أخي الوراق

نهارك سعيد

موضوع ممتاز وأتفق معك فيه في جانب وأختلف في جانب.

السوق المالي ضروري لتمويل النشاط الإستثماري فمثلا لو كان معك أنت وأنا ومجموعة رجال أعمال 40 مليون دولار وأردنا أن ننشأ مشروع استثماري ضخم يحتاج إلى رأس مال قدره 70 مليون دولار على أقل تقدير.

ففي هذه الحالة نذهب إلى السوق المالي ونطرح أسهم للشركة بقيمة 30 مليون دولار للإكتتاب وهكذا نؤمن تكاليف المشروع بالكامل عوضا عن أن نذهب للبنك ونقترض وبالتالي تبدأ الشركة بداية قوية بدلا من أن تبدأ مكبلة ومديونة بقروض للبنوك هذا إن وافقت البنوك على إقراضنا. تخيل لو أن السوق المالي غير موجود ، كيف سوف نتصرف هل سننزل إعلان بالصحف لمن يرغب بالاستثمار أو نكلف سماسرة وشركات استشارات مالية بالبحث عن مستثمرين ،،، صدقني سيكون الأمر صعبا جدا بدون السوق المالي وشبه مستحيل.

لكن على الجانب الآخر ليس هذا هو كل شيء فأنا أتفق معك تماما أن المضاربة بالأسهم عمل مدمر للإقتصاد مثلها مثل القمار وهو ما حدى بكثيرين إلى اقتراح تشريعات تمنع المضاربة وبيع السهم قبل مرور عدة سنوات على تاريخ شرائه ، فالسهم هو حصة لي في شركة ما وبموجبه أستحق نسبة من الأرباح السنوية الموزعة تساوي حصتي بالشركة ، لكن ما يحدث هو أنه يجري تداول هذه الأسهم بشكل يومي بحيث فالشركة ومساهميها لا يستفيدون بشكل مباشر من نشاط المضاربين بعد أن يشتري أول دفعة للمساهمين أسهمهم من السوق الأولي الذي تطرحه الشركة للإكتتاب العام والذي يمول نشاط الشركة ويذهب إلى خزينتها، فمن يتداول الأسهم بعد ذلك هم في معظمهم من المضاربين وليسوا المستثمرين الذين لا يختلفون بشيء عن المقامرين فهم يشترون السهم لأنهم يراهنون على ارتفاع قيمته السوقية ومن ثم بيعه في ايام او اسابيع محدودة وهو عمل لا يمثل أي نشاط إنتاجي ولا يختلف بشيء عن المراهنات التي تجري على سباقات الخيل واللوتري.

حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الأرقام الموجودة في البورصات والبنوك والمؤسسات المالية هي عملياً 300 تريليون أي أي أكثر من 9 أضعاف القيمة الحقيقية للسلع والخدمات على كوكب الأرض (الناتج القومي لدول العالم) البالغة 40 تريليون دولار ناهيك عن بورصات الذهب والنفط والسلع الاستراتيجية الأخرى وهو ما جعل كمية النقد المتبادل في أسواق الصرف ، أكبر من كميات إجمالي الناتج المحلي لجميع أمم الأرض بمئات المرات وهو ما تسبب بتضخم الأسعار بسبب تحول وول ستريت وبورصات الأسهم وبورصات السلع أيضا إلى كازينو و صالة للقمار يتلاعب بها مقامرون متخصصون ، بينما يقع الصغار ضحايا البحث عن الربح السريع