(1)
عام على الثورات العربية المباركة،عام على بزوغ فجر الحرية من تونس الى سورية،عام على انتهاء عهد الطغم المجرمة السافلة التي ضيعت البلدان وضيعت الاوطان وامتهنت المواطنين...عام مجيد مضى حمل بذور الورد لأمة اعتقدنا انها ماتت منذ زمن على يد "حانوتي" حقير دفنها بالفساد.
كان من أجمل ما تمخض عنه هذا العام عودة ثقتنا الى أنفسنا كشعوب،وعاد احترامنا لذواتنا بعد ان فقدناه،وعادت نظرة احترام العالم الينا كشعوب حرة،والفضل للانترنت واليوتيوب ولشباب عرب لا اتصال لهم بسفارات اجنبية ولا يعرفون ما هي الانقلابات ولا يريدون من خروجهم تحقيق مناصب او مكاسب...يريدون فقط "حرية".
(2)
ومع ذلك يخرج علينا بعض المثقفين التافهين،الذين يحاولون ان يصوروا ان هذه الثورات "مؤامرات" على اوطان عتيدة!.... "ما شاء الله على هيك اوطان قبل 2011"..و "ملاّ مؤامرات"..بالله عليك هل هناك مؤامرة على ليبيا أكبر من وجود القذافي في الحكم؟!...بالله عليك هل هناك أي أفق للمستقبل في ليبيا على يد الساعدي والجاعدي وسيف الشيطان المسلطين على رقاب الشعب الليبي
ينفقون ملياراته في بارات اوروبا وعلى عاهراتهم في الوقت الذي يكابد فيه المواطن الليبي الويل ليعيش في بلده حد الكفاف!!؟
ثم خرج علينا "مثقفي العرب" المزعومين ليسموا ثوار ليبيا بــ"ثوار الناتو" في عهر لم أر له مثيل...في دجل حقير يمارسونه على الناس....وكأن الليبيين اختاروا ان يكونوا ثوار ناتو...وكأن هؤلاء المثقفين العرب عرضوا على الليبيين تدخل جيوش عربية ولكن الثوار الليبيين رفضوا واختاروا الناتو!!في الوقت الذي كانت فيه
راجمات القذافي تتجه الى بنغازي وتقصفها وتحمل لوحات مكتوب عليها "هنا كانت بنغازي".
لقد تخلى هؤلاء "المثقفون" على انسانيتهم عدا عن وطنيتهم وهم يرون افراد كتائب القذافي وهم يعتقلون "ليبيين" ليركعوهم ويطلبون منهم ان يقولوا
"الله معمر وليبيا وبس" ومن ثمة يطلقون عليهم النار،بربك هل هناك مؤامرة أكبر من هذه على كرامة الانسان وكرامة الوطن وعلى انسانية الانسان وروحه؟
بربك - يا مثقف- هل هناك أكبر من مؤامرة وجود بشار البعثي في الحكم مع رامي مخلوف -
الخائف على امن اسرائيل- وبقية الطغمة الفاسدة؟!...بالله عليك هل هناك أكبر من مؤامرة أنك تدخل الى بلدك سورية ومنذ ان تطأ رجلك مركز حدود البلاد لتلاقي "حماة الثغور" يستقبلونك من غربتك بكلمة حقيرة هي :"وين اكراميتنا؟"...و "شو جايبلنا معك من برة؟"....بالله عليك هل هناك مؤامرة أكبر من خنق المجتمع السوري والدوس عليه وامتهانه واحتقاره على يد جهلة مثل ارباب
الامن الذين يعتقدن ان "الفيسبوك" جهاز الكتروني،ويفتشون الشباب في المطارات ويسالونهم "معك فيسبوك ولاك؟"؟!
نأتي الى مصر...مصر التي كان وزير داخليتها برعاية رئيسه يدبر عمليات تفجير في الكنائس لمواطنيه حتى يبتز المجتمع الداخلي بالفتنة ويبتز المجتمع الدولي بالقاعدة؟...مع ان حسني مبارك كان الاطهر في اصحاب الجمهوريات العربية،وكان الأكثر احتراما للمجتمع المصري اذا ما قارناه ببشار او بالقذافي،لكن هل ذلك ينفي ان المجتمع المصري كان مجتمعا مخنوقا على عهده؟...هذا الشعب الذي اسميه "شعب الفنانين"..فنانين بكل شيء..بالبناء فنانين..بالحياة فنانين...بالفن فنانين..يتحول الى "عمالة" في دول المهجر؟!....ويتحول الى رقم في معتقلات مبارك...أو رقم قتيل في عبارة غارقة بفساد دولة كاملة!
ويخرج علينا بعض المثقفين متباكين على استلام الاسلاميين الحكم،ليثبت لنا ذلك ان الطبقة المثقفة في الوطن العربي هي عبارة عن "شوالات بطاطا" وليسوا "ادوات نخبوية" دورها ان تقود المجتمعات ببعد نظر وبفهم للتاريخ وتجهيز للمستقبل!،فبدل ان تكون معركة هؤلاء المثقفين هي معركة انتزاع الحرية وبناء نظام تعددي قائم على التداول السلمي...راحوا يناكفون الاسلاميين تارة..ويناكفون الامريكان تارة....ويحاولون ان يصوروا للعامة أن الله كتب علينا "الديكتاتوريات" التي تستمر بالحكم 50 عاما...حتى بدأ العامة يستشفون من كلام المثقفين أن من سيحكم البلد في هذه المرحلة هو اللي"يصحى من النوم الاول "...ليأخذ الحكم للأبد!!!
طيب معركتكم ليست مع الاسلاميين،وكلامي ايضا موجه للاسلاميين الذين لا يقلون سخفا وهبلا وهطلا،فمعركة الجميع هي بناء نظام تعددي قائم على تبادل السلطة وفق حكم القانون،وحينها لو اختار الناس القاعدة....طز...خليهم يختاروا...لأن الديمقراطية تصحح نفسها...وياما في الدول الديمقراطية استلم الحكم متطرفين واغبياء...لكن سرعان ما كشفتهم المجتمعات..وصوتت ضدهم ليسقطوا السقوط المذريع،ولا يوجد مثال أبلغ على ذلك من بوش والمحافظين الجدد الذي صوّت الامريكان "نكاية بهم" و "احتقارا لهم " لرئيس اسود!....وفعلا...صححت الديمقراطية نفسها وبنت لنفسها مجدا جديدا.
(3)
نحن نعيش حالة فوضى...نعم....وهي فوضى طبيعية تمر بها أي امة تعيش فترة انتقالية....بل لنا ان نفاخر أيضا...ان "الشرطة" تسقط في بلداننا،ومع ذلك فان الانفلات الامني لا يكون الا مجموعات حقيرة قد تكون مدفوعة من جهات سلطوية فاسدة...اما نحن كشعوب..فقد وقف المصريين العاديون يحمون المتحف المصري بصدورهم العارية في مشهد أذهل البشرية لحضارية هذا الشعب....وكان الليبيون ينظفون ساحة المحكمة في بنغازي يوميا ويقوم رجل يفوق عمره ال40 عاما وهو أب لثلاث فتيات بافتداء ليبيا بسيارته التي ملأها اسطوانات غاز ودخل فيها الى قاعدة الفضيل بن عمر..وذلك قبل ان يكون هناك ناتو وقبل ان يكون هناك مجلس انتقالي....أما السوريين فلم يكونوا أقل من ذلك فبنوا مستشفيات ميدانية لمعالجة جرحاهم ضد دولة العصابة،وعملوا على "احلال" انفسهم محل اجهزة النظام المجرمة.