RE: هل نتقاسم الوعي مع الآلهة؟
إن مفتاح فهم الوعي هو " الطنين الكهرطيسي الفزيولوجي"
إن ظاهرة الطنين أو التردد بشكلها الكهرطيسي لا يعرفها الكثيرون , وهي معروفة في شكلها الصوتي فقط , فالطنين الكهربائي و الكهرطيسي عرف حديثاً . عندما تعرفت على الطنين الكهربائي دهشت لهذه الظاهرة , ووجدتها عجيبة , فدارة الطنين الكهربائي الأساسية مؤلفة من ملف ومكثف ضمن دارة كهربائية مغلقة , هذه الدارة يمكن أن يجري فيها تيار كهربائي متناوب , فإذا كان هناك دارة كهربائية تماثلها في قيمة الملف والمكثف وقريبة منها , عندها ينشأ فيها تيار متناوب ويكون هذا التيار المتناوب تردده مماثل لتردد الدارة الأساسية , هذه الظاهرة هي أساس كافة أنواع الاتصالات اللاسلكية .
إن كافة الأحاسيس الموجودة لدى الكائنات الحية تعتمد على استقبال تأثيرات الترددات المختلفة بواسطة المستقبلات الحسية لديها , وتحويلها إلى نبضات كهربائية عصبية , فقرون الاستشعار, والسمع , والبصر والشم ... ألخ , تعتمد على استقبال الترددات , فالصوت , والضوء , وكذلك الشم , وكما نعلم هما تردد لأمواج صوتية و كهرطيسية وكيميائية . فأساس عمل كافة الحواس لدي الكائنات الحية يعتمد على آليات تحول " تأثيرات الترددات " بأشكالها المختلفة , إلى تيارات كهربائية عصبية على شكل نبضات ترسل إلى الدماغ , وهو يقوم بتمييزها عن طريق مراكز كلّ منها مختص باستقبال نوع معين , وله القدرة على تحويل ما يصل إليه من تيارات كهربائية عصبين آتية من المستقبلات الحسية , إلى طنينات كهربائية فزيولوجية عصبية تتناسب معها , في خصائصها الأساسية , طبيعتها , وقوتها , وزمنها , أي في الأساس للأحاسيس زمن تقرع فيه . وكافة الأحاسيس هي طنينات كهربائية فزيولوجية عصبية .
إن الوعي الذاتي هو : وعي بطنينات حسية ,أو بأفكار على شكل طنينات حسية . فهو طنين لطنينات حسية , أو طنين يتم تكرار بثه وانتشاره , فيصبح شامل أغلب بنيات الدماغ . وهذا يماثل البث الإذاعي أو التلفزيوني . لهذا يمكن أن نحل مشكلة الوعي عندما نعرف كيفية حدوث " الطنين الحسي الأولي الخام " , وكيفية تفاعله مع باقي الطنينات الحسية , وكيفية انتقاله وتفاعله مع بنيات الدماغ , وكيف يبث في الدماغ .
إن الوعي مؤلف من الأحاسيس والمشاعر و الأفكار , فالأحاسيس هي التي تشكل الوعي في الأساس وبانعدام الأحاسيس الخارجية والداخلية يستحيل تشكل الوعي . وتنتج الأحاسيس في أول الأمر, في بداية الحياة , عن المستقبلات الحسية وهي الأعضاء أو الخلايا التي تحول أنواع معينة من المؤثرات(الداخلية أو الخارجية) إلى تيارات عصبية ترسلها إلى مناطق معينة في الدماغ وهناك يتم الإحساس . واللحاء هو أكبر وأوسع هذه المناطق , ففيه مناطق متنوعة و متخصصة لاستقبال واردات المستقبلات الحسية . وهناك أيضاً الدماغ القديم وفيه المنطقة الشمية وتحدث فيه أحاسيس أولية أساسية , واللذة والألم هما الذيين يبنيا المعاني , و ينتجا الانفعالات بتعاملهما مع الغدد الصم , وبالتالي إنتاج ظواهرها وتأثيراتها. ففي تلك المناطق إن كان في اللحاء أو الدماغ القديم يحدث الإحساس , فهذه المناطق هي التي تحول التيارات العصبية الواردة من المستقبلات الحسية إلى أحاسيس ومشاعر وانفعالات . فالذي نحسه ونشعر به(بشكل أولي) هو ما ينتج عن التيارات العصبية المرسلة من المستقبلات الحسية , بعد تأثيره في المناطق الحسية في الدماغ , وهي التي تنتج الأحاسيس الأولية , وأيضاً المركبة و الإدراكات المتطورة .
فالمستقبلات الحسية ترسل تيارات عصبية إلى الدماغ ومن ثم إلى مراكز الإحساس , نتيجة تأثرها بالمثيرات المتخصصة لاستقبالها , وذلك بعد تحويل هذه المؤثرات إلى تيارات عصبية تناسبها , أي تشفرها(من حيث طبعتها وشدتها وكميتها وزمنها ...) برموز على شكل تيارات كهربائية عصبية , ويكون ذلك على شكل نبضات كهربائية عصبية ذات خصائص محددة . فالدماغ يستقبل تيارات كهربائية عصبية وليس أحاسيس , وفي الدماغ يتم ( قرع أو طنين الأحاسيس ) في مراكز الإحساس بما يناسب تلك التيارات الواردة . , وهذه الطنينات تابعة للخصائص الفيزيائية والفزيولوجية والكهربائية لمراكز الإحساس في الدماغ . والطنينات الحسية "الأساسية أو الخام" لدينا متشابهة بشكل كبير بيننا إلى حد التطابق الألوان والأصوات والروائح . . . وكل نوع من المستقبلات الحسية ( سمع ونظر وشم ولمس . . .) يرسل تياراته إلى مناطق محددة في الدماغ وتكون مخصصة لاستقبال هذه التيارات وهذه التيارات تكون قد شفرت حسب المؤثرات التي تلقاها وتأثر بها المستقبل الحسي , وكل مستقبل حسي يطن أو يقرع , أي يمثل المؤثرات المختص بها بآليات معينة .
من هذا المنظور نحن لا نحس نتيجة تأثراتنا بالواقع إلا ما تتأثر به مستقبلاتنا الحسية , وبالذات ما تنتجه من تيارات عصبية يتم استقبالها في مراكز الإحساس في الدماغ . أما الواقع الذي أنتج هذه التأثيرات, فهو معرّف أو يعرف " فقط " بما أنتج من تأثيرات على المستقبلات الحسية , وبالطريقة التي قامت هذه المستقبلات بتشفير هذه المؤثرات , فهذه المستقبلات هي التي تحدد وتعين لنا الواقع بشكل أولي وأساسي . وكل ما لدينا من أحاسيس ومفاهيم ومعارف تم بناؤه أو تعلمه من واردات المستقبلات الحسية التي وصلت لمراكز الإحساس في الدماغ , وبعد تفاعله ومعالجته في بنيات الدماغ . فالذي يرد من المستقبلات الحسية يعدل ويصحح ويطور, ليصف ويفسر الواقع بشكل أوسع وأشمل وأدق وأصح, وذلك نتيجة عمل ومعالجات الدماغ . والذاكرة أيضاً هي الطنينات الحسية التي تنتج عن إثارة المسارات العصبية لمحاور ومشابك الخلايا العصبية التي تقرع الإحاسيس نتيجة التفكير أوالتذكر , وهي ليست أتية من المستقبلات الحسية
فكما ذكرنا يمكن أن نحل مشكلة الوعي عندما نعرف كيفية حدوث الطنين الحسي الأولي الخام , وكيفية تفاعله مع باقي الطنينات الحسية , وكيفية انتقاله وتفاعله مع بنيات الدماغ , وكيف يبث في الدماغ . إن هذا يشبه عمل الأجهزة الإلكترونية ولكن أعقد بمراحل كثيرة لأن دارات الطنين الكهربائية الحسية هي دارات فيزيائية وكيميائية و فزيولوجية معقدة كثيراً , فالتفاعلات الفزيولوجية تعقد كثيراً عمل تلك الدارات , بالإضافة إلى التعقيد الهائل جداً لمسارات تلك الدارات . ولكن مع كل هذا يمكن أن نقلد صنع الطنينات الحسية وبدقة كبيرة , بواسطة دارات إلكترونية فقط , واختصار التأثيرات الفزيولوجية بتمثيلها بدارات إلكترونية , أما من ناحية تعقيد اتصالات الخلايا العصبية فيمكن اختصاره بشكل كبير وذلك بتنظيمه , ومع ذلك تبقى مشكلة الوعي الذاتي تبقى معقدة وصعبة .
|