فلنبقي إذا في حيز الجريمة..هل تظن يانيوترال -وأنت ممن يُشهد لك بالصراحة -أن هناك جريمة في الدنيا بدون علة؟؟!..قانون العِلّية هو الحاكم ..لا توجد جريمة في سوريا إلا ولها سبب مهما صوّر لنا الإعلام المزيف غير ذلك..فالحقيقة يلزمها تصور عام وشامل وليس علي طريقة ضربني وبكي وسبقني واشتكي..الفارق أنك كإنسان تري جرائم النظام حتي تشعبت الرؤية لديك لدرجة أنك لم تعد تري أي جرائم في الدنيا غير تلك الجرائم..اما معارضك فقد أنصف نفسه ولم يرضي بالزيف الإعلامي واستقي علمه وأخباره من الطرفين مما يسمح له بالحُكم الرشيد والموضوعي..كانت النتيجة أنه رأي أن كلا الطرفين يمارسان الإجرام...وأن الحرب الإعلامية بينهما كانت هي العائق أمام أي تفاهم إعلامي فانعكس ذلك علي السياسي فتعقد الوضع.

إلي متي سنظل نقول أن النظام ساقط لا محالة ونُمنّي أنفسنا في حين نشاهد هذا الكم من الضحايا يسقط في سوريا مؤيدين ومعارضين وأعدادهم تتزايد...فالشهداء في سوريا ظُلموا أحياءا وأمواتا..تاجر بهم وبأجسادهم البعض حتي أننا لم نعد لنري أي صورة لسوريا إلا ويشوبها الدم والذبح..هذا سلوك متطرف وعنجهي ولن يبني أمة أبدا..فالأمة التي تبني نفسها علي مشاهد الدم والذبح لا يمكن أن تنهض دون تجاوز تلك الثقافة الدموية التي ملأت أذهان الأبناء والأحفاد...

أقدر لك شعورك وأحترم رأيك ولا ريب، وأخلاقي تمنعني من مصادرته ولا حتي الإنتقاص منه..فمثلك الكثير داخل سوريا وخارجها..وأراك وغيرك ضحية لإعلام مزيف تجاوزت دلالاته حيز الرفض للفكرة وتعدتها إلي الهجوم عليها ونسيان مثالبها-في حين إيمانك بها-..كل هذا يضعنا في تساؤل صريح إلي متي سنظل نتوعد أنفسنا وغيرنا بالإنتقام للشهداء والوضع علي الأرض يزداد سوءا وهل هذا في صالح الشعب أم لا..وهل يظن إنسان أن هناك دولة بها شعب يختلف علي حاكمه نسقط عليها أحكام الإحتلال والإستعمار؟؟!..حدث ذلك بينما لا يفعله أي عاقل..ولكنه حدث فصوّر لنا البعض أن النظام السوري يحتل سوريا في حين لم يذكر لنا ما مصير مؤيديه وما مصيره هو ،وبذلك بني أولي درجات الدكتاتورية في نفسه قبل أن يؤهل نفسه حتي للحاكمية..

يازميلي الوضع أكبر وأخطر مما تتصور..المسألة لم تعد نظام يقمع شعب ، أو مظاهرات إصلاحية تُضحي من أجل أهدافها..هذه الصورة انتهت تماما منذ أول أسبوع منذ قيام تلك الثورة وقرار المعارضين بحمل السلاح في وجه النظام..أرادوا تكرار نموذج ليبيا فوقعوا في الفخ..الآن فقط جميع من كان يحمل السلاح في شتي المدن السورية أصبح هدفا للنظام، وهو الآن إما قتيل وإما أسير وإما مطارد، وفي كل الحالات هناك رصاص وهناك دم وهناك ذبح لن يُفرق بين كبير وصغير بين طفل وإمرأة مؤيدين ومعارضين..فالجميع مارس الإجرام..لا أطلب منك فقط إلا المرور الكريم علي موضوع رفيق كامل الخاص بجرائم المسلحين المعارضين وانتظر حتي تكتمل الصورة لديك..ودعك من كراهية بشار فكلنا نكرهه..

الخلاف في تلك الحالات يكمن في الوسائل..أنظر لموقف رئيس هيئة التنسيق السورية هيثم المناع وهو رجل ثوري معارض شريف، اضبط وسائله لديك وهل يرضي بأن يتاجر غيره بقضيته لاجل مصالحه؟...الرجل لم يرضي ذلك أبدا..وقد تسبب ذلك الموقف منه في خلافات مستعرة مع معارضي مجلس اسطنبول حتي اتهمه البعض بخيانة الثورة ، يحدث ذلك في حين لم يتزحرح قيد أنمله عن مطلب سقوط النظام..ولكن وسائله اختلفت معهم فاتهموه بالخيانة واتهمهم هم أيضا بالخيانة..فقط بمجرد طلبهم للدعم الأجنبي..كل هذا يضعنا في صورة سياسية مشوشة وغير واضحة المعالم تحكي بأن هناك أطرافا غير سورية تعمل علي تأجيج الأزمة، وأن المستفيد الوحيد مما يحدث ليس الثوار وليس الشعب السوري وليس مؤيدي النظام..بل المستفيد الوحيد هو من ذرف الدموع في مجلس الأمن من أجل شهداء سوريا وهو من تلطخت يديه بدماء الشعوب العربية والإسلامية..اشمئزوا من الفيتو الروسي وهم من أجرموا بحق شعب فلسطين بعشرات من الفيتو..

ليس المطلوب أن تتبني رأيي ، ولكن علي الأقل أن تقبله..فهو رأي الكثيرين من هذه الأمة سوريين وغير سوريين ..علماء وسياسيين ..مفكرين وعامّة..إذا هو رأي لا يُخوّن بحال..متي يُخوّن؟..يُخوّن فقط في حالة موافقته علي أي نوع من الإجرام بحق المدنيين العُزّل أو أن يوافق علي قمع تظاهرات سلمية إصلاحية..أو أن يرفض أي توجه إصلاحي يستهدف رحيل النظام مستقبلا..سوي ذلك فيدخل في دائرة السعة..قلت ذلك وأوجزت"تفصيلا"..لأنه أول حوار يجمعني بك..واحترمتك كإنسان شأنك كشأن أي عضو أو زميل يتحاور معي لأول مرة..لذلك لا تنتظر أن أن أتحدث بتلك اللهجة في كامل الحوارات والشرائط..فهي في الغالب تِبعا للظروف..وأحيانا ما نكون محكومين بسلوك وأخلاق وعقلية المحاور...معذرة علي الإطالة