بكل محبة أحيي روحكم وغيرتكم على الوطن.
الأصدقاء الأعزاء:
جمع البخاري في صحيحه عدداً من الأحاديث فاقت مقدرة العقل البشري الحكيم والحصيف على تصديق ما جمعه، عدداً فاق المئتي ألف حديث بكثير، في الوقت الذي أجمع عليه علماء الرأي والعقل أن ما صح منها لايجاوز 2800 حديث، هذه هي مشكلتنا في النقل والتدوين عبر تاريخنا العربي والإسلامي.
هنا نصافح بعضنا بعضاً ونمد يدنا لكل محب ومخلص يقف في محراب هذا الوطن ويسعى أن يرفع أعمدته كي يشمخ سقفه عالياً، ولسنا في مقاهي وزواريب باريس بين دعاة القتل والتشريد والتجزئة والتنكيل، لسنا على شاطئ العراة، أو في المقاهي والنوادي الليلية.
هنا نبني الألفة والمحبة والمودة، ونزرع الياسمين الدمشقي في جبال الساحل، وزعتر الساحل في سهول حوران، وقمح الجزيرة في غوطة دمشق، هنا نبني ونزرع لا نهد ونهدم، هنا حيث تورق الوطنية وتتجذر في عقل كل عربي، على أبواب قاهرة المعز وأسواق كل مدينة عربية، يشع نور الحضارة العربية، ويزهو التاريخ العربي بأمجاده، هنا نخط تاريخنا بدمائنا ونرسم علم وطننا .
يجب أن نفرق أولاً بين الثورة على الوطن والثورة من أجل الوطن.
لأنني تربيت على موسيقا ثورة يوليو المصرية وثورة آذار وشباط في كل من سورية والعراق والثورات في بقية أقطار الوطن العربي.
المشكلة أنني ما زلت أعيش عصر الخنساء والصعاليلك لاعصر أليسا ونانسي عجرم والفيس بوك والتويتر! رغم أنني لاأنكر الدور الإيجابي لم حققته وسائل الاتصال والتقنية المتطورة في العالم، لكن يا أصدقائي عندما اكتشف ألفريد نوبل أن ما اخترعه استخدم لأغراض تدميرية اقدم على الانتحار!.
أنا شخصياً لا أومن بثورة أنتجتها وسائل الإعلام، بقدر إيماني بثورة لها قيادتها وأهدافها ومنطلقها، كانت دوماً وجود قيادة للثورات التي ذكرتها آنفاً هي قبل أي حراك شعبي، وكانت خططها مرسومة وأهدافها محددة وواضحة قبل أي انطلاقة، لكن ما حدث ويحدث الآن في الوطن العربي من ثورات هو العكس، انتفض الشعب في تونس وانتقل الأمر بالعدوى لأقطار أخرى معتبرين أن التربة التونسية تصلح لزراعة مثل تلك الانتفاضات، وعملت وسائل الإعلام على تضخيم هذا الأمر والمشاركة في ركوب موجة هذه الانتفاضات حتى ظن البعض منه أنه صانع ومنتج للثورة، في الوقت الذي يجب على كل متعلم ودارس للتاريخ والسياسة أن يعي دور الإعلام الذي لا يخرج عن نطاق لعبة الأمم .
أنا لست متفائلاً منذ البداية بالثورات العربية لأنها لاتشبه الثورات العربية التي اندلعت سابقاً، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن تلك الأمر الآخر الذي أسوقه هنا: هو أن الدولة عندما تفكر بمنطق الفرد فلا بارك الله بها من دولة، والسلام على روحها.
السؤال الذي يواجه الثورات العربية المزعومة الآن أيها الأصدقاء:
ماذا تحقق على أرض الواقع وماذا سيتحقق؟، لا اعتقد أن الشعب نفسه يعرف ولا القيادات التي امتطت ظهر هذه الثورات تعرف وعودة الشغب إلى تونس ومصر الآن دليل على ذلك.
لقد تم تصوير الواقع السوري أيها الأعزاء كأنه في العصر الطباشيري، ومن حولنا يعيشون مع أفلاطون في جمهوريته ومع الفارابي في مدينته الفاضلة، ليس هكذا تساق الإبل إلى المورد أيها الأعزاء، إن كان هناك نظام ديكتاتوري فاسد، عميل خائن، فهذا لايسوغ القيام بأعمال تنافي كل شرائع الأرض والسماء، إننا في مرحلة ينبغي فيها على العاقل الحكيم أن يتجنب الفعل الذي الثورات ليست فقط تراوح في مكانها بل تراجعت بالبلد نحو الوراء.
يجب أن يعترف الجميع أن للقلم مكانه وللسيف مكانه أيضاً!
مع خالص الحب والتقدير للجميع.
........
ذكّرتني يا عزيزي بما قلتُه في بداية أمسية شعرية ضمن مهرجان شعر كبير وحيث كان الحضور يصفقون لكل من يطلع عليهم دون تمييز
قلتُ وقتها:
(يا مَن تصفقون لكلِّ مَن هبَّ ودبْ
تبَّت يداكُم كما " تبَّت يدا أبي لهب وتبْ ")
تحياتي إلى العزيز بهجت
على أمل التواصل الدائم.