة الامام علي او الامام الحسن عليه السلام ومواقفهم وجهادهم وسلوكهم وسياستهم فنستجلي سبب الغموض والتناقض الذي احدثه المؤرخون في شخصية علي والحسن او بين علي والحسن ،ونقف على واقع الحال الموضوعي من مواقفهم حياتهم وابتلاءاتهم عليهم السلام .

علي عليه السلام لم يحارب معاوية طمعا بالسلطة كسلطة ولا الحسن آثر الخنوع وجبن ولا الحسين كان مشروعه انتحاريا
هؤلاء يمثلون ارادة الله في الارض وبالتالي مهمتهم الاساسية الدفاع عن القيم والمبادىء التي يمثلونها ويحملون امانتها اضافة الى حفظ الاسلام المحمدي الحقيقي وليس الوصول الى السلطة ، هم أئمة بارادة الهية اقرها رسول الله حكموا ام لم يحكموا
ولو لم يقاتل علي معاوية في حرب صفين لاعاد معاوية العرب الى الجاهلية وعبادة الاصنام وهو لم يكن يخفي تلك الرغبة على كل حال وقوله مشهور (الا دفنا دفنا كلما سمع ذكر النبي محمد ) وان كان غيره من الحاكمين السابقين قد اخفى هذه الرغبة كامثال عمر وابي بكر ومن حاول اغتيال النبي في حياته من كبار الصحابة
ولو لم يصالح الامام الحسن لما بان زيف معاوية
ولو لم يقم الامام الحسين على يزيد لاختلت موازين العدالة
ومشكلة علي عليه السلام لم تكن مع معاوية اساسا بل كانت مع من اسس لمعاوية حكم الطغيان وعينه واليا على الشام ولهذا اصر على عزله مخالفا رأي ابن عباس
تصور مثلا مشكلة الامام علي مع الاغبياء امثال ابو موسى الاشعري وشريح القاضي وعموم اهل الكوفة ، لم يستطع الامام علي عزل هذا الثنائي لان اهل الكوفة اعترضوا قرار عزلهم على خلفية ان عمربن الخطاب قد عينهم كما عين معاوية قبل ذلك او حين وقفوا بوجهه صارخين (وا سنة عمراه) حين نهاهم عن بدعه ، وستجد في هذا النادي ايضا من هو اشد غباء كونه يعتبر ان اهل الكوفة انذاك كانوا من شيعة علي والحسن
معاوية لم يكن يجد ما يبرر حربه للامام الحسن عليه السلام والخروج عليه امام الامة اوان يدعي افضلية اهليته للخلافة على الامام وهذه مسألة مهمة جدا اغفلها كثير من الباحثين في التاريخ الاسلامي , لأن معاوية كان قد رفع قميص عثمان وثأر عثمان بوجه امير المؤمنين علي عليه السلام رغم ان عثمان قتل ودفن بمقابر اليهود وعلى اعين كل مسلمي المدينة والصحابة (وهذه لها دلالات كبيرة ليس موضع اثارتها الان )
اما مع الامام الحسن فالامر يختلف لان معاوية ادرك انه في موقع الخارجي وليس هناك ما يبرر قتاله للامام (ع) والخروج عليه رغم كل الاعيب معاوية
فمن اين اتيت لمعاوية بالشرعية الا ان تكون يا سندي متأثرا بالمفاهيم المغلوطة للفكر السني المرحلي الذي يعاني من عقدة اثبات الذات ويعتبر انه كلما توسعت السلطنة تأكدت الشرعية
على الهامش
بتعرف يا عميد في شغلة محيرتني دائما وهي ان رموز الفكر السني بشكل عام يعيدون انتاج مقولاتهم العقدية بشكل سوداوي وسادي في نفس الوقت تصل الى حد تحليل سفك الدماء على الشبهة ، ومع ذلك يخرجون في كل مرة خاليي الوفاض من قتال غيرهم على المستوى الفكري ، اما اليوم الاحظ انهم بدؤا يشعرون بالخسارة السياسية اضافة الى الخسارة الفكرية الدائمة . ف الله يستر
لان من كان اسلامه تبريري بعيد عن القيم التي يمثلها محمد وآل محمد يمكن ان يتحالف مع اشر اعداء الله اذا احس ان مصالحه في مهب الريح وهذه هي الجاهلية بعينها
وانا عندما ذكرت لك ان معاوية مات والصليب في عنقه ليس اهانة للمسيحيين (احسن ما حدا يفهم غلط) بل للتدليل على ان معاوية كان ليتمسك باي سبب تعلقا بالدنيا وهذا مصداق قول رسول الله بان ابن هند يموت على غير ملتي
وللحديث شجون ليس هذا موضعه