هل نكتب الشعر للتسلية وتزجية وقت الفراغ ؟

إذا كان الأمر كذلك , فعيب عليك أن تتسلي بفن من الفنون الراقية , وإن لم يكن , فاعلم أن من وراءك رقيب عتيد

كتب أحدهم في هذا الشريط أشياء كثيرة أسماها شعرا وما هي من الشعر بشئ

( هيه اتوكلنا ع اللي بيوكلنا )

القصيدة الأولي

مجروح الليل مشرده .. مقروح الجفن مسهده

الحزن يُطَفّأ موقده .. و الفرح يجافي مرقـــده

عجبا لهواك و أعجبه ...وصل كالبين أكابده

كل العشاق أشاطرهم ..لوعات الحب و أفقـده

أحببتك لكن أحسبني .. أحببت الليل و فرقـده

تنأين فلحظك مغترب ..و القرب خصامك يبعده

ما أغرب نأي في قرب ..خوف الواشين ينكده

العمر سيمضى و سنبقى .. نتعاتب كيف نبدده

و بأني خنتك في حلـــــم ..و النوم يعز تصيده

إن كان حبك فردوسي .. فجحيم الظن سيفسده

***************

عيناك قد شفت وجدآ .. فإلام فؤادك يجحده ؟.

فدعيه يعبق إحساسي .. بأريج الحب و يسعده

ودعيه يطير بأيامـــــي ..إل نجم طال ترصـــده
ودعيه (يشيطن) أحلامي .. قديسا ينشأ معبــده


شاعت المعارضات الشعرية في أدبنا العربي حتي كونت تراثا عظيما نسميه المعارضات وكثير من القصائد التي كتبها الشعراء جاءت أكثر بهاء وجمالا من القصائد التي عارضوها غير أن (أحدهم ) كتب هذا الكلام السايق معارضة لقصيدة ( يا ليل الصب متي غده ) وهي قصيدة مشهورة وظن ( أحدهم ) أنه كتب شعرا , وللشعر أصول وهو كما قال زهير الشعر صعب وطويل سلمه لا يرقي فيه الذي لا يعلم , والقصيدة الأصلية للحصري نموذج فريد من نوعه وعندما كتب ( أحدهم ) هذه المعارضة سقط في أخطاء شكلية ولغوية وبنائية كما سقط في ترتيب المعاني .
فأما أخطاؤه الشكلية فهي تتصل مباشرة باليناء العروضي فقد التزمت القصيدة الأصلية بالتفعيلة فعلن بتلاثة متحركات وساكن في العروضة وهي التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول في كل بيت ولكن ( أحدهم ) أوردها في أكثر الأشطر فعلن بمتحرك فساكن فمتحرك فساكن وذلك في قوله ( ما أغرب نأي في قرب ) فكلمة ( قرب) وزنها متحرك فساكن فمتحرك فساكن وهو ما لم تفعله القصيدة الأصلية لأنه من أقبح الضرورات في هذا البحر وكذلك قوله ( فردوسي ) مثلها مثل كلمة ( قرب ) السابقة في الحروف الأربعة ( دوسي ) إذ نحن نقبل ذلك في الحشو وهي التفاعيل الثلاثة الأولي من كل شطر في هذا البحر ولا نقبلها في التفعيلة الأخيرة سواء في صدر البيت أو عجزه وكذلك في قوله ( وجدا) وقوله (إحساسي ) وقوله ( أيامي ) وقوله ( أيامي ) وقوله ( أحلامي ) وكلها أخطاء في التفعيلة الأخيرة من الأشطر الأولي .
غير أن أن هذا الخطأ ليس شيئأ إذا قيس بأخطاء القافية فالأصل في القصيدة أن قافيتها هي حرف الدال وليس الهاء كما ظن ( أحدهم ) وقد جاءت الدال مرفوعة والتزمت الرفع علي حركة الضم في القصيدة الأصلية ولكنها جاءت عند ( أحدهم ) مفتوحة مرات ومضمومة مرات أخري وهو خطأ يسميه العرضيون الإقواء .
إن إلتزام حركة الروي أمر بديهي في القصيدة العمودية وأنا مندهش كيف وقع ( أحدهم ) في مثل هذا الخطأ فقد قال (مشرده ) و (مسهده ) بضم الدال ثم قال ( الحزن يطفأ موقده ) وكلمة ( موقد ) مفعول به للفعل يطفأ فهي واجبة النصب بالفتحة علي الدال وكذلك قوله ( والفرح يجافي مرقده ) فكلمة ( مرقد ) مفعول به مفتوح الدال وقوله ( أحببت الليل وفرقده ) فكلمة ( فرقد ) منصوبة مفتوحة الدال أيضا لأنها معطوف علي الليل التي وقعت مفعولا به وهو أمر يؤكد أن ( أحدهم ) لا تعوزه معرفة أصول الشعر فحسب ,إنما تعوزه معرفة اللغة أيضا وهو أمر مثير للضحك وأحب أن أسأله كيف يستقيم وزن الشطر ( إن كان حبك فردوسي ) وعليه أن يشرح لي وزن هذا الشطر دون أن يمد فتحة النون في الفعل كان فيجعلها ألفا , كما أريد أن أسأله عن قوله ( إل نجم ) أيقصد النجم ؟؟ ولكنه ضرب باللغة عرض الحائط فجعل أداة التعريف بهمزة قطع مكسورة أم يقصد شيئا بقوله ( إل ) ثم شيئا بقول ( نجم ) أم لعله ينحت لغة ثالثة .
علي أن الكارثة هي في بناء المعاني كما في قوله ( نتعاتب كيف نبدده ) , أيقصد تبادل العتاب بعد ضياع العمر , إذا كان يقصد ذلك فكيف استقام المضارع هنا ؟؟ والفصيح نتعاتب كيف بددناه , وقد قال القرآن في سورة المائدة ( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم ؟؟ ) فجاء بالفعل أجبتم في صيغة الماضي الدالة علي انقضاء الفعل أما هذا الـــ ( أحدهم ) فقد جاء التبدد عنده في صيغة المضارغ علي الرغم من انقضاء العمر وضياع الحب , وكيف جاز له أن يقول ( أشاطرهم لوعات الحب وأفقده ) , أيقصد فقدان الحب المضاف إلي اللوعات أم الحب المجرد منها وما الألم في فقدان حب مضاف إلي اللوعة أم يقصد أنه فقد الحب نفسه وهو أمر لا يستقيم من جهة اللغة لأن الهاء في قوله أفقده لا تعود إلي غير الحب المضاف إلي اللوعات أنه أقرب مذكور , وما معني قوله ( ما أغرب نأي في قرب , خوف الواشين ينكده ) أيعود الضمير في الفعل ينكده علي النأي أم علي القرب وإذا كان يعود علي النأي فما معني أن ينكد خوف الواشين ذلك النأي , وإذا كان الضمير يعود علي القرب فما معني أن ينكد خوف الواشين قربا هو في ذاته نوع من النأي .

أما هذا البيت
و بأني خنتك في حلـــــم ..و النوم يعز تصيده
بالله عليكم يا من تعرفون أي شئ عن الشعر أو النثر أن تقولوا لي ما العلاقة بين صدر البيت وعجزه ؟؟ ( وبالبلدي ) ما العلاقة بين الشطرين ؟؟

وهذا البيت يا ( أحدهم )
الحزن يُطَفّأ موقده .. و الفرح يجافي مرقـــده
أالحزن يطفأ الموقد أم يؤججه ؟ , ثم تعال هنا هل تقصد بالموقد المطفأ هنا ( الفرن بتاع البوتاجاز ) ؟
وما أهمية أن يكون الموقد مطفأ أو مؤجج ؟

أشهد الله أنني بذلت النصح لــــ ( أحدهم ) مخلصا ومتجاوزا عن كثير من الركاكات في التراكيب التي يجب ألا يسقط فيها ناثر مبتدئ فضلا عن ( أحدهم ) يزعم لنفسه أنه يكتب الشعر .

كوكو