(04-04-2012, 12:02 AM)elen faddoul كتب:  محاولة أخرى لتفسير سلوك الكثير من المسيحيين
أيام الثورة الفرنسية ساد قول مشهور، أعتقد أنني استشهدت به غير مرة:
خذ أخاك إلى المقصلة قبل أن يأخذك إليها
وفي ظل قانون الطوارئ طبّق جميع السوريين هذا المثل، واليوم بعد أن تحررت الغالبية السنية من قيود الخوف، يبدو أن هذا الخوف لم يختف ِ بل انتقل ببساطة من السنّة إلى جيرانهم الوطن من العلويين بالدرجة الأولى و المسيحيين بالدرجة الثانية.
نجح النظام في تصوير المعارضة كشيطان لا يرويه إلا الدم والقتل، والأقليات لا تريد المجازفة. ورغم أنها لا تصدق النظام الذي اعتاد طوال عقود على الكذب على شعبه إلا أنها لا تريد المجازفة بالتجريب.
والمقاربة المتهافتة التي يعتمدها بعض من يتظاهرون بالحياد بأن البديل قد يكون أسوأ، دُفِعَت إليها للأسف الأقليات و في النهاية اختارتها كبديل وحيد.

تفسير سطحي للامور!
فالقضية ليست قضية الحراك وحده بسوريا، بل هو الحراك الذي يلف المنطقة بأسرها. فصحيح ان التمرد الحاصل في المنطقة بدأ في ظاهره ضد الاستبداد و الديكتاتورية العربية، الا انه في باطنه يحمل الروح الاسلامية السياسية و البعيدة كل البعد عن مفاهيم الوطن و المواطنة!!!
فلو أخذنا الحراك الشعبي في مصر مثلا (ثورة ٢٥ يناير)، بدا المسيحييون في مصر متشككون بها، و كان موقف الكنيسة القبطية من الدعوة للتظاهر في ٢٥ يناير هو ما عبر عنه، ان لم تخني الذاكرة، الانبا بيشوي بقوله: ''ملناش دعوة''. و لكن و مع الايام القليلة الاولى للثورة المصرية، تبين ان من يقود الحراك الشعبي في ميدان التحرير، هم نخبة الشباب المصري المتحمس و المثقف، و الذي لم يرفع شعارا دينيا واحدا في ميدان التحرير، بل كانت مطالبه تتلخص في كلمة واحدة: ارحل! و التي كانت تعني ايضا المطالبة برحيل الفساد مع رحيل النظام! وعندها تنادى مثقفو الاقباط بالانخراط مع ابناء وطنهم المسلمين للنضال السلمي من اجل غدٍ افضل، غير آبهين بتخوفات رؤسائهم الروحيين و غير متخوفين مما كان يروجه النظام المصري من دعايات مفادها ان النظام هو صمام الامان لمصر و هو حامي المسيحيين! الى درجة اضطرت الكنيسة القبطية معها الى مسايرة الامور! و بعد نجاح ثورة يناير و حصول انتخابات حرة نزيهة لاول مرة في تاريخ مصر، تبين ان شباب ثورة ٢٥ يناير مع الليبراليين مع المثقفين في مصر لا يبلغ ثقلهم السياسي اكثر من ١٠ بالمائة، و ان هؤلاء لم يكونوا الا مطيَّة استخدمها الاسلام السياسي للوصول الى الحكم، و اصبح الوضع مخيفا لدرجة انه اصبحنا نتمنى ان يصل الاخوان الى الحكم قبل السلفيين!
و لو ذهبتِ الى تونس مثلا، صاحبة ''الربيع'' العربي الاول و البلد الذي كان غارقا في العلمانية، و التي لا يوجد بها مسيحيين اصلا سوى كاجانب و دبلوماسيين، سوف تجدي ان النتيجة كانت التحرك نحو العصور الوسطى! فقد خرج السلفيون من جحورهم و اصبحنا نسمع في احزاب تطالب بالعودة الى نظام الرق و الجواري، و نشاهد لاول مرة في الاخبار تهديد الرعايا المسيحيين هناك و محاولات اعتداء على كنائس و غيره!
و كي لا اطيل لن اتطرق للتجربة العراقية و الليبية و غيرها و التي طالتها، في بعضٍ منها، حركة التغير للأسوأ! و سأعود للموضوع السوري، لأسأل نفسي: لما سيختلف الوضع في سوريا عنه في بقية الدول العربية، و خصوصا اننا بدأنا نسمع بمصطلحات لا تبعث على الاطمئنان بتاتا، مثل أكثرية سنية و اقليات مسيحية و درزية و نظام علوي و وعيد وتهديد و محاسبة من كان مع الثورة و من كان ضدها، و غابت مصطلحات كان يجب ان تكون مثل وطن للجميع و الشعب السوري و دولة المواطنة و دولة القانون و غيرها!!!
و بعد كل هذا ماذا سينتظر المسيحي و غيره من هذا التغيير؟!!!