إنها مفارقة عجيبة بالفعل أن يستطيع سوري مثلي أن يرى - وببساطة- طوائف بعض "المخضرمين" وميولهم السياسية الحقيقية (النابعة دائماً من نوازع طائفية أولاً ثم قبلية أو أسروية أو مزاجية أو مصلحية ثانياً). هذا في الوقت الذي لا يستطيع فيه أي مراقب خارجي أن يفهم "راسو من دك البستان" كما نقول بالشامية.

يعود بي هذا الحوار إلى أيام حوارات أيام الحرب الأهلية اللبنانية التي كان اللبنانيون فيها "يطجون" ختم الجهل في وجه كل من هو غير لبناني يدخل غرف حوارهم أو قنواتها أو صفحاتها على الإنترنت. كان معهم حق من وجهة نظر معينة، فقلة قليلة من العرب يدركون تعقيد الوضع الطائفي في ذاك البلد. ولكن من وجهة نظري كانوا أناس تعساء مرضى يهربون من كلمة السواء ومن انكشاف أحقادهم الطائفية من خلال استجهال الآخرين.

والآن يأتي أناس مثل الشاعر "دياب" الذي يريد لثورات اليوم أن تشابه ثورات الأمس كي يتفاءل بها:
{{‎نا لست متفائلاً منذ البداية بالثورات العربية لأنها لاتشبه الثورات العربية التي اندلعت سابقاً}}
أو مثل "نظام الملك" الذي يصفع مؤخرة ضميره بعبارة:
{{‎لهذا ندائنا لإخواننا السوريين بوقف نزيف الدماء لا يكون حبا لبشار الاسد ولا دعما له ولكن لأن بشار فى معظم امره كان مضطرا...}}
هؤلاء ليسوا أكثر فرقاً من تلك الفئات في لبنان. هم أناس مستعدون لأن يأخذونك إلى أبعد نقطة في أبعد بحر في حواراتهم وذلك فقط كيلا يفصحوا عن حقيقة انتماءاتهم... الطائفية.