و يومك أسعد يا عزيزي

سؤالك عن عنف الدولة يحيلني الى قضيتنا و صراعنا مع الكيان المحتل الذي لم يستثني شيئا هو الآخر.

اذ بدأنا نقاوم منذ عام 1917 و وعد بلفور و بشتى أشكال النضال. و شكلنا فتح و انطلقت مسيرة الكفاح المسلح و تواصل النضال الذي لم ينته و لا حتى بعد اتفاق أوسلو. فهل تحررنا و هل دحرنا العدو و هل قامت الدولة الفلسطينة المستقلة على كامل التراب الفلسطيني؟ أم كانت حصيلة نضالات قرابة القرن من الزمان مسيرة هزائم و خسائر على كل الأصعدة؟؟

لماذا؟

لأننا لم نتوصل الى رؤية سليمة للصراع و بالتالي تهنا عن السبيل و البرنامج و الأداة و موازين القوى و خريطة الأصدقاء و الأعداء وووو الخ.

في سوريا هناك اختلاف كما عندنا على رؤية هذه الأزمة

هناك أطراف و قيادات تكذب و تصور الأزمة على أنها بين النظام و هذه الجموع التي ذاقت كل أصناف العذاب على يده. هذه هي الصورة مبتووووورة و تخفي ثلثي المعالم. أما لماذا البتر و الاخفاء؟ لأن مصالح هذا الطرف تقتضي هكذا عرض. لتدفع الجموع الى خوض معركة أكبر دون أن تدري هذه الجموع عن الحجم الحقيقي لها. فالصورة بعد أن تم التدويل أكبر و اعقد بكثير من اختزالها في الطرفين أو في الداخل السوري بل لها امتداداتها الاقليمية و العالمية التي تدخل أطرافا كثيرة لتلعب دورا في هذا الصراع بما يحمي مصالحها.

الحل ليس عسكريا أبدا. لا بد من الاتفاق أولا على تشخيص الأزمة حتى يعرف الحراك الشعبي موطئ قدمه و مصير تضحياته و لا يموت من أجل مصلحة روسيا و مجموعة بريكس أو مصلحة أمريكا و وكلائها الرجعيين مثل قطر و السعودية. أنت كطبيب هل تستطيع فعل أي شئ قبل تشخيص الحالة؟ هل تستطيع وصف الدواء سواء كان عسكريا و جراحة أم مضادات حيوية سلمية؟

و بعيدا عن القيادات و البرامج كما طلبت فاني أقول لك أن هذا الحراك بلا قيادات و برامج ليس الا حالة "فوضى" تقدم دماءها و أعناقها لآلة النظام الجهنمية مجانا. من ذا الذي يتحرك دون هدف و برنامج واضحين و لا يتساءل عن مصير تضحيته ان كانت ستؤدي الى الهدف ام لا؟

ثم افرض سقط هذا النظام هل لدى هذه الفوضى برنامجا للساعة التالية او اليوم التالي او المرحلة التالية؟
ماذا سيحل بهم و بسوريا كلها؟

و أنت متابع جيد و تعلم أن هناك انفصال الى حد معتبر بين هذا الحراك و القيادات التي تدعي تمثيله. أي أننا حتى في الصف الواحد مشطورين صفين على أقل تقدير ممكن. و كل صف بداخله ألف صف و صف. و كل سائر في سبيله المستقل تقريبا. و النهاية؟؟ على راي أحلام المستغانمي "على جثة آخر شهيد تعقد الصفقات"!


الموضوع طويل بالطبع لكن آمل أن يكفي هذا الآن