2

ما تغفله النقاشات السورية هو بالتحديد طائفية النظام السياسي في البلد، وكونه المضخة الفعالة لجملة الظواهر التي نطلق عليها اسم الطائفية. لكن ما المقصود بالنظام الطائفي؟ نتكلم على نظام طائفي حين (1) يعتمد في عملية إعادة إنتاج ذاته على إعادة إنتاج موسعة للتمايزات الطائفية، و(2) تتفاوت عتبات تماهي السكان فيه تفاوتاً يحيل على التمايزات الدينية والمذهبية فيه، ويتصل بتكوين نخبة السلطة ونمط ممارستها، و(3) تتوافق بنيته، أو الممارسات الصريحة لنخبة السلطة، مع تنامي الوعي الذاتي الطائفي لدى الجميع، وتراجع الوعي الوطني والرابطة الوطنية. هذه أوضاع وعمليات محققة في "سوريا الأسد". عبر سنوات حكم الأسدين تراجع الاندماج الوطني ولم يتقدم، وازداد تماسك "الطوائف" ولم يقلّ، وغذّى النظام بسياسات واعية أزمة ثقة وطنية بين السوريين بحيث يتبادلون الخوف وعدم الثقة في ما بينهم، بينما يغدو هو حلاًّ لتنازعهم الذي يبدو وشيكاً دوماً، ونابعاً من تكوينهم كبشر وكمجتمع، لا من أي سياسات عامة.

ليس النظام الطائفي، تالياً، نظام طائفة أو راعياً حصرياً لمصالحها، بل الذي يتوسل بالطائفية أداة حكم. أي الذي يجد في ترسيخ الانقسامات الطائفية مصلحة جوهرية له. وع هذه نقطة يتعين الإلحاح عليها مراراً وتكراراً، ليس تجنباً لإثارات وحالات سوء تفاهم مجانية، تثبّتنا في المحصلة في الأوضاع الطائفية، ولكن لإظهار أن الطائفية ليست مسألة "طوائف"، روابط أهلية وتمايزات دينية ومذهبية موروثة، بل هي مسألة سلطة عمومية، تركيبها ونمط ممارستها ونوعية أولوياتها، وما قد تتيحه من مواقع تفاضلية حيال الموارد والخدمات العامة. سنقول لاحقاً إن الأساسي في مسألة السلطة ذاتها ليس من يحكم، بل كيف يحكم: هل يحكم وفق قواعد ثابتة لا تمييز فيها، وبدلالة تصور واضح للمصلحة العامة، أم أن حكمه شخصي اعتباطي، مستند إلى الهوى وتقلباته؟

---------------------------------------------------------------------------------------------------
سبق أن عولجت هذه النقطة مرارا --اناقش فقط الفقرة ٢
الكاتب يبدأ بمقدمات حسنة في الفقرة رقم ١ ولكنه ويا للأسف فهو يصل لنتائج صحيحة ولكنها ليس كل الحقيقة
فكلنا يعلم إشتداد حدة الطائفية منذ بدء ما يسمى يالصحوة الإسلامية أو المد الديني , كاتب المقال لا يعطي هذا العامل الرئيسي حقه ولا يعطي أيضا الموروث التاريخي حقه أيضا بل ينفي دور ال " روابط أهلية وتمايزات دينية ومذهبية موروثة" وهذا مجانب للصواب حتى أنه لا تزال لدينا أمراض أخرى وهي المناطقية فالحلبي غير الحموي أو الديري!
الكاتب لا يغفل هذه الأمور طبعا لكنه يقول: " تراجع الاندماج الوطني ولم يتقدم في "سوريا الأسد""
وهذه نقطة إنعطاف أعتبرها غير موضوعية فهو يضيق الخناق على "الخاص " بصورة إسقاطية رغم أن هذا الخاص هو إبن ذلك العام لهذا فماذا تتوقع أساسا من هذا "الخاص"أن يفعله?

وهل هو دور النظام وحده أم دور النخب أيضا في مواجه "المد الطائفي"?
فكيف مثلا لحزب شيوعي أن لا يثق رئيسه بأعضاء "علويين فيه"? وكيف أضع هذا الزعيم على الأكتاف كي يواجه "نظاما مجرم"!

"عليه، فحين نتكلم على نظام طائفي، فإننا نتكلم على نظام وليس على طائفة."
كلام معقول!

سنقول لاحقاً إن الأساسي في مسألة السلطة ذاتها ليس من يحكم، بل كيف يحكم: هل يحكم وفق قواعد ثابتة لا تمييز فيها، وبدلالة تصور واضح للمصلحة العامة، أم أن حكمه شخصي اعتباطي، مستند إلى الهوى وتقلباته؟


معقول أيضا وأفلاطوني ثانيا من ناحية التطبيق وليس من الناحية النظرية فالسياسة الغربية عموما كمثل ليبرالي أعلى يرفعه الكاتب على الملأ وبعد سيطرة اليمين (المحافظ أو الإشتراكي) لم يعد لديها إحترام لوجود الآخر ولا تحكم بقواعد ثابتة بل تميز على أساس الطبقات والولاءات وغايتها النهب, لذلك لا يمكن أن يكون هناك حل أفلاطوني كائنا ما كانت السلطة العربية أو السورية, وطالما أن المثال الطليعي قد مات وشبع موتا !
ما يمكن فعله هو محاولة تقوية الوعي بين الناس أساسا كشرط مبدأي من أجل خلق قاعدة شعبية ونخبة ديموقراطية يكون هدفها النظام اللاطائفي لا أن نركب الموجة الطائفية رافعين شعار "لأقتل ذاك الطائفي لأنه هو الطائفي وليس أنا".

خلاصة
لا ينكر على الكاتب ما يثيره من نقاط تعتبر إيجابية كمحفز على الحوار وليس على التبصيم بها وهناك عودة لباقي النقاط