لا أحد منا يريد الدم!...لا يوجد انسان عاقل يرغب بالصدام مع احد؟!...حتى الحيوانات لا تتصادم مع بعضها الا عندما تكون جائعة أو تشعر بخطر،أما بمستواها الطبيعي،فهي لا تهاجم أحد.
لا أحد كذلك يرغب بتدمير البلاد،او باثارة حروب اهلية،او بتحويل سوريا الى "قندهار"،وكل ما يقوله أتباع النظام،قاله قبلهم -على التوالي- بن علي ومبارك والقذافي وصالح.
نحن ببساطة شعب عاش اكثر من 40 عاما تحت البسطار المخابراتي التابع لـ17 جهاز امني يعدون علينا انفاسنا ويحصون علينا كلماتنا،كنا نرزح تحت نظام أفقر البلاد حتى صار ربعها في الاغتراب،كنا نعيش تحت نظام أفسد أخلاق الناس حتى صارت "الرشوة" عند الناس "حربقة وهز كتاف"...وصار من لا يرتشي "أجدب ومسكين".
قامت الثورة السورية التي كان شرارتها "أطفال درعا"،فخرج الناس بمظاهرات سلمية،فتم اطلاق النار عليهم،فدخل الشعب في عملية "كسر عظم" مع سلطة فاجرة وحقيرة.
لا أخفي القول أنني أشعر أننا متورطون!...نحن كشعب سوري متورطون بالمعنى الحرفي للكلمة،فبشار وطغمته ورطونا بدمائنا،فلم يعد بامكاننا العودة الى ديارنا بعد كل الدماء التي نزفناها!
وليست هنا الخطورة فقط،بل هناك خطورات اجتماعية مهولة لعودتنا الى منازلنا،فنحن سنكون قد خسرنا بلدنا الى الأبد،فانتصار الباطل فقط لأنه يملك القوة،سوف يجعل الباطل سيدا في البلاد كلها طالما انه يملك القوة....وسيسود "نمط التفكير" هذا بين الناس العاديين ،وستسود بينهم شريعة الغاب،والبقاء للأقوى،وحينها سينهش بعضهم البعض،فالناس على دين ملوكها،وطالما "كبير البلد" مغتصبها،فالصغار سيغتصبون الحارات والقرى والمدن،وحينها سوف نشهد ارتفاع مهول في معدلات الجريمة والسرقات والقتل..اما على المستوى الاجتماعي سوف تتعزز مفاهيم النذالة والحقارة وطق الاسفين والحفر للاخرين والايقاع بهم وقتلهم من أجل "5 الاف ليرة"!
الخطورة الثانية على الشعب السوري -ككل- مؤيدين وثوار هو ان النظام سيكون مدينا للاجهزة الامنية والحل الامني في قمع الثورة ضده،وعلى ذلك سيعطيها صلاحيات مطلقة،وسوف يطلق يد كلاب الامن في البلاد على نحو سنترحم فيه على ايام الاسد الاب في الثمانينات!
الموقف خطير جدا،وبحاجة الى "حس وطني" لكي يفهم الجميع أن عودة الى ما قبل 15 اذار باتت مستحيلة على قطاعات واسعة من الشعب السوري،وبنفس الوقت على الجميع أن يفهم أن "عودة الى المنزل" معناها الموت الأكيد على يد النظام..اما تعذيبا...او اعتقالا تعسفيا....او موت بطيء على يد نذالات اجهزة الامن التي سوف تعربد بالبلاد طولا وعرضا،وسيصبح قيام "مخبر" باختطاف زوجتك امر مسموح له بغض النظر كنت مؤيدا او معارضا،وسوف يكون بامكان أي مخبر السيطرة على منزلك فقط بتقرير بسيط انك كنت من ضمن الناشطين.
لذلك أطمئن أنصار النظام أن أي تسوية يكون فيها بشار الأسد على رأس الحكم بهيكلية النظام الحالية،هي مستحيلة بالنسبة لكل واعي وفاهم وخائف على مصلحة البلد...بغض النظر كان مؤيدا للثورة أو معارضا لها.