سيرة و انفتحت.
بالرغم أن العلماني طارح الشريط هجره على ما يبدو ، و بالرغم أن السامر انفض ، و لكني أعود للشريط مرة ثالثة ، لأنها سيرة و انفتحت و لأن هذا الشريط يطرح ضمنيا قضية أراها ملتبسة و تحتاج إلى إيضاح .. قضية قراءة التاريخ وهو يصنع أمامنا ، فمهما كانت وجهات النظر و سواء كان ما يحدث في المنطقة كلها – سوريا جزء منها في النهاية – هو للأحسن أو الأسوأ ، فالمنطقة تمر بمنعطف تاريخي و حراك سياسي غير مسبوق في كل تاريخها الحديث ، ربما لا سابقة له سوى مرحلة الإستقلال الوطني و ثوراته 1919 في مصر و نظائرها في العالم العربي .
هناك من يعتقد أن التاريخ يفكر مثلنا و لهذا يصر أن يضعه في قاعة الدراسة و يشرح له كيف يعمل !، من هؤلاء المثاليون مثل أدونيس و الحتميون الشيوعيون ، هؤلاء يغضبون لأن التاريخ لا يفهم ولا يعرف مصلحته و لهذا يرتكب أخطاء ،وهم يصرون أن يعلموه من جديد . هذا نوع من الوهم ، فالتاريخ ليس مثلنا ، هو لا يفهم منطقنا لأن له منطقه الخاص و آلياته الخاصة للعمل ،و علينا نحن أن نفهمه و نكتشفه و نجتهد في تنظيره و أن نغير عقولنا كي نلتمس منهجه في منطقتنا ، فلن يمكننا ان نغير عقله أبدا ! . إني أتبنى نظرية في تفسير التاريخ ترى أن التاريخ لا يعمل وفقا لحتميات بل أننا جزء أساسي منه ، هو لا يعمل بدوننا ،و لكن هناك لحظات معينة نقود فيها الأحداث إلى مرحلة حيث تبدأ هي في قياتنا ، تماما مثل التفاعل النووي ، هو لن يبدأ بدوننا و لكنه سيستمر حتى لو حاولنا ايقافه ،و بهذا أقف في منطقة ما بين كارل بوبر و كارل ماركس .
لماذا لا نهبط من جبال الأوليمب الموحشة و نذهب إلى الشوارع و الميادين العربية ، نراقب كل شيء بعين مدققة دون إدعاء أجوف بالبطولة .. ربما نعرف شيئا مما يحدث حولنا حقا ،و ان نمتلك القدرة على التصدي للسؤال و إجابته دون طرح سؤالا و هميا ، و أن نجيبه إجابات معلبة سابقة الإعداد لتلائم كل المناسبات .