عزيزي "ذا هولي مان"؛

كنت أتمنى أن تسمح لنا الظروف بمناقشة هذا الدستور بشكل معمق وبتحليل هادئ، ولكن كما ترى فإن الوضع بالوطن/البلد، لا يساعد كثيراً.
ولكن لدي بعض الملاحظات على هذا الدستور/المهزلة، بعد قراءة معمقة له:

1- الطريقة التي جرى بها استصدار الدستور لا علاقة لها بالمفهوم الفلسفي للدستور، فالدستور عقد اجتماعي وأقرب مفاهيم الدولةالحديثة للفلسفة، ولقد أُبعد عن تشكيله أي مثقف مستقل، فلا نعرف أي اسم مهم أو حتى غير مهم قام بالمشاركة باستصدار هذا الدستور.
فالعقود الاجتماعية يجب بها مشاركة جميع مكونات المجتمع بنخبها المثقفة الكبرى، وزعاماتها المؤثرة التي تعبر عن هذه المكونات، لكي لا يتم وضع دستور لا يعبر عن جميع مكونات المجتمع.
2- أيضاً من الناحية الشكلية، فلا يمكن قبول التصويت على دستور دون تحديد حد أدنى من نسبة من المصويتين، فبرأيي يجب أن يقوم نصف المسجلين للتصويت بذلك، وإلا يلغى التصويت.
3- الدستور يضع أسساً لمشروع إله، وليس لدستور عصري، فالرئيس بهذا الدستور لديه كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية، ولا أحد يمكنه محاسبته ولا محاكمته، إنه إله الذي وضع الدستور من أجله وليس إنساناً رئيساً.
4- تم تجاهل تام لحقوق الأقليات والمرأة كما ذكرت عزيزي، وتم تكريس دين الرئيس. فما هذا النظام الذي لم يستطع عبر ثلاثة أجيال أن يغير بالمجتمع ليستطيع وضع دستور يتجاوز مسألة دين الرئيس وجنسه؟!! بحق الله وزيوس والقرود السود والزرق ماذا كانوا يفعلون في هذا البلد خلال 50 سنة من حكمهم لنا؟!
5- تغيرت مادتان أتت بدلاً عنها العديد من المواد التي تكرس حكم الفرد، فبدلاً من المادة الثامنة جاءت مواد تعضد سلطة الرئيس بحال كون حزب البعث القائد للمجتمع والدولة.
والنقطة الثانية التي تغيرت أن الرئيس لا يمكنه أن يبقى أكثر من 14 سنة، ولكن من ناحية أخرى الرئيس لديه كل السلطات ليغير ذلك لاحقاً. أو ليضعوا لنا شخصاً من ذات النظام في ظل السلطات الإلهية للرئيس.
6- كل الدستور هو بالأساس "ضراط على بلاط" في ظل حكم عصابة أمنية لا تعتمد على الدستور في حكمها بل على قوتها. فنحن تحكمنا عصابة تقوم بما تريد كما تريد ومتى ما تريد ولا أحد يجرؤ على محاسبتها ولو كان هناك ستين ألف قانون ودستور يسمح بذلك.
القوانين والدساتير معطلة بشكل كامل، وظهر ذلك جلياً عند إلغاء العمل بحالة الطوارئ، فنحن بحالة أسوأ من الطوارئ، نحن تحكمنا عصابة لا يهمها قوانين ولا تعمل بها وهي فوقها بوجود شيء يبرر عملها قانونياً أو لم يوجد. وفي ظل تعتيم مخابراتي أمني تام.
7- الدستور يهمش بشكل تام عمل البرلمان، فلا نعرف من الدستور عن البرلمان غير أنه موجود وينتخب، ولكن كل سلطاته مهمشة ومعطلة وغير ذات أهمية أمام سلطة الرئيس كلي القدرة والمهيمن على الدستور والناس والعباد.

مودتي