الدلالة الأولى: إن الحكومة الإسرائيلية التي عبَّرت عن رغبتها في ملاقاة التصريحات الايجابية لجماعة الأخوان وحزب النور بشأن احترامهما لمعاهدة كامب ديفيد، بإبداء الحماس لفتح الحوار معهما، لكن تراجعها عن هذه الرغبة يبدو أنه جاء نتيجة حسابات جرى استدراكها في اللحظة الأخيرة لواحد من سببين:

الأول: إما لأن الأخوان، والسلفيين غير مستعدين الآن لفتح مثل هذا الحوار، خصوصاً بعد تصريح نائب مرشد الأخوان رشاد بيومي من أنه "ليس شرطاً للحكومة أن تعترف بإسرائيل، وأن هذا ليس وارداً أبداً مهما كانت الظروف، ونحن لا نعترف بإسرائيل على الإطلاق فهي كيان عدو محتل غاصب مجرم". وهذا ما يفسر مسارعة السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة يتسحان ليفنون إلى القول: "إن خطوة الحوار باتت من الصعوبة بمكان في الوقت الراهن، وأن فرص الحوار أصبحت ضئيلة".

الثاني: أو لأن "إسرائيل" شعرت بأن دخولها على خط الحوار مع الأخوان والسلفيين قد يؤثر سلباً على موقفهم في الشارع المصري، ويشوش على الدور الأمريكي واللقاءات الجارية على قدم وساق مع قادة الأخوان، وبالتالي الأفضل لـ "إسرائيل" ترك هذه المهمة للمندوب السامي الأمريكي جيفري فيلتمان الذي ينسق ويشرف على مثل هذه اللقاءات، تماماً كما فعل في تونس، الأمر الذي يصب في مصلحة إسرائيل، وهذا ما أوصى به مجلس الأمن القومي "الإسرائيلي" الذي دعا الحكومة "الإسرائيلية" إلى "ضرورة التكيف مع وصول الأخوان المسلمين إلى السلطة في عدد من الدول العربية، وعلى رأسها مصر، والى الاعتماد على الولايات المتحدة ودول أوروبية للتأثير على سلوك الأنظمة التي تصل فيها (الحركات الإسلامية) إلى سدة القيادة".

على أن السفير ليفنون كان أكثر وضوحاً حين قال: "إنه يجب علينا العمل قُدُماً مع الأطراف غير الإسرائيلية التي تتحاور مع الأخوان، وهو ما سيكون قناة للتواصل البناء معنا أيضاً". وذلك في إشارة منه للتعويل على لقاءات المسؤولين الأمريكيين ومبعوثي الدول الأوروبية مع الأخوان، ومدى أهميتها بالنسبة لإسرائيل ومصالحها.