منذ سنوات كان هناك موضوع في ساحة التاريخ عن المفاضلة بين علي ومعاوية أتتذكر يا علماني يا عميدنا؟
وقتها أنا كنت مع معاوية وصديقنا العلماني دافع عن علي، ولكنه بنظرته التاريخية الثاقبة رأى فعلاً أن معاوية هو سيد التاريخ وعلي فقيه جميل نبيل.

بغض النظر عن ذلك فلقد كنت أرى وما زلت أن معاوية أسس لدولة الإسلام ولقوتها ومنعتها، وعلى فكرة دولة الإسلام التي أسس لها معاوية دامت قروناً، بينما سلالته فقط هي من انتهت بعد 90 سنة (أي الأمويين) فالعباسيين ودولتهم هي استمرارية لدولة الأمويين لم تغير في نظام الحكم شيئاً، ولم تزل تلك الدولة إلا بعد ذلك بقرنين، يمكننا القول إذاً علمياً أن معاوية أسس لدولة استمرت بين 3 و 4 قرون فعلياً ولثمانية قرون نظرياً، حكمت فيها سلالته الأموية ربع المدة. يمكن أن نحكم بنفس الأمر على الحكم الفرنسي الذي تنازعته عائلات مختلفة كالبوربون، ولكن شكل الحكم لم يختلف بينها في الفترات المختلفة لخمسة قرون تقريباً.

بصريح العبارة معاوية كان عبقرية خالصة، استطاع أن يؤسس لحكم إسلامي فريد، ورغم كرهه للإسلام ولمحمد برأيي، فإنه أسس لحكم الإسلام وكان له دور كبير في استمرار سيطرة الإسلام وقوته لقرون عدة لاحقة. لقد أعد الإمبراطورية الإسلامية بعدد قوية وثبت مكانتها بين الأمم على أسس سياسية واقعية واستمرت في عهده وعهد بني أمية الإمبراطورية بالاتساع وهيأت الأمور علمياً أيضاً بضم بقية الطوائف لها وترغيبهم وتحفيزهم للعطاء فيها، وكان أن اقتطفت الدولة اللاحقة (العباسية) ثمار تلك الأعمال لتصبح الدولة الإسلامية الأعظم في العالم لقرون لاحقة. وكذلك بقيت الدولة الأموية تحكم في الأندلس حتى سقوط غرناطة (في حقيقة الأمر تاريخياً سقطت قبلاً ولكن ظلت كالعباسية في الشرق حتى النهاية هي المصدر الشرعي للسلطة).

أما علي فبقيت مكانته نفسية دينية بين أتباعه وضمن الكتب النظرية لطائفة تؤمن بعلي وبالتشيع له، ولكن تاريخياً لا قيمة كبيرة تذكر له.