في الجانب السياسي من الموضوع أحب أن أؤكد على حقيقة أنه كلما زاد حجم الدولة وعدد سكانها وتنوعها كلما أصبحت أقرب للمؤسسية بالحكم وكلما كان من المستحيل على عائلة أو فرد أو قبيلة أن تحكمها بصروة مطلقة وكلما مالت أكثر للاستقرار داخليا ، الدويلات الصغيرة وجمهوريات الموز على الاغلب هي التي تحكم بعائلات وانظمة ديكتاتورية لا مؤسسية لسهولة السيطرة عليها.
نأتي الآن للجانب الاقتصادي قد لا يصدق البعض بأن عدد السكان الكبير فهو أكبر ثروة تتمتع بها الأمم فالدولة القطرية الصغيرة تفشل في بناء اقتصاديات ذاتية الموارد حتى لو كانت دول غنية بالموارد الطبيعية والعالم الآن يتجه لتكوين اقتصاديات قارية ، ولن أعود وأذكر بأن أعلى نسب نمو اقتصادي بالعالم هي بالصين والهند التي تجاوزت الـ 9% بالصين و7.8 % في الهند في سنة 2011 فيما نسب النمو بالاتحاد الاروبي في العام الماضي والمكون من دول صغرى نموذجية كما يراها بسام خوري هي 1.6% والسبب هو أن الأسواق الكبرى هي التي تجذب الاستثمارات وليست الدويلات الهزيلة.
الناتج القومي للبلدان ولمن لا يعرف هو مجموع ما تنتجه الدولة على ارضها من السلع والخدمات في فترة عام. وهذا المقياس بالاضافة لمتوسط حصة الفرد من الناتج القومي هو أهم مقياس للتقدم ، ومعادلة الناتج القومي لمن لا يعرف هي
GDP = Consumption Expenditure + Investment Expenditures + Government Expenditure+ (exports − imports)
وباختصار
GDP=C + I + G + X-M
حيث C هي الانفاق الاستهلاكي
و I هي الانفاق الاستثماري
و G هي الانفاق الحكومي
و X-M هي الفرق بين الصادرات والواردات
أي كلما زاد استهلاك الفرد بالمجتمع كلما زاد الناتج القومي.
في الدولة ذات الاقتصاد الريعي التي تعتمد على ريع الارض يكون الانفاق الحكومي G هو محرك النمو الاقتصادي مثل الدول النفطية ، وأحيانا تتوسع حتى الدول المتقدمة في هذا البند لتحفيز الاقتصاد على التحرك عندما تواجه مرحلة ركود او انهيار اقتصادي.
وفي الدول التي تعتمد سياسة التصنيع لأجل التصدير يكون X-M هو محرك النمو الاقتصادي مثل كوريا وماليزيا والعديد من الدول الأوروبية المتقدمة التي لا تمتلك موارد طبيعية وتنادي على الدوام بتحرير التجارة.
نأتي الآن للاقتصاديات القارية الضخمة مثل الصين والهند حيث إن أكبر ثروة لهذه الاقتصاديات هو عدد السكان والاسواق الضخمة وهو ما يغري بالاستثمار داخل هذه الاقتصاديات وهذا الانفاق الاستثماري الذي يأتي بسبب العائد الكبير يتولد عنه بالضرورة انفاق استهلاكي كبير حيث أن السلع والخدمات التي يكون الاستثمار فيها مجدي اقتصاديا يزداد كلما كان حجم الاقتصاد أكبر ويقل عددها كلما كان حجم الاقتصاد أقل
أمر آخر الاقتصاديات الكبرى تتمتع يميزة اسمها وفورات الحجم Economies of scale التي لا تتمتع بها الاقتصاديات الصغرى وهي قانون او خاصية وتتمثل في أن ارتفاع عدد القطع المنتجة من سلعة ما ينتج عنه انخفاض في تكلفة إنتاج هذه القطعة. وهذا القانو بلغة ماركس يفيد بأن التراكم الكمي ينتج تغيير نوعي لذلك لا تستغربوا لو وجدتم السلع الصينية هي أرخص سلع بالعالم وقد أغرقت الاسواق ويعجز جميع العالم عن منافستها سعريا.
أخيرا ارجو الا يخلط البعض بين عدد السكان الكبير ونسب النمو السريعة للسكان فالأول هو ميزة ايجابية بكل تأكيد أما الثاني فأنا شخصيا لا أستطيع أن أحكم هل هي ميزة أم صفة سلبية لكنها بالتأكيد وعلى المدى البعيد أمر إيجابي في اي مجتمع.