واشنطن تسعى لاقامة حزام سني يحمي اسرائيل ويحارب الهلال الشيعي..

الإثنين 06 شباط 2012، آخر تحديث 09:01 أنطوان الحايك - مقالات النشرة

يعتبر دبلوماسي أوروبي مخضرم يشغل منصبا استراتيجيا في سفارة بلاده في بيروت ان فشل الولايات المتحدة والدول الغربية المتحالفة في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد لم يمنعها من الانتقال إلى المرحلة الثانية من مشروع الشرق الاوسط. فالخريطة الجيوسياسية التي أفرزتها تطورات وأحداث وتداعيات السنوات الخمس الماضية فرضت على واشنطن الخاضعة سياسيا لنفوذ اللوبي الصهيوني إعادة رسم استراتيجيتها تجاه المنطقة العربية تحقيقا للهدف الأساسي وهو حماية أمن اسرائيل وتأمين استمراريتها بوصفها الذراع العسكري الاميركي في الشرق الاوسط والعالمين العربي والاسلامي على حد سواء، وبالتالي فإنّ المحافظة عليها وعلى أمنها شكّل سقفا استرتيجيا من غير المسموح تخطيه مهما كلف الامر.
وفي حين شرح الدبلوماسي في وقت سابق المتغيرات الاساسية الحاصلة على مستوى المنطقة، والتي فرضت على واشنطن اللجوء إلى الانتقال بمشروع خريطة الشرق الاوسط الجديد من مرحلتها الاولى إلى مراحلها اللاحقة بعد نجاحها في إعادة تنظيم الربيع العربي الذي قدم خدمة للمشروع من خلال الشرذمة العربية (راجع مقالة السبت)، يكشف أنّ واشنطن تسعى أساسا إلى تحويل الصراع العربي - الاسرائيلي إلى صراع عربي - عربي من خلال إشعال فتنة سنية – شيعية من جهة وفوضى عربية منظمة تنشغل في ادارة ازماتها، وذلك من خلال إقامة حزام سني يحيط بالدولة العبرية.
ويشير الدبلوماسي المذكور إلى أنّ الانسحاب العسكري من العراق أفسح في المجال أمام إقامة حزام شيعي علوي يمتد من الخليج الفارسي مرورا بالعراق وسوريا العلوية وانتهاء بلبنان الواقع عمليا وسياسيا تحت سيطرة حزب الله الذي يعتبره الغرب الذراع الايرانية – الشيعية القادرة على التحكم بشاطىء المتوسط وبمنابع الغاز المعلن حديثا عن اكتشافها فيما الواقع يؤكد ان اكتشاف النفط والغاز في المتوسط يعود إلى العام 1982، وبالتالي فانه بات لزاما على واشنطن إنشاء حزام سني فاصل بين اسرائيل والهلال الشيعي اذا ما جاز التعبير.
ويمتدّ هذا الحزام السني، بحسب الخريطة الاميركية التي يكشف عنها الدبلوماسي، عبر تركيا والاردن ودول الخليج العربي ومصر، وهذا ما يفسر ايضا انسحاب الجيوب السنية من سوريا على غرار انسحاب حركة حماس وتحويل مركز قيادتها من دمشق إلى مصر، كما يفسر الدعم الاميركي المطلق لدول الخليج العربي والاسلامي لاسيما قطر والمملكة العربية السعودية. فقطر بحد ذاتها تشكل مركز التطبيع، كما مركز الادارة الاميركية من خلال القاعدة السيلية، بينما تشكل المملكة الخزان السني والمالي لتغذية عملية التسليح الجارية على قدم وساق. ويلاحظ أنّ صفقات السلاح التي أبرمتها المملكة مع الادارة الاميركية، يمكن إدراجها في خانة الاسلحة المستخدمة في حروب الصحاري القصيرة المدى وفق ما يؤكد خبراء الدفاع، وهذا يعني أنّ السعي السعودي هو لتكوين ترسانة قادرة على مواجهة المد الايراني، وليس لمواجهة اسرائيل او الانخراط مجددا في الصراع العربي – الاسرائيلي.
ويشير الدبلوماسي نفسه إلى ان ما تشهده مصر من تطورات وتداعيات ينسجم بالكامل مع التطلعات الاميركية، فانشغال الشارع المصري بأحداثه يصرفه عن المواجهات مهما كان نوعها او طبيعتها. وما دعم واشنطن للاخوان المسلمين الا خير دليل على خطتها بتغذية الاصولية والسلفية السنية التي باتت تتخذ من الشيعية السياسية هدفا معلنا لها بدليل ما تفعله في العراق وسوريا، بما يؤشر إلى أنّ الصراع في المنطقة بات سنيا – شيعيا بامتياز، وهو مرشح أن يتحوّل إلى صراع مفتوح يدوم عقودا طويلة.