الزملاء الأكارم تحية؛

لقد خصصت بعنوان موضوعي اسم زميلين، ولهذا سبب أساسي، وهو أنهما إما يكرران كلام وحجج هيئة التنسيق كالزميلة هالة، أو يعتبرونها : معارضة ناضجة كالزميل "هولي".
ولأنني قمت بقراءة صياغاتهم الفكرية بشكل أعتبره متأنياً وجيداً جداً، ولأني أختلف معهما أيما اختلاف، فلقد فضلت إفراد موضوع للحديث عن هيئة التنسيق بشكل تحليلي لا بشكل انفعالي.

بداية فإن الزميلين العزيزين يأخذان على المجلس الوطني وبقية التيارات الوطنية السورية المعارضة ارتباطها بأجندة خارجية، وأحياناً بشكل استفزازي بالنسبة لمن يدعم بعض مقولات تلك المعارضة ولا سيما التدخل الخارجي والذي يدعمه الداخل بقوة، بل لا نراه متبنياً بشكل قوي من المجلس الوطني مثلاً.
وكذلك فإننا نأخذ الكثير على المعارضة الخارجية ولكن لا شيء فيها له علاقة بهيئة التنسيق فنحن لا نعتقد بأنها معارضة أصلاً، ولا تملك لا حلاً للوضع الذي نمر به، وليست فئة معارضة ولا تملك لا رؤية ولا آليات عمل، ولا قاعدة على الأرض نهائياً، وكذلك فإنها معارضة خارجية بنهاية الأمر.

نبدأ ببعض الإشكاليات التي لا بد من الرد عليها:
أولاً: هيئة التنسيق بمفهوم السياسة الدولية، مخترقة تماماً، وهي -وإن كان يرى البعض بالمجلس الوطني أنه متعلق بأجندة خارجية-، فمن الواضح أن هيئة التنسيق أكثر تعلقاً بأجندة خارجية ودورها يتلخص بما يلي:
1. هيثم المناع، وعلاقاته الدولية، فلولا وجود هيثم لما وجدت الهيئة، الهيئة والمناع ذات الشيء، ومن يقول غير ذلك يكذب على نفسه، فالهيئة لا أهمية لها نهائياً وستكون أكثر تهميشاً من تيار بناء الدولة (لؤي حسين) لولا المناع، والمناع لعبة بيد روسيا وإيران (والدلائل كثيرة).
2. نضج فكر الهيئة المعارض: هذه الفكرة خدعة عظيمة، فليس كل وسطي ناضج، فهناك أمور لا يمكن فيها الوسطية. فالعرب ليسوا وسطيين فيما يخص صراعهم مع إسرائيل، فهل هذا يجعلهم على خطأ، وبذلك يكون الوسطي الذي يقول بالتطبيع على حق؟
الوسطية بكل بساطة إن كانت بلا وسائل للحل هي "مياعة"، وهيئة التنسيق لا تملك أي رؤية وآليات لحل الأزمة السورية، بل المناع يقضي طول وقته ينتقد الثورة السورية، لا النظام السوري. فما هذه المعارضة التي لا تملك شيئاً على الأرض، وتكره الثورة وتكره المقاومة، وتسوق لقوة النظام، ثم نقول بأنها ناضجة؟!
ما هي شرعيتها؟ هل هي تحليلاتها كما قال زميلنا "هولي مان"، ما أكثر التحليلات يا زميلي، فلقد قيل في القضية السورية والثورة السورية أكثر مما قيل في الخمر، والمحللون على "قفا من يشيل".
ولكن السؤال ماهي الرؤية الناضجة الحقيقة والعملية على الأرض لحل الأزمة، لا تحليلاً للوضع، أستطيع أن أكتب أضعاف أضعافه وبحرفية أكبر. ولكن هل نملك مثل هذا الترف، والناس تموت والوطن يُعدم؟


ثانياً : نقاط عامة حول هيئة التنسيق:
3. ملاحظات حول حجج مختلفة:
- أن الزميلة هالة، كثيراً ما تنقل بأفكارها أفكار هيئة التنسيق، لا أكثر ولا أقل، وأنها تستقي رؤيتها بشكل تام منها. مما يؤدي لقصور رؤية عميق، وتضحي الزميلة التي كانت ألد أعداء النظام السوري، وفجأة مؤيدة له. لأنه تكره بديله (كما تعتقد من خلال نافذة المناع).

- كل سياسي سوريا هواة اليوم، وهذا صحيح ولقد حلل ذلك الزميل "هولي" بشكل صحيح، ولكنه توقف أمام هيئة التنسيق (أو هيئة المناع) لنكتشف أن لدينا "لا هواة" في هذه الهيئة، وهذا غير صحيح، بل أعرف المزيد عن هيئم المناع الذي لم أحبه منذ بداية الأحداث، وأعرف أنه بحث منذ بدايتها عن دور وكان يشحد هنا وهناك عن هذا الدور.
المناع كبقية المعارضة، هاوي في سوق السياسة، ولا نضوج لديه، والدليل أنه لم يصل بنا لحل رغم أنه ناشط منذ بداية الأحداث بسوريا. فلم يستطع القيام بشيء إلا ضربه للثورة بشكل دائم والطعن بظهرها. بل ويصور نفسه أحياناً أنه ناشط عظيم، رغم أنه منبوذ بسوريا ولم يكن لأحد علاقة به فعلياً على الأرض.
فهيئة التنسيق لا علاقة لها بالأرض ولا علاقة لها بالمعارضة ولا بالناس، فما الفرق بينها وبين محلل بارد في مجلة الجارديان أو اللوموند أو النهار؟

4. الحقيقة التي ربما لم يتعرف إليها زميلانا بشكل جيد وهي حقيقة ما يحدث بسوريا. ففي سوريا تم تهميش المعارضة أياً كانت، وهناك ثورة. وهذه الثورة ستنتصر، لأن الناس لن تتراجع بكل بساطة، إن انتمى المثقفين لها أم لم ينتموا .. سيان ...
عدم انتماء المثقف لها وعدم دعمها لن يوقف الثورة وسقوط النظام، بل سيقوم بإسقاط المثقف، وسيحيل سوريا لطبقة جديدة من المثقفين، المثقفين الثوريين الحقيقيين، لا المقلدين الببغائين الذين لا يؤمنون بالناس كما يؤمنون بالأيدولوجيا.
صحيح أنه من المؤسف عدم وجود قوة سياسية مثقفة تقود الناس، ولكنه ليس أمراً نلوم عليه الناس، بل نلوم عليه النظام أولاً والطبقة إياها ثانياً، وكل من ينأى بنفسه عن حراك الشعب ثالثاً، وكل من يطالب الناس بثورة نظيفة مرتبة كما قرأ في الكتب "المؤدلجة/الكاذبة/المنقحة" في مقعده المريح رابعاً.

5. الطبقة السياسية الإسلامية، هي طبقة سياسية كغيرها من طبقات المشهد السياسي العربي، يجب احترامها والتعامل معها كما هي، ومحاولة محاربتها بأدوات الديمقراطية، لا بالسلاح والنار. بل بالفكر واحترام خيارات الشعب ان اختارتها.
ومن لا يحترمها كقوة موجودة بالمجتمع فهو لا يحترم حقوقه هو بالوجود، ويعلن الحرب على المجتمع بأكمله. إذ أنه يريده أن يكون كما يفكر، لا أن يكلف نفسه ليقنعه بما يفكر.

6. هيئة التنسيق مدعومة من قبل النظام بشكل كبير، ويظهر ذلك جلياً من خلال إعلام النظام. فهي هيئة مخترقة للمعارضة بعلمها أو بغير علمها، فلقد استفادت من شهرة هيثم المناع وعلاقاته لتكوين صورة لمعارضة مخالفة للمجلس الوطني، يوجه طعنة لوحدة المعارضة. وما حسن عبد العظيم العجوز إلا واجهة داخلية هامشية جداً. ومن المثير أن حسن عبد العظيم اعتقل أياماً قبل تشكيل الهيئة ليشكل له ذلك اسماً (وهو لم يكُ معروفاً بسوريا قبل ذلك) وأذكر كيف كان يقول أن فلان وفلان من كبار السياسيين تدخلوا لإخلاء سبيله.
هذه المعارضة كانت ستكون بأحسن الأحوال كتيار بناء الدلة (وعلى فكرة النضج السياسي التحليلي أعظم بكثير لدى تيار بناء الدولة ولكن ما عندها حدا يطلع كل يوم بالمنار وبالعالم وغير مدعومة من قبل النظام السوري).


خالص تحياتي