لنفهم "لا طائفية الثورة" علينا قبل أن ننظر اليوم إلى التسلح ومقاومة النظام التي أضطرت لها الثورة بسبب العنف اللامعقول والإجرامي للنظام. علينا إذاً أن ننظر إلى نشأة الثورة، وسيرورتها.
فلقد نشأت الثورة في درعا وبقيت فترة طويلة شبه وحيدة في وجه النظام، وسهل حوران قريب بطبيعته لفلسطين، فلا يوجد بالمجتمع الحوراني شيعة (المتاولة لا يشكلون أي نسبة بحوران، أي أقل من واحد بالألف) ولا يوجد علويون، والمسيحيون فيه أقلية عربية متجذرة في أرض سهل حوران منذ الغساسنة، ولا يوجد أي مشاكل بينهم وبين المسلمين.
كذلك فلقد اعتبرت حوران تاريخياً مؤيدة للعظم للنظام (كانت تسمى خزان البعث)، ووجود الإخوان فيها ضعيف نسبياً وغير مؤثر، والسلفية شبه معدومة الوجود. كذلك هناك تواجد كبير في الجيش والأمن للحوارنة.
لذلك فحتى النظام نفسه لم يستطع اتهام الثورة بالطائفية، إلا بعد فترة، فلقد قام باستدعاء هذه الطائفية بممارساته المقصودة. وحتى بعد شهرين من بدء الثورة اتهم حمص وبانياس بالسلفية واستبعد ذلك عن درعا (كي لا يضحك الناس عليه).
هذه بالنسبة لي ثورة شعب ضد نظام قمعي إجرامي لا يشابهه أي نظام آخر إلا في كوريا الشمالية وعراق صدام وليبيا القذافي، وليس ذنبنا أن ببلادنا طوائف متنوعة.
أما عن الأعداد من المؤيدين فلا يغرنك. الأغلبية العظمى ضد النظام، ولكنه نظام زرع الخوف خلال عقود طويلة، وبالذات سوريي الخارج ما زالوا يعيشون في سجن خوفهم الداخلي. هذه الثورة بعدد أماكن التظاهر وأعداد المتظاهرين لم يسبقها ثورة بشعبيتها الفائقة، فأكبر ثورة بالعالم (أي الثورة الفرنسية) لم يشارك بها أكثر من 2 بالمائة من السكان.

خالص تحياتي