وهل كان ينتظر أحد أن يصدر الحكم بالأعدام شنقا على الأمريكان المتهمين فى قضية تمويل لمنظمات المجتمع المدنى ؟
وهل هناك مصرى يعلم ولو شيئا قليلا عن القانون المصرى لا يعلم أن تلك القضية " جنحة " وليست جناية أو جريمة وبالتالى لا يتم حبس المتهمين أحتياطيا على ذمة القضية كما يحدث فى الجرائم الجنائية؟
وهل لا تعلم أن لجوء الأمريكان المتهمين الى السفارة الأمريكية بعد حظر سفرهم من مصر وعدم قدرة السلطات المصرية على تسلمهم أو أقتحام السفارة للقبض عليهم لما تتمتع به السفارة من حصانة دبلوماسية يساوى تماما وجودهم داخل أمريكا ؟

كنا نعلم كل هذا , بل كنت أعتقد أن مسألة صدور قرار بحظر سفرهم هو تصعيد لا مبرر له , اذ تكفى الادانة بحكم المحكمة على أن يتم أغلاق تلك المنظمات ومصادرة أموالها وممتلكاتها على أن يتم وضع أسماء المدانين على قوائم الممنوعين من دخول البلاد أو على قوائم المطلوبين لتنفيذ أحكام قضائية بحيث يتم القبض عليهم عند دخولهم مصر مرة أخرى .

الادارة الأمريكية تتحمل مسؤولية التصعيد فى تلك القضية بتدخلاتها فى أعمال القضاء المصرى , ولو لم تتعامل الادارة الأمريكية مع تلك القضيه بمنطق التعالى والتهديد بقطع المعونة الأمريكية لسارت تلك القضية مسارها الطبيعى , لكن فى النهاية كنا نعلم أن القضية ستنتهى بحكم البراءة أو الغرامة المالية أو بالسجن مع أيقاف التنفيذ أو بترحيلهم خارج البلاد مع وضعهم على قوائم الممنوعين من دخول البلاد مرة أخرى,مسألة رفع حظر سفرهم لا تمنع صدور حكم قضائى يشتمل على أحد الأحكام السابقة .

المحكوم عليهم بالسجن بالمؤبد وبالاعدام شنقا فى قضايا التجسس لصالح العدو فى وقت الحرب كثيرا ما يتم العفو عنهم أو تسليمهم فى صفقات تبادل للجواسيس والأسرى , فعلها عبد الناصر عندما سلم أسرائيل جواسيس فضيحة لافون مقابل أسرى 67 , وفعلها السادات عندما أسترد جواسيس وعملاء مصريين مقابل أسرى 73 كما عفا عن أنشراح وولديها نبيل ومحمد أبطال قصة " السقوط فى بئر سبع" بل ورحلوا الى أسرائيل , وفعلها مبارك أكثر من مرة وأخرها عزام عزام لحرصه على عملية السلام مع الاسرائيليين , فماذا كنت تنتظر بعد أدانه أمريكان فى قضية تافهة مثل تلك؟!