{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
للتحميل: لماذا النشوء والتطور حقيقة
راهب العلم غير متصل
مرشد إلى الإلحاد
**

المشاركات: 12
الانضمام: Jul 2008
مشاركة: #2
RE: للتحميل: لماذا النشوء والتطور حقيقة
لقديمة جداً حتى الطبقة المعاصرة. إلى هنا فهذا جيد جداً. لكن هذا يخبرك فقط بالأعمار التقريبية للصخور، لا أعمارها الفعلية.

ثم منذ عام 1945 صرنا يمكننا قياس الأعمار الفعلية لبعض الصخور، باستخدام النشاط الإشعاعي. تندمج عناصر نشطة إشعاعياً معينة (نظائر إشعاعية) بالصخور النارية عندما تتبلور من الصخور الذائبة من أسفل سطح الأرض. تضمحل النظائر الإشعاعية تدريجياً إلى عناصر أخرى بمعدل ثابت. عادة يُعبَّر عنه بـ(نصف العمر). أي الوقت المتطلَب لتلاشي نصف كمية النظير الإشعاعي. فإن عرفنا نصف العمر، وكم كمية النظير الإشعاعي التي كانت هناك عندما تكون الصخر (وهو شيء يقدر علماء طبقات الأرض على تحديده بدقة) وكم تبقى الآن، فهي وسيلة بسيطة نسبياً لتحديد عمر الصخر. تضمحل النظائر الإشعاعية المختلفة بمعدلات مختلفة. تؤرخ الصخور الأقدم غالباً باستخدام اليورانيوم 238، موجوداً في الزركون العادي. إن لليورانيوم 238 (U238) نصف عمر هو حوالي سبعمئة مليون سنة. أما الكربون 14 فله نصف عمر 5730 سنة، ويُستخدم للصخور الأكثر حداثة، أو حتى لقياس عمر مصنوعات البشر مثل مخطوطات البحر الميت. عادة توجد عدة نظائر إشعاعية سوياً، لذا يمكن التحقق على نحو مقارن من التأريخات، وتتفق الأعمار على نحو ثابت دوماً. رغم ذلك، فإن الصخور الحاملة للمتحجرات ليست بركانية بل رسوبية، ولا يمكن أن تؤرَّخ على نحو مباشر. لكننا يمكننا الحصول على أعمار المتحجرات بتصنيف الطبقات الرسوبية مع تواريخ الطبقات النارية البركانية المجاورة المحتوية على النظائر المشعة.

كثيراً ما يهاجم مناوئو التطور جدارة هذه التأريخات بالتعويل عليها، بقولهم أن معدلات الاضمحلال الإشعاعي ربما قد تغيرت عبر الزمن أو بالضغوط الفيزيائية بفعل الصخور. هذا الاعتراض كثيراً ما ينطق به الخلقيون من أصحاب رأي "الأرض صغيرة العمر" الذين يعتبرون عمر الأرض يتراوح ما بين ستة إلى عشرة آلاف سنة. لكن هذا باطل. فحيث أن النظائر المشعة تضمحل بأعمار مختلفة، فلما كانوا سيعطون تأريخات متوافقة لو كانت معدلات الاضمحلال قد تغيرت. علاوة على ذلك، فإن أنصاف أعمار النظائر المشعة لا تتغير عندما يُخضِعها العلماء إلى الحرارة والضغوط الشديدة في المعمل. وعندما يمكن التحقق من التأريخات الإشعاعية أمام التأريخات من السجل التاريخي البشري_كما في وسيلة الكربون 14_فهما يتفقان على نحو ثابت. إن التأريخ بالقياس الإشعاعي للأحجار النيزكية هو ما يخبرنا أن عمر الأرض والمجموعة الشمسية هو 4.6 مليار سنة. (أقدم صخور الأرض أصغر قليلاً: 4.3 مليار سنة في عينات من شمال كندا، لأن الصخور الأقدم قد دُمِّرت بحركات القشرة الأرضية.)

هناك أيضاً طرق أخرى للتحقق من دقة التأريخ بالقياس الإشعاعي. أحدها يستعمل علم الأحياء، ويتضمن دراسة بارعة لحفريات المرجان من قِبَل John Wells من جامعة Cornell University. يظهر التأريخ بالنظير الإشعاعي أن هذه المرجانات قد عاشت أثناء العصر الديڤوني، منذ حوالي 380 مليون عام مضى. لكن Wells استطاع أيضاً كشف متى عاشت هذه المرجانات ببساطة بالنظر ملياً إليها. فلقد استفاد من حقيقة أن الاحتكاك بسبب المد والجزر يبطئ تدريجياً دوران الأرض خلال الزمن. كل يوم_أي دورة واحدة للأرض_هو أطول بقليل جداً من سابقه. ليس مما يمكن أن تلاحظه، فلنكون دقيقين، يزداد طول اليوم حوالي دقيقتين كل عشرة آلاف سنة. وبما أن أمد السنة_الوقت الذي تستغرقه الأرض للدوران حول الشمس_لا يتغير خلال الزمن، فهذا يعني أن عدد أيام السنة قد قل خلال الزمن. من خلال المعدل المعروف للتباطؤ، قدَّر Wells أنه عندما كانت تحيا مرجاناته_منذ حوالي 380 مليون سنة مضت، إن كان التأريخ بالقياس الإشعاعي صحيحاً_فإن كل سنة قد احتوت على حوالي 396 يوماً، كل منهم طوله 22 ساعة. فإن كان هناك سبيل ما لتخبرنا المتحجرات نفسها كم كان طول كل يوم عندما كانت حية، سيمكننا التحقق ما إذا يكون ذلك الطول يتماثل مع الاثنين وعشرين ساعة المتنبأ بها من التأريخ بالقياس الإشعاعي.

بل المرجانات نفسها تقوم بهذا، لأنها بينما تنمو تسجل في أجسادها كم يوماً قد مرت به كل سنة. فتنتج المرجانات الحية كلاً من حلقات نمو يومية وسنوية. في عينات المتحجرات، نقدر أن نرى كم عدد الحلقات اليومية المنفصلة عن الحلقة السنوية، أي: كم يوماً كان متضمَناً في كل سنة عندما كانت المرجانات تحيا. عالمين بمعدل التباطؤ المدجزري، يمكننا التحقق بمقارنة القياس بالإشعاع أمام العمر المدجزري. محصياً الحلقات في مرجاناته العائدة إلى العصر الديڤوني، وجد Wells أنها قد مرت بحوالي 400 يوم في السنة، مما يعني أن كل يوم كان طوله 21.9 ساعة. هذا انحراف صغير جداً فحسب عن الاثنين وعشرين ساعة المتنبأ بها. لقد أعطانا هذا التقويم البيولوجي الذكي يقيناً إضافياً بدقة التأريخ بالقياس الإشعاعي.

الحقائق

ما الذي يؤلف دليلاً على التطور في سجل الأحافير؟ هناك عدة أنواع. أولاً، الصورة التطورية الكبيرة العامة: إن تفحصاً خلال التسلسل التام لطبقات الأرض ينبغي أن يُظهِر أن الحياة المبكرة كانت بسيطة تماماً، مع ظهور أنواع أكثر تعقيداً فقط بعد بعض الدهر. علاوة على ذلك، فينبغي أن المتحجرات الأحدث التي نجدها تكون هي الأكثر شبهاً للأنواع الحية المعاصرة.

يجب أيضاً أن نكون قادرين على رؤية حالات للتغير التطوري خلال خطوط التحدر، بما يعني تغير نوع من الحيوان أو النبات إلى شيء مختلف خلال الزمن. ينبغي أن تكون الأنواع اللاحقة لديها صفات تجعلها تبدو كمتحدري الأنواع الأقدم. وبما أن تاريخ الحياة يتضمن انفصال أنواع من أسلاف مشتركة، فيجب أيضاً أن نكون قادرين على رؤية هذا الانفصال، ونجد أدلة على هؤلاء الأسلاف في السجل الأحفوري. فكمثال، قد تنبأ علماء التشريح في القرن الثامن عشر بأن_من تشابهم الجسدي_الثدييات قد تطورت من زواحف عتيقة. لذا ينبغي أن نكون قادرين على العثور على زواحف كانت تصير أكثر شبهاً بالثدييات. بالتأكيد، لأن السجل الأحفوري غير كامل، فلا يمكننا توقع توثيق كل حلقة انتقالية بين أشكال الحياة الرئيسية، إلا أننا ينبغي على الأقل أن نجد البعض.

عند كتابة (أصل الأنواع)، تحسر دارون على السجل الأحفوري الناقص(التخطيطي). في ذلك الوقت كان يعوزنا سلاسل انتقالية من المتحجرات أو (حلقات مفقودة) بين الأشكال الأساسية توثق التغير التطوري. فبعض المجموعات_كالحيتان_ظهرت فجأة في السجل الأحفوري، بلا أسلاف معروفين. لكن ظل لدى دارون بعض الدليل الأحفوري على التطور. شمل هذا ملاحظة أن الحيوانات والنباتات العتيقة كانت مختلفة جداً عن الأنواع الحية المعاصرة، مزدادة في التشابه أكثر فأكثر إلى الأنواع المعاصرة كلما ارتفعنا إلى أحدث الصخور تكوناً. لاحظ أيضاً أن المتحجرات في الطبقات المتقاربة أكثر تشابهاً إلى بعضها البعض عن التي توجد في طبقات أكثر تباعداً بكثير، متضمنة بداهةً عملية اختلاف تدريجية ومستمرة. علاوة على ذلك، فإنه في أي مكان يُعيَّن، تميل المتحجرات في أحدث الصخور الرسوبية إلى التشابه مع الأنواع المعاصرة الحية في تلك المنطقة، على العكس من الأنواع الحية في الأجزاء الأخرى من العالم. فحفريات الجِرابِيات_على سبيل المثال_قد وُجِدَت بوفرة فقط في أستراليا، وهذا حيث تعيش معظم الجرابيات المعاصرة. (تتضمن متحجرات الجرابيات تلك بعض أكثر الثدييات غرابة مما عاش على الإطلاق، مثل الكانجارو العملاق ذي العشرة أقدام طولاً، ذي الوجه المسطح، والمخالب الضخمة، والحافر الواحد في كل قدم.)

ما لم يكن لدى دارون هو متحجرات كافية لإظهار دليل واضح على التغير التدريجي في الأنواع، أو على الأسلاف المشتركين. لكن منذ لك الوقت، اكتشف علماء المتحجرات وفرةً منها، محققين كل التنبؤات المشار إليها أعلاه. يمكننا في العصر الحالي أن نرى تغيراً متواصلاً خلال خطوط تحدرات الحيوانات، فلدينا الكثير من الأدلة على الأسلاف المشتركين والأشكال الانتقالية (الأسلاف المشتركة للحيتان والتي كانت مفقودة_كمثال_قد اكتُشِفت)، وقد حفرنا عميقاً كفاية لنرى بدايات الحياة المعقدة ذاتها.

النماذج الكبيرة

الآن بوضعنا كل طبقات الأرض في ترتيب وتقديرنا تواريخها، يمكننا قراءة السجل الأحفوري من القاع إلى القمة. يرينا الشكل التوضيحي 3 تسلسلاً زمنياً مبسطاً لتاريخ الحياة، راسماً الأحداث الحيوية والجيولوجية الرئيسية التي قد حدثت منذ نشأت أول الكائنات منذ حوالي 3.5 مليار سنة مضت.(6) يقدم هذا السجل صورة واضحة للتغير، بادئاً بالبسيط ومتقدماً إلى الأكثر تعقيداً. رغم أن الشكل التوضحي يرينا ما يبدو كـ "النشوآت الأولى" لمجموعات كالزواحف والثدييات، فهذا لا ينبغي أن يُفهَم على أن أشكال الحياة الحديثة ظهرت إلى في السجل الأحفوري فجأة، ناشئة من العدم. بالأحرى، فنحن نرى لمعظم المجموعات تطوراً تدريجياً من أشكال أقدم (فالطيور والثدييات_على سبيل المثال_قد تطورت عبر ملايين السنين من أسلاف زاحفية). إن وجود الانتقالات التدريجية بين المجموعات، والذي سأناقشه أدناه، يعني أن تعيين تاريخ لـ "أول ظهور" يصير اعتباطياً نوعاً ما.

نشأ أول الكائنات، البكتريا الممثلة للضوء البسيطة، وُجِدَت في رسوبيات تعود إلى 3.5 مليار، أي بعد حوالي مليار سنة فقط من تشكل كوكب الأرض. كانت هذه الكائنات وحيدة الخلية هي كل ما احتل الأرض لملياري سنة التاليين، بعدهما نرى أول حقيقيات النوى البسيطة: كائنات لها خلايا صحيحة ذوات أنوية وصبغيات (كروموسومات). ثم، منذ حوالي ستمئة مليون، نشأت سلسلة كاملة من الكائنات البسيطة نسبياً لكنها عديدة الخلايا، متضمنة الديدان وقناديل البحر والإسفنج. استنوعت هذه المجموعات خلال ملايين السنوات العديدة التالية، مع ظهور النباتات البرية ورباعيات الأطراف، وأبكرها كان الأسماك ذات الزعانف الغصنية (المرتبطة إلى الجسد بأنسجة) منذ حوالي أربعمئة مليون سنة. إن أغلب المجموعات المبكرة والتي استمر بعضها بالتأكيد في الحياة إلى اليوم: كالبكتريا الممثلة للضوء والإسفنج والديدان، تظهر في السجل الأحفوري مبكراً، ولا تزال تحيا معنا.

وبعد خمسة عشر مليون سنة لاحقة نجد أول البرمائيات الحقيقية، وبعد خمسة عشر مليون سنة أخرى تقريباً تنضم إليها الزواحف. أما أول الثدييات فيصل منذ حوالي 250 مليون سنة (ناشئة_كما تُنبِأ_من أسلاف زاحفية)، والطيور الأولى تتحدر من الزواحف، ناشئة بعد خمسين مليون سنة لاحقة. وبعد أن ظهرت الثدييات الأبكر، صاروا_مع الحشرات والنباتات البرية_أكثر تنوعاً، وكلما اقتربنا من الصخور الأكثر سطحية تصير المتحجرات بتزايد أكثر تشابهاً للكائنات الحية الحديثة. البشر وافدون أحداث على مسرح الكوكب، فتحدرنا يتفرع من الذي لكل الرئيسيات الأخرى منذ حوالي سبعة ملاين سنة فقط، إننا الجزيئة الصغرى للزمن التطوري. استُعمِلت تشبيهات خيالية كثيرة لتوضيح هذه النقطة. وهي تستحق تكرارها مجدداً. لو انضغط كل زمن التطور في سنة واحدة، فإن أبكر بكتريا تظهر في نهاية مارس، لكننا لن نرى أول أسلاف البشر حتى السادسة صباحاً من 31 ديسمبر. العصر الذهبي لليونان، منذ حوالي خمسمئة سنة قبل الميلاد، سيُمثَّل بثلاثين دقيقة فقط قبل منتصف الليل.

رغم أن السجل الأحفوري للنباتات أكثر ضآلة_لافتقادها الأجزاء الصلبة سهلة التحجر_فهي تُظهِر نموذجاً تطوريا مماثلاً. فالأقدم هي الأشنات والطحالب، متبوعة بظهور السراخس، ثم الصنوبريات، ثم الأشجار النفضية، وآخراً النباتات المزهرة.




الشكل التوضيحي 3: السجل الأحفوري يرينا أول نشوآت للعديد من أشكال الحياة التي نشأت منذ تكونت الأرض منذ 4.6 مليار سنة. نلاحظ أن أول أشكال الحياة عديدة الخلايا قد نشأت واستنوعت في آخر 15% من تاريخ الحياة فقط. تظهر المجموعات على مسرح الوجود في نمط تطوري مرتب، مع العديد من النشوآت بعد متحجرات معروفة انتقالية من أسلاف. النتيجة الظاهرة لهذا، بالإضافة إلى الأشكال الانتقالية، تدحض الادعاآت الخلقية بأن كل أشكال الحياة نشأت ليس فقط فجأة، بل أيضاً في نفس الوقت.

إذن فإن ظهور الأنواع خلال الزمن_كما يُرَى في المتحجرات_بعيد عن العشوائية. فقد نشأت الكائنات البسيطة قبل المعقدة، الأسلاف المتنبأ بهم قبل المتحدرين. أكثر المتحجرات حداثة هي الأكثر شبهاً للأنواع الحية. ولدينا متحجرات انتقالية تربط العديد من المجموعات الرئيسية. لا نظرية الخلق الخاص المستقل_ولا أي نظرية غير التطور_يمكنها شرح هذه الأنماط.


التطور الظاهر في المتحجرات والاستنواع

لترى تغيراً تطورياً تدريجياً خلال خطِ تحدرٍ واحدٍ، تحتاج إلى سلسلة جيدة من الرسوبيات، مع تفضيل النزول إلى أسفل أسرع (حيث أن كل فترة زمنية تمثل بشريحة صخرية سميكة، مما يجعل التغير أسهل رؤيةً)، وبلا طبقات مفقودة (فالطبقة المفقودة في الوسط تجعل الانتقال التطوري الهادئ يبدو كـ"قفزة" فجائية).
المتحجرات البحرية الصغيرة للغاية_مثال العوالق (كائنات مجهرية طافية في المياه Planktons)، مثالية لهذا الغرض. فهناك البلايين منها، كثير منها له أجزاء صلبة، وهي على نحو ملائم تسقط مباشرةً إلى قاع البحر بعد الموت، متراكمةً في سلسلة متواصلة من الطبقات. أخذُ العينات من الطبقات في ترتيبٍ سهلٌ: يمكنك إقحام أنبوب طويل في قاع البحر، ساحباً عينة عمودية لُبِّيّة، وقراءتها وتأريخها من الأسفل إلى القمة.

متتبعاً متحجرات نوع واحد خلال اللب، كثيراً ما يمكنك رؤية تطورها. يظهر الشكل 4 مثالاً للتطور في حيوان أولي وحيد الخلية صغير يبني محارة حلزونية، مكوِّناً تجاويف أكثر كلما تنمَّى. هذه النماذج هي من شرائح بطول مئتي متر من اللب مأخوذة من قاع المحيط قرب نيوزيلاند، تمثل حوالي ثمانية ملايين سنة من التطور. تُظهر الصورة التغير خلال الزمن في صفة واحدة: عدد التجاويف في الالتفاف النهائي للمحارة. هنا نرى تغيراً هادئاً تماماً وتدريجياً خلال الزمن. الأفراد كان لها 4.8 تجويفاً لكل التفافة عند بداية السلسلة و3.3 عند النهاية، نقصان بحوالي 30%.



الشكل التوضيحي 4: يُظهِر سجل الأحافير (المحفوظ في لب قاع البحر) تغيراً تطورياً في الحيوان المُنَخْرَب foraminiferan (حيوانات بحرية دنيا مثقبة الأصداف) Globorotalia conoidea خلال فترة ثمانية ملايين سنة. يقدم المقياس المدرج عدد التجاويف في الالتفاف النهائي للمحارة، بمعدله بين الأفراد من كل شريحة من اللب. Kennet 1981) (After Malmgren and

التطور_من خلال التدرج_لا يحتاج دوماً مسيراً هادئاً، أو بسرعة منتظمة: يُرينا الشكل التوضيحي 5 نموذجاً أقل نظامية في كائن مجهري بحري آخر، إشعاعي الأطراف (أحد حيوانات وحيدة الخلية لها أشواك وهيكل عظمي سيليكوني) Pseudocubus vema . في هذه الحالة أخذ الجيولوجيون عينات متباعدة بانتظام من لب بطول 18 متراً طولاً مستخرَج من قرب القارة القطبية الجنوبية، يمثل حوالي مليوني سنة من الرواسب. كانت الصفة التي قيست هي سعة قاعدته الأسطوانية "حلقه". رغم أن الحجم ازداد حوالي 50% خلال الزمن، فإن الاتجاه لم يكن هادئاً. فهناك فترات لم يتغير الحجم فيها كثيراً، تتخللها فترات ذوات تغير أسرع. هذا النمط عام تماماً في هذه المتحجرات، وهو يمكن فهمه تماماً إذا كانت التغيرات التي نراها قِيِدَت بعوامل بيئية كتقلبات المناخ أو الملوحة. تتغير البيئات نفسها بتشتت وعدم انتظام، لذا فإن قوة الانتخاب الطبيعي كانت تزداد وتتضاءل.



الشكل التوضيحي 5: التغير التطوري في حجم الحلق في إشعاعي الأطراف Pseudocubus vema خلال حقبة مليوني سنة. القيم هي المتوسطات السكانية من كل شريحة من اللب لاتساع الحلق بالميكرون متر. (After Kellogg and Hays 1975.)

فلننظر إلى التطور في نوع أكثر تعقيداً: ثلاثيات الفصوص (Trilobites) (مفصليات منقرضة). إن ثلاثيات الفصوص هي من المفصليات، في نفس لمجموعة التي تنتمي إليها الحشرات والعناكب. لأنهم كانوا محميين بمحارة صلبة، فإنهم متوفرون جداً في الصخور القديمة (ربما يمكنك شراء واحدة من أقرب محل تحف لك). إذن لقد جمع Peter Sheldon من كلية Trinity College Dublin متحجرات ثلاثيات الفصوص من طبقة الطفل بـWelsh تستغرق حوالي ثلاثة ملايين سنة. خلال هذا الصخر، وجد ثماني خطوط تحدر مختلفة لثلاثيات الفصوص، وخلال الزمن يُظهِر كلٌ منها تغيراً تطورياً في عدد "الأضلاع الخلفية" أي الفصوص على الجزء المؤخر من الجسم. يظهر الشكل التوضيحي 6 التغيرات في العديد من خطوط التحدر تلك. ورغم أن خلال مجمل حقبة العينة المأخوذة أظهر كل نوع زيادة نهائية في عدد الفصوص، فإن التغيرات ضمن الأنواع المختلفة لم يكن فقط غير مترابط، بل في بعض الأحيان مضى في اتجاهات متعاكسة خلال نفس الحقبة.


الشكل التوضيحي 6: التغير التطوري في عدد الأضلاع الخلفية (الفصوص على الجزء الخلفي) لخمسة أنواع من ثلاثيات الفصوص من الحقبة الجيولوجية الأوردوڤشتية. الرقم هو المتوسط السكاني عند كل شريحة من عينة المحارات لثلاثة ملايين سنة. تُظهِر الخمسة أنواع وثلاثة آخرى ليست بالصورة زيادة نهائية في عدد الضلوع خلال الحقبة، مما يقترح أن الانتخاب الطبيعي كان يَحدث خلال الأمد الطويل، إلا أن الأنواع لم تتغير في توازٍ كامل. (After Sheldon 1987.)

للأسف، نحن ليس لدينا فكرة عن ماهية الضغوط الانتخابية التي قادت التغيرات التطورية في هذه العوالق وثلاثيات الفصوص. إنه من السهل دوماً توثيق التطور في سجل الأحافير عن فهم ما سببه، لأنه رغم أن الأحافير محفوظة، فإن بيئاتها ليست كذلك. ما يمكننا قوله أنه كان هناك تطور، وكان تدريجياً، وقد تنوع في كلٍ من السرعة والاتجاه.

تقدم العوالق البحرية أدلة على انشقاق خطوط التحدر، بالإضافة إلى التطور في خط التحدر الواحد. يظهر الشكل التوضيحي رقم 7 نوعاً عالقياً سلفياً ينفصل إلى متحدِرَيْنِ، مختلفين في كل من الحجم والشكل. بشكل مشوق، فإن النوع الأحدث Eucyrtidium matuyamai تطور أولاً في منطقة إلى الشمال من المنطقة التي أُخِذت منها عينات اللب، ولاحقاً فقط غزا المنطقة التي نشأ بها سلفه. كما سنرى في الفصل السابع، فإن تكون نوع جديد يبدأ عادةً عندما ينعزل أفراد المجموعة جغرافياً عن بعضهم البعض.



الشكل التوضيحي 7: التطور والاستنواع في نوعين من العوالقي الإشعاعي Eucyrtidium ، مأخوذاً من لب رسوبي يستغرق أكثر من 3.5 مليون سنة. تمثل النقاط عرض الضلع الرابع، كمعدلات لكل نوع في كل شريحة من اللب. في مناطق إلى الشماليّ من مكان أخذ هذه العينة، مجموعة سلفية من E. calvertense صارت أكبر، تدريجياً نالت الاسم (التصنيف) E. matuyamai إذ صارت أكبر. ثم أعاد E. matuyamai احتلال مجال قريبه، كما يظهر في الرسم البياني، ويعيش اليوم كلا النوعين في نفس المكان، بادئين في الاختلاف بحجم الجسم. ربما كان هذا الاختلاف نتيجة الانتخاب الطبيعي لتقليل التنافس على الطعام بين النوعين. (After Kellogg and Hayes 1975)

هناك المئات من الأمثلة الأخرى على التغير التطوري في المتحجرات، تدريجية ومؤكدة، من أنواع مختلفة كالرخويات والقوارض والرئيسيات. وهناك أيضاً أمثلة لأنواع تغيرت على نحو ضئيل خلال الزمن. (فلنتذكر أن النظرية التطورية لا تقول بأن كل الأنواع ينبغي أن تتطور!) لكن تسجيل هذه الحالات لن يغير نقطتي: لا يعطي السجل الأحفوري دليلاً على التنبؤ الخلقي بأن كل الأنواع ظهرت فجأةً وظلت بعدئذٍ غيرَ متغيرةٍ. عوضاً عن ذلك فإن أشكال الحياة قد ظهرت في السجل الأحفوري بتسلسل تطوري، وهي نفسها تطورت واستنوعت.

الحلقات الانتقالية

ربما تعطي التغيرات في الأنواع البحرية أدلة على التطور، لكن هذا ليس الدرس الوحيد لدى السجل الأحفوري ليُعَلِّمَه. ما يثير الناسَ حقاً_ وعلماء الأحياء والمتحجرات من ضمنهم_هو الأشكال الانتقالية: تلك المتحجرات التي تسد الفجوة بين نوعين مختلفين جداً من الكائنات الحية. هل جاءت الحيوانات البرية حقاً من سمك، والطيور من زواحف، والحيتان من حيوانات برية؟ إن كان كذلك، فأين الدليل الأحفوري؟ حتى بعض الخلقيين سيُسَلِّمون بأنه قد تحدث تغيرات صغيرة في الحجم والشكل خلال الزمن، عملية تدعى التطور الضئيل، لكنهم يرفضون فكرة أن نوعاً مختلفاً جداً من الحيوان أو النبات يمكن أن يأتي من آخر (التطور الكبير). يجادل مؤيدو التصميم الذكي بأن هذا النوع من الاختلاف يتطلب التدخل المباشر لخالقٍ (7). رغم أن دارون في (أصل الأنواع) لم يمكنه الإشارة إلى أشكال انتقالية، فإنه كان سيبتهج بالمدى الذي تأكدت به نظريته بفضل ثمار علم المتحجرات الحديث. يتضمن هذا الكثير من الأنواع المنقرضة التي تُنُبِأ بوجودها قبل اكتشافها بسنوات كثيرة، لكن ذلك اكتُشِف في العقود الأخيرة القليلة فقط. لكن ما الذي يعتبر على أنه الدليل الأحفوري لانتقال تطوري رئيسي؟ طبقاً للنظرية التطورية، فإن لكل نوعين_مهما اختلفا_كان هناك قديماً نوع واحد كان جد كليهما. يمكننا أن ندعو هذا النوع الواحد "الحلقة الانتقالية" أو "الرابط المفقود". كما قد رأينا، فإن فرصة العثور على ذلك النوع السلفي الواحد في السجل الأحفوري هي صفر تقريباً. فالسجل الأحفوري ببساطة متقطع جداً عن أن نتوقع ذلك. إلا أننا لسنا مضطرين إلى الاستسلام، لأننا نستطيع إيجاد بعض الأنواع الأخرى في السجل الأحفوري، أقارب لصيقة للروابط المفقودة الفعلية، يوَثِّقون السلفية المشتركة بصورة مساوية تماماً. فلنأخذ أحد الأمثلة. في عصر دارون، حدس علماء الأحياء من الدليل التشريحي _كالتشابهات في بنية القلوب والجماجم_أن الطيور مرتبطة على نحو وثيق إلى الزواحف. لقد خمنوا أنه ينبغي أن كان هناك سلف مشترك_والذي خلال حدثِ استنواعٍ_أنتج خطي تحدر، أحدهما أنتج آخراً كل الطيور الحديثة، والآخر كل الزواحف الحديثة.

كيف كان يبدو هذا السلف المشترك؟ حدسنا سيقول أنه كان يشبه شيئاً متوسطاً بين زاحف حديث وطائر حديث، مظهِراً مزيجاً من الصفات من كلا النوعين من الحيوانات. لكن هذه ليست بالضرورة هي الحالة، كما قد رأى دارون في (أصل الأنواع):

"أجد أنه من الصعب_عند النظر إلى أي نوعين_تجنب أن أصور لنفسي أشكالاً تتوسط على نحو مباشر بينهما. لكن هذه وجهة نظر خاطئة تماماً، ينبغي أن نبحث دوماً عن أشكال تتوسط بين كل نوعين وسلف مشترك لكنه مجهول، والسلف سيكون عامة مختلفاً في بعض النواحي عن كل متحدريه المُعَدَّلِين."

لأن الزواحف تظهر في السجل الأحفوري قبل الطيور، يمكننا أن نحدس ان السلف المشترك للطيور والزواحف الحديثة كان زاحفاً عتيقاً، وكان يبدو كواحدٍ من هؤلاء. نعلم اليوم أن هذا السلف المشترك كان ديناصوراً. مظهره كان يعطي مفاتيح قليلة كانت في الحقيقة "الرابط المفقود". حيث أن أحد خطي المتحدرين سيؤدي لاحقاً إلى نشوء كل الطيور الحديثة، والآخر إلى ديناصورات أخرى. حقاً فإن السمات الشبه طيرية_كالأجنحة وعظمة الصدر العريضة لتثبيت عضلات الطيران_ستكون قد تطورت لاحقاً فقط في الفرع المؤدي إلى الطيور. وحيث أن خط التحدر ذلك نفسه يرتقي من الزواحف إلى الطيور، فإنه ينبثق عنه أنواع عديدة لها سمات مختلطة شبه زاحفية وشبه طيرية.بعض هذه الأنواع قد انقرضت، بينما أخرى استمرت في التطور إلى ما هو اليوم الطيور الحديثة. إنه إلى هذه المجموعات من الأنواع القديمة_ذوات الصلة من الأنواع القريبة إلى الفرع المعيَّن_ينبغي أن نبحث عن دليل على السلفية المشتركة.

إذن، فإن إظهار السلفية المشتركة لمجموعتين لا يتطلب أن نقدم متحجرات نوع مليء بالتفاصيل الدقيقة على أنه كان سلفهما المشترك، أو حتى نوعٍ على خط التحدر المباشر من سلفٍ إلى متحدر. بالأحرى، فنحن نحتاج فقط إلى تقديم متحجرات لديها أنماط الصفات اللاتي تربط المجموعتين معاً. وعلى نحو هام يجب أن نعطي تاريخ الدليل مثبتين أن هذه الحفريات ظهرت في الوقت الصحيح من السجل الجيولوجي. "نوع انتقالي" ليس مرادفاً لـ "نوع سلفي"، فهو ببساطة نوع يُظهِر خليطاً من صفات الكائنات التي عاشت سواء بعده أو قبله. مسلمين بتخرق السجل الأحفوري، فإن إيجاد هذه الأشكال في الأزمنة الصحيحة هو هدف سليم وواقعي. في الانتقال من الزواحف إلى الطيور_كمثال_ينبغي أن تبدو الأشكال الانتقالية كالزواحف المبكرة، لكن مع بعض الصفات شبه الطيرية. وينبغي أن نجد هذه المتحجرات الانتقالية بعد أن كانت الزواحف قد نشأت فعلياً، لكن قبل أن تظهر الطيور الحديثة. علاوة على ذلك، فلا يجب أن تكون الأشكال الانتقالية على خط التحدر المباشر من سلف إلى متحدر حي، فمن الممكن أن يكونوا أقارب تطوريين قد انقرضوا. فكما سوف نرى، فإن الديناصورات التي أدت إلى نشوء الطيور قد اكتست بريش، لكن بعض هذه الديناصورات المريشة قد استمرت في الوجود جيداً بعد تطور الكائنات الأكثر شبهاً بالطير. هذه الديناصورات المريشة المتاخرة تظل تقدم الدليل على التطور، لأنها تخبرنا شيئاً عن من أين جاءت الطيور.

إذن، فتاريخ الكائنات الانتقالية وإلى حد ما مظهرها الجسدي يمكن التنبؤ به من النظرية التطورية. بعض من أكثر التنبؤات المتحققة حداثة ودرامية هي ضمن مجموعتنا الخاصة: الفقاريات.

على البر: من السمك إلى البرمائيات

واحد من أعظم التنبؤات المتحققة لعلم الأحياء التطوري هو الاكتشاف_في عام2004_لشكل انتقالي بين السمك والبرمائيات. هذه هي متحجرة النوع تيكتاليك Tiktaalik roseae، التي تخبرنا الكثير عن كيفية بدء الفقاريات في الحياة على البر. اكتشافها هو إثبات مذهل لنظرية التطور.

حتى حوالي 390 مليون سنة ماضية، كانت الفقاريات الوحيدة هي الأسماك، لكن بعد ثلاثين مليون عام لاحقة، نجد كائنات رباعية الأرجل بوضوح: فقاريات ذوات أربع أرجل سارت على البر. كانت رباعيات الأرجل المبكرة هذه تشبه البرمائيات الحديثة من نواحي: لها رؤوس وأجساد مسطحة، ورقبة واضحة، وأرجل كأطراف متطورة جيداً. إلا أنها كذلك تُظهِر صلات قوية مع السمك الأقدم منها، خاصة المجموعة المسماة الأسماك فصية الزعانف، التي سميت هكذا بسبب زعانفها العظمية القوية التي مكنتها من دعم نفسها على قيعان البحيرات أو الأنهار الضحلة. البنيوات الشبه سمكية لرباعيات الأرجل المبكرة تتضمن حراشف وعظام أطراف وعظام رأس. (انظر الشكل التوضيحي8)



الشكل التوضيحي 8 أ : غزو البر. رباعي الأقدام ساكن البر Acanthostega gunnari من جرين لاند، منذ حوالي 365 مليون سنة، وسمكة فصية الزعانف مبكرة Eusthenopteron foordi منذ حوالي 385 مليون سنة، والشكل الانتقالي Tiktaalik roseae من جزيرة Ellesmere Island منذ حوالي 375 مليون سنة. يظهر توسط شكل جسد التيكتاليك من خلال توسط أطرافه، التي لها بنية عظمية تتوسط بين التي للزعانف القوية للأسماك فصية الزعانف والأطراف الأكثر قوة المتساوية لرباعي الأرجل. العظام المظللة هي التي ستتطور لاحقاً إلى عظام الأذرع للثدييات الحديثة: فالعظمة المظللة بالتظليل الأغمق ستصير أعضادنا، والعظام الظللة بالتظليل الوسط والخفيف ستصير الأذرع والأزناد، على الترتيب.

كيف تطورت الأسماك العتيقة لتبقى حية على البر؟ كان هذا هو السؤال الذي أهمَّ_أو بالأحرى أقلق_زميلي بجامعة شيكاجو Neil Shubin . لقد قضى Neil سنواتٍ يدرس تطور الأطراف من الزعانف، ووصل لفهم المراحل الأسبق لذلك الظهور.

جاءت الفكرة بالحيثية التالية: إذا كانت الأسماك فصية الزعانف قد وُجِدت منذ حوالي 390 مليون سنة، لكن لم توجد فقاريات برية، وبوضوح تظهر الفقاريات البرية منذ 360 مليون سنة، فأين ستتوقع أن تجد الأشكال الانتقالية؟ في مكان ما بين الاثنين. متبعاً هذا المنطق، تنبأ نيل شوبين أنه لو وُجِدَت الأشكال الانتقالية، فسيُعثَر عليها في طبقة عمرها حوالي 375 مليون سنة. علاوة على ذلك، ستكون الصخور من المياه العذبة عوضاً عن الرسوبيات البحرية، لأن كلاً من الأسماك فصية الزعانف المتأخرة والبرمائيات المبكرة قد عاشوا في المياه العذبة.

باحثاً في كتابه الجامعي عن خريطة لرواسب ماء عذب مكشوفة من العصر الملائم، عين شوبين وزملاؤه منطقةً غير مستكشفة حفرياً من القطب الشمالي الكندي: جزيرة Ellesmere Island، التي تقع في المحيط القطبي الشمالي شمال كندا. وبعد خمس سنوات طِوالٍ من البحث المجدب والمكلف، حازوا آخر الأمر اكتشافاً مُحرِزاً: مجموعة من الهياكل العظمية المتحجرة المتكدسة أحدها فوق الآخر في صخر رسوبي من نهر قديم. عندما رأى شوبين لأول وهلة وجه المتحجرة يبرز من الصخر، علم أنه قد وجد في النهاية شكله الانتقالي. وتكريماً للسكان الإسكيمويين أو الإنيوئت المحليين والمانح الذي ساعد في تمويل البعثات، سُميت المتحجرة Tiktaalik roseae، حيث "تيكتاليك" تعني بلغة الإنيوئت "سمكة المياه العذبة الكبيرة"، و" roseae" هو إشارة خفية إلى المانح المجهول.

للتيكتاليك صفات تجعل منه رابطاً مباشراً بين الأسماك فصية الزعانف الأقدم والبرمائيات اللاحقة. بخياشيم، وحراشف، وزعانف، فقد كان بوضوح سمكة اعتاشت في الماء. إلا انها لها كذلك صفات شبه برمائية. لأجل عدة أشياء: رأسها كان مسطحاً كالذي للسلامندر، مع العينين والمنخرين على قمة الجمجة بدلاً من جانبيها. هذا يوحي أنها عاشت في المياه الضحلة واستطاعت النظر_وربما التنفس_فوق السطح. صارت الزعانف أكثر قوة، مُمَكِّنةً الحيوان من ثني نفسه إلى الأعلى لمساعدته على فحص بيئاته. و_كالبرمائيات المبكرة_ كان للتيكتاليك رقبة. ليس للأسماك رقاب، فجماجمها تتصل مباشرة بكواهلها.

الأكثر أهمية، أن التيكتاليك كان له صفتان جديدتان برهنتا على فائدتهما في مساعدة متحدريه على غزو البر. الأولى هي مجموعة من الضلوع القوية التي ساعدت الحيوان على ضخ الهواء إلى رئتيه وتحريك الأكسجين من خياشيمه (كان التيكتاليك يمكنه التنفس بالطريقتين). وعوضاً عن العظام الصغيرة الكثيرة في زعانف السمك فصي الزعانف، امتلك التيكتاليك عظاماً أقل وأقوى في الأطراف، عظاماً مشابهة في العدد والمواقع لما لدى كل كائن بري نشأ لاحقاً، بما في ذلك نحن. في الحقيقة يُستحسن وصف أطرافه كزعانف جزئياً، أرجل جزئياً.

على نحو واضح، فإن التيكتاليك كان متكيفاً جيداً للحياة والزحف في المياه الضحلة، والنظر فوق السطح، وتنفس الهواء. محددين بنيته، يمكننا أن نتصور الخطوة التطورية الحاسمة التالية، والتي ربما تضمنت سلوكاً جديداً. قليل من متحدري التيكتاليك كانوا جريئين كفاية للمغامرة خارج الماء على أطرافهم الزعنفية القوية، ربما لأخذ سبيلهم إلى نهر آخر (كما تفعل سمكة الطين القافزة المدهشة في المدار الاستوائي اليوم)، أو لتجنب المفترِسين، أو ربما لإيجاد طعام من الحشرات الضخمة الكثيرة التي تطورت من قبل. لو كان هناك أفضليات للمغامرة على البر، فيمكن للانتخاب الطبيعي تشكيل أولئك المستكشفين من سمك إلى برمائيات. تكشفت تلك الخطوة الصغيرة الأولى على الشاطئ عن قفزة عظيمة للنوع الفقاري، مؤدية في النهاية إلى تطور كل كائن مستوطن البر ذي عظمة ظهرية.

لم يكن التيكتاليك نفسه جاهزاً للحياة على الشاطئ. لأجل شيء واحد، فهو لم يطوِّر بعد أطرافاً تمكِّنه من المشيء. ولا زال لديه خياشيم داخلية للتنفس تحت الماء. لذا بوسعنا عمل تنبؤ آخر: في مكان ما، في رواسب المياه العذبة التي تعود إلى حوالي 370 مليون سنة، سوف نجد مستوطناً للبرية مبكراً جداً ذا خياشيم أقل وأطراف أقوى بقليل عن التي للتيكتاليك.

يُظهر التيكتاليك أن أسلافنا كانوا سمكاً مفترساً مسطح الرأس كمنوا في مياه الأنهار الضحلة. إنها متحجرة تربط على نحو مدهش السمك بالرمائيات. والمدهش على نحو مساوٍ أن اكتشافها لم يكن متوقعاً فحسب، بل ومتنبأً بظهوره في صخور عصر معين وفي مكان معين.

إن أفضل طريقة لاكتشاف أحداث التطور المثيرة هي رؤية المتحجرات بنفسك، أو الأفضل علاوة على ذلك، التعامل معها. حظي طلابي بهذه الفرصة عندما أحضر نيل Neilنموذجاً للتيكتاليك إلى الفصل، ممرراً إياه، ومرياً كيف أنه يشغل مكان شكل انتقالي. كان هذا_بالنسبة لهم_ أكثر دليل ماديةً على أن التطور حقيقة. كم كثيراً مرة تتوصل إلى وضع يديك على قطعة من التاريخ التطوري، الأقل منهم قد يكون سلفك البعيد؟

انظر صورة تشريحية لمتحجرة التيكتاليك في ملحق الصور برقم صورة 8ب


خلال الهواء: نشأة الطيور من الزواحف

فيما يستعمل نصف جناح؟ حتى منذ عصر دارون، طُرِح هذا السؤال لإلقاء التشكك على التطور والانتخاب الطبيعي. يخبرنا علماء الأحياء أن الطيور تطورت من زواحف عتيقة، لكن كيف قدر حيوان مستوطن البر على تطوير القدرة على الطيران؟ يعترض الخلقيون بأن الانتخاب الطبيعي لا يمكنه شرح هذه الانتقالة، لأنها ستتطلب مراحل متوسطة تكون الحيوانات فيها لديها بدايات الأجنحة فقط. فهذا سيبدو على الأرجح يثقل الكائن أكثر من إعطائه أفضلية انتخابية.

إلا أنك لو فكرت قليلاً بعد، فإنه ليس صعباً جداً اكتشاف مراحل وسطى في تطور الطيران، مراحل ربما كانت مفيدة لممتلكيها. إن التزلق الهوائي هو أول خطوة واضحة. وقد تطور التزلق الهوائي مراتٍ كثيرة كلٌ منها باستقلال: في بعض الثدييات المشيمية، والجِرابِيات، وحتى السحالي. تنزلق السناجب الطائرة على نحو جيد تماماً بامتدادت جلدية تمتد على جانبي الواحد منها. طريقة جيدة للانتقال من شجرة إلى أخرى للفرار من المفترسين أو إيجاد الجوز والبندق. وهناك حتى (ليمور أو هبَّار طائر) أكثر جدارة بالذكر، أو الـ Colugo الجنوب شرق آسيوي، الذي لديه غشاء مثير للإعجاب يمتد من الرأس إلى الذيل (انظر صورة 9/0). لقد شوهد أحد الـ Colugo ينزلق هوائياً لمسافة 450 قدماً، وهو تقريباً طول ستة ملاعب لكرة المضرب. بينما خسر أربعين قدماً ارتفاعاً فحسب. ليس من الصعب تصور الخطوة التالية: رفرفة الأطراف المماثلة للكولوجية لإنتاج طيران حقيقي، كما نرى في الخفافيش. إلا أننا لسنا مضطرين إلى تخيل هذه الخطوة فحسب من بعد، إذ أننا اليوم لدينا المتحجرات التي تُظهِر بوضوح كيف تطورت الطيور الطائرة.

منذ القرن التاسع عشر، قاد التشابه بين الهياكل العظمية للطيور وبعض الديناصورات علماء المتحجرات إلى وضع نظرية أن لهما سلفاً مشتركاً. وخاصةً الـ The Theropods : وهو اسم يعني باللاتينية الرشيقة، ديناصورات لاحمة سارت على رجلين. منذ حوالي مئتي مليون سنة يُظهر السجل الأحفوري وفرة من Theropods لكن لا شيء يبدو ولو حتى شبيهاً بالطير على نحو باهت. ومنذ نحو سبعين مليون سنة نرى متحجرات طيور تبدو حديثة بوضوح. إن كان التطور حقيقة، فإذن ينبغي أن نتوقع رؤية الانتقالة الزاحف طيرية في الصخور بين السبعين والمئتي مليون عام الماضية.

وهناك ثَمَّ هُمّ، إن الرابط الأول المكتشف بين الطيور والزواحف كان في الحقيقة معلوماً لتشارلز دارون، الذي أشار إليه بدقة واختصار في طبعة متأخرة لأصل الأنواع، وكحادث فريد فحسب إذن وقتئذٍ. إنه لربما هو أشهر كل الأشكال الانتقالية: الطائر العتيق أو Archaeoeryx lithographica الذي بحجم الغراب، اكتُشِف في محجر للحجر الجيري بجرمانيا عام 1860م. (الاسم أركيوبتركس يعني باللاتينية الجناح العتيق، و lithographica تأتي من اسم محجر الحجر الجيري، المتجزع على نحو لطيف كفاية لعمل صفائح جيرية والاحتفاظ بانطباعات الريش الدقيقة). إن للأركيوبتركس مجموعة الصفات التي سيتوقع المرء إيجادها في شكل انتقالي تماماً. ويعود عمره إلى حوالي 145 مليون سنة، متوضعاً حيث ستتوقع العثور عليه.

الأركيوبتركس حقاً زاحف أكثر منه طائر. فهيكله العظمي متطابق تقريباً مع الذي لبعض الديناصورات الـ Theropods. في الحقيقة، فإن بعض علماء الأحياء القدماء الذين لم ينظروا إلى متحجرات الأركيوبتركس ملياً كفاية فاتهم الريش، وأخطؤوا تصنيف الكائن كـ Theropods. (يُظهر الشكل التوضيحي 9 أ التشابه بين النوعين). تتضمن الصفات الزاحفية فكاً ذا أسنان، وذيلاً عظمياً طويلاً، ومخالب، وأصابع منفصلة على الجناح (في الطيور الحديثة هذه العظام مندمجة، كما يمكنك رؤية ذلك بتفحص جناح دجاجة أو بطة مما نأكل)، ورقبة متصلة بالجمجمة من الخلف كما في الديناصورات بدلاً من الأسفل كما في الطيور الحديثة. عدد الصفات شبه الطيرية اثنتان فقط: ريش عريض وأصابع أقدام متلاقية، ربما استخدمت للجثوم. ما زال من غير الواضح ما إذا كان هذا الكائن_رغم تريشه تماماً_قد استطاع الطيران. لكن ريشه الغير متماثل_أحد جانبي الريشة أعرض من الآخر_يوحي بأنه قد استطاع. إن الريش الغير متماثل_مثله مثل أجنحة الطائرة_يصنع شكل كسوة الطيران الضرورية للطيران الديناميكي الهوائي. لكن حتى لو كان قد استطاع الطيران، فالأركيوبتركس ديناصوري بالدرجة الأساسية. إنه أيضاً ما يدعوه علماء التطور (فسيفسائي): فبدلاً من امتلاك كل صفة تكون وسطاً بين التي للطيور والزواحف، فقد كان لدى الأركيوبتركس مقدار قليل من الصفات الشبه طيرية تماماً، بينما معظم المقدار صفات زاحفية تماماً. (انظر مجموعة صور لمتحجرات شهيرة له في الملحق برقم 9ب)



الشكل التوضيحي 9 أ: هياكل عظمية لطائر حديث (دجاجة)، وأحد الأشكال الانتقالية (الأركيوبتركس) وديناصور رشيق Theropod لاحم منتصب القامة (Compsognathus) مشابهاً لأحد أسلاف الأركيوبتركس. كان لدى الأركيوبتركس قليل من صفات كالتي للطيور المعاصرة (ريش وأصابع أقدام متلاقية)، لكن هيكله مشابه جداً للذي للديناصورات، بما في ذلك أسنان وحوض وذيل عظمي طويل. كان الأركيوبتركس بحجم الغراب تقريباً. أما Compsognathus فكان أكبر بمقدار ضئيل.

بعد اكتشاف الأركيوبتركس، لم يُعثَر لسنوات طوال على متوسطات زاحف طيرية أخرى، تاركاً فجوة واسعة بين الطيور وأسلافهم. ثم في منتصف التسعينيات من القرن العشرين، بدأ فيض من الاكتشافات المدهشة من الصين في سد الفجوة. هذه المتحجرات_معثوراً عليها في رواسب بحيرية تحفظ انطباع الأجزاء الرقيقة_تمثل استعراضاً حقيقياً للديناصورات الرشيقة Theropods المريشة. (8) البعض منها كان لديه بنيوات شعيرية صغيرة جداً تغطي كل الجسد، ربما ريش مبكر. أحدهم هو الجدير بالملاحظة Sinornithosaurus millenii (تعني Sinornithosaurus الطائر السحلية الصيني)، والذي كان كل جسده مغطى بريش طويل رفيع، ريش صغير جداً بحيث لا يمكن بأية حال أن يكون قد ساعده على الطيران (الصورة 10 أ في ملحق الصور). وأصابع يديه وأسنانه وذيله العظمي الطويل تُظهِر بوضوح أن هذا الكائن كان بعيداً عن أن يكون طائراً حديثاً. (9).

تُظهر ديناصورات أخرى ريشاً متوسط الحجم على الأطراف االأمامية والذيل أكثر شبهاً بالطيور الحديثة. الأكثر إدهاشاً بين الجميع هو Microraptor gui، "الديناصور رباعي الأجنحة". بخلاف أي طائر حديث، فهذا الكائن العجيب ذي طول الثلاثين بوصة كان لديه ذراعان ورجلان مريشتان تماماً (الصورة 10 ب)، والتي ربما كانت تُستعمل للتزلق الهوائي عندما تُنشَر. (10)

لم يكن لدى الديناصورات الرشيقة فحسب صفات بدائية شبه طيرية، فيبدو أنها حتى قد تصرفت بطرق شبه طيرية. وصف عالم الإحاثة والمتحجرات Mark Norell وفريقه متحجرتين تُظهران سلوكاً عتيقاً، ولو كان هناك على الإطلاق متحجرات يمكن وصفها بالمؤثِّرة فهما هاتان. أحدهما لديناصور صغير مريش نائماً ورأسه مغطى تحت ذراعه الشبيه بالجناح المطوي، بالضبط كما تنام الطيور الحديثة (الصورة 11في ملحق الصور)، أُعطي الحيوان الاسم العلمي Meilong (بالصينية أي: التنين النائم تماماً)، ولابد أنه مات أثناء هجوعه. أما المتحجرة الأخرى فهي لأنثى ديناصور رشيق Theropod لاقت حتفها بينما تقبع في عشها المحتوي على اثنين وعشرين بيضة، سلوك فقس مماثل للذي للطيور.

إن كل متحجرات الديناصورات المريشة غير الطائرة تؤرخ ما بين 135 و110 مليون عام ماضٍ، متأخرة عن الأركيوبتركس الذي يعود إلى 145 مليون عام ماضٍ. هذا يعني أنهم لا يمكن أن يكونوا أسلاف الأركيوبتركس، لكنهم قد يكونون أقاربه. ربما استمرت الديناصورات المريشة في الوجود بعد أن أدى أحد أنسبائهم إلى نشوء الطيور. ينبغي_إذن_أن نكون قادرين على إيجاد ديناصورات مريشة أقدم أيضاً كانت أسلاف الأركيوبتركس. المشكلة أن ذلك يُحفَظ في رواسب خاصة فقط: الطمي المتجزع برفق لبيئات هادئة كقيعان البحيرات أو الأهوار. وهذه الظروف نادرة جداً. إلا أننا يمكننا عمل التنبؤ التطوري القابل للاختبار التالي: يوماً ما سوف نجد متحجرات لديناصورات مريشة أقدم من الأركيوبتركس. (11)

إننا لسنا متأكدين ما إذا كان الأركيوبتركس هو النوع الوحيد الذي أدى إلى نشوء الطيور. ويبدو بعيد الاحتمال أنه هو "الرابط المفقود". لكن بغض النظر، فإنه واحد من سلسلة طويلة من المتحجرات (بعضهم اكتُشِف من قِبَل الجريء Paul Sereno) تُوثِّق بجلاءٍ نشأة الطيور الحديثة. وكلما صارت هذه المتحجرات أحدث، نرى أن الذيل الزاحفي يتقلص، والأسنان تختفي، وتندمج الأصابع معاً، وتظهر عظمة الصدر العريضة لتثبيت عضلات الطيران.

رابطين الأشياء ببعضها، فإن المتحجرات تُظهر أن المخطط الهيكلي الأساسي للطيور، وذلك الريش الجوهري، قد تطورا قبل أن تستطيع الطيور الطيران. كان هناك الكثير من الديناصورات المريشة، وريشهم مرتبط بوضوح مع الذي للطيور الحديثة. لكن إذا لم يكن الريش قد نشأ كتكيف للطيران، فما الذي كان له على الأرض؟ مجدداً، إننا لا نعلم. ربما كان يستعمل للتزين أو الاستعراض، ربما لجذب العشراء. ويبدو رغم ذلك أكثر ترجيحاً أنهم قد استعملوا لعزل الحرارة. فبخلاف الزواحف الحديثة، ربما كانت الديناصورات الرشيقة حارة الدماء جزئياً، وحتى لو لم يكونوا فإن الريش كان سيساعد في الحفاظ على درجة حرارة الجسد. وما الذي تطور منه الريش هو سؤال أكثر غموضاً. التخمين الأفضل هو أنه قد نشأ من نفس الخلايا التي أنشأت حراشف الزواحف، لكن ليس كل العلماء متفقين على هذا التخمين.

رغم الأمور المجهولة، يمكننا عمل بعض التخمينات عن كيفية تشكيل الانتخاب الطبيعي للطيور الحديثة. لقد طورت الديناصورات اللاحمة المبكرة أطرافاً وأيدي أطول، والتي ربما ساعدتهم على الإمساك بالفريسة والتعامل معها. هذا النوع من الإمساك سيؤيد تطور العضلات التي ستنشر الطرفين الأماميين وتجذبهم إلى الجسد سريعاً: تماماً نفس الحركة المستعملة في السباحة الانحدارية في الطيران الحقيقي. ثم يتبعه الغطاء الريشي، ربما للعزل. مفترضين هذه الأفكار المبتكرة، فهناك على الأقل إذن سبيلان يمكن أن يكون الطيران قد تطور من أحدهما. الأول يدعى سيناريو "الهبوط من الأشجار". هناك أدلة على أن بعض الديناصورات الرشيقة Theropods عاشت جزئياً على الأشجار. كانت ستساعد الأطراف المريشة تلك الزواحف على التزلق الهوائي من شجرة إلى أخرى، أو من شجرة إلى الأرض، مما كان سيساعدهم على الهرب من المفترِسين، وإيجاد طعام بسهولة أكثر، أو تلطيف سقطاتهم.

سيناريو مختلف واكثر ترجيحاً، يُدعى نظرية "الارتفاع من الأرض"، التي ترى أن الطيران قد تطور نتيجة الجري والوثب بذراعين مفتوحتين الذي ربما قامت به الديناصورات المريشة للإمساك بفرائسها. ربما قد تطورت الأجنحة الأطول أيضاً كمساعِدات على الجري. طائر الحجلة chukar partridge، وهو طائر أحجل درسه Kenneth Dial بجامعة University of Montana، يمثل مثالاً حياً على هذه الخطوة. فطيور الحجلة هذه لا تطير أبداً تقريباً، ويرفرفون بأجنحتهم لمساعدتهم على الجري صُعُدَاً على نحو أساسي. الرفرفة لا تعطيهم فقط دفعاً إضافياً، بل أيضاً مقاومة أكثر ضد جاذبية الأرض. تستطيع أفراخه المولودة حديثاً الصعود على منحدرات بدرجة 45 درجة، ويمكن لبالغيه صعود منحدرات بميل 145درجة، متدلين أكثر من كونهم عموديين! بمجرد الركض والرفرفة بأجنحتهم. الأفضلية الواضحة هي أن التسلق صعداً يساعد هذه الطيور على الهرب من المفترسين. الخطوة التالية في تطوير الطيران ستكون قفزات هوائية قصيرة جداً، كالتي يقوم بها الديك الرومي والسلوى هرباً من الخطر.

سواء في سيناريو (الهبوط من الأشجار) أم (الارتفاع عن الأرض)، كان يمكن للانتخاب الطبيعي البدء في تأييد الأفراد الذين استطاعوا الطيران أبعد، بدلاً من مجرد التزلق، أو القفز، أو الطيران لاندفاعات قصيرة. ثم ستأتي المبتكرات الأخرى التي تشترك فيها الطيور الحديثة، بما فيها العظام المجوفة لأجل الخفة، وعظمة الصدر العريضة تلك.

بينما قد نخمن بصدد التفاصيل، فإن وجود المتحجرات الانتقالية، وتطور الطيور من الزواحف هو حقيقة. تُظهر المتحجرات كالأركيوبتركس وأقاربه اللاحقين خليطاً من الصفات الشبه طيرية والزاحفية القديمة، وهم يظهرون في الوقت الصحيح في السجل الأحفوري: تنبأ العلماء أن الطيور قد تطورت من االديناصورات الرشيقة، وعلى نحو مؤكد كفاية وجدنا ديناصورات رشيقة ذوي ريش. إننا نرى تقدماً عبر الزمن من ديناصورات رشيقة مبكرة لديها أغطية للجسد رفيعة شعيرية إلى لاحقين ذوي ريش مميز، ربما كانوا متزلقين هوائيين ماهرين. ما نراه في تطور الطيور هو إعادة تشكيل لصفات قديمة (أطراف ذوات أصابع وشعيرات رفيعة على الجلد) إلى أخرى جديدة (أجنحة بلا أصابع وريش)، تماماً كما تتنبأ النظرية التطورية.



عودة إلى الماء: تطور الحيتان

اشتهر الخلقي الأمركي Duane Gish لأجل محاضراته النشيطة والشعبية (وإن تكن مضللة على نحو متطرف) المهاجمة للتطور. حضرت ذات مرة إلى إحداها، وخلالها سخر Gish من نظرية علماء الأحياء بأن الحيتان تحدرت من حيوانات برية ذوي صلة بالأبقار. وسأل كيف يمكن أن تحدث هذه الانتقالة، حيث أن الشكل الوسيط سيكون متكيفاً على نحو رديء لكل من البر والماء، وهكذا لا يمكن أن يُبْنى بالانتخاب الطبيعي؟ (هذا يماثل جدلية النصف جناح ضد تطور الطيور). لتوضيح قصده، عرض Gish شريحة صورة على الشاشة لحيوان كرتوني شبيه بعروس البحر نصفه الأمامي بقرة منقطة والخلفي سمكة. محير بجلاء بصدد مصيره التطوري، كان هذا الحيوان الكرتوني رديء التكيف على نحو جلي يقف على حافة الماء، فيما حامت علامة استفهام كبيرة فوق رأسه. كان للكرتون التأثير المطلوب: اندفع الجمهور في الضحك، وفكروا كم هم أغبياء علماء الأحياء التطورية.

في الواقع، فإن "البقرة-عروس البحر" الكرتونية هي مثال مضحك لشكل انتقالي بين الثدييات البرية والبحرية، "إخفاق ثديي" حسبما دعاه Gish، لكن فلننسَ الأضحوكات والخطابة، وننظر إلى الطبيعة. هل نستطيع أن نجد أي ثديي يعيش على كلٍ من البر والماء، نوع الكائن الذي يٌفترض أنه لم يستطع التطور؟

بسهولة، فإن فرس أو جاموس النهر مرشح جيد، الذي رغم صلته الوثيقة بالثدييات البرية، يمكنه أن يصير مائياً مثلما هو بري تقريباً. هناك نوعان: جاموس النهر القزم، وجاموس النهر "القياسي"، الذي اسمه العلمي على نحو ملائم Hippopotamus amphibious جاموس النهر البرمائي. تقضي جواميس النهر معظم وقتها غاطسة في الأنهار والمستنقعات الاستوائية، ماسحين مجالهم بعيون وأنوف وآذان متموضعة أعلى رؤوسهم، كل منها يمكنه الانغلاق بإحكام تحت الماء. تتزاوج جواميس النهر في الماء، وأطفالهم الرضع_الذين يقدرون على السباحة قبل أن يقدروا على المشي_يولَدون ويرضعون تحت الماء. ولأنهم مائيون في الغالب عليهم، فإن لجواميس النهر تكيفات خاصة للصعود على الشاطئ للرعي: فهم عادة يرعون ليلاً، و_لأنهم عرضة لحروق الشمس_يفرزون سائلاً زيتياً أحمر يحتوي على صبغ، حمض عَرقي جاموسنهري، يعمل كعازل للشمس وربما كمضاد حيوي. هذا ما أدى إلى نشوء أسطورة أن جواميس النهر يعرقون دماً. جواميس النهر متكيفون جيداً على نحو واضح مع بيئتهم، وليس من الصعب رؤية أنهم لو وجدوا طعاماً كافياً في الماء، لكانوا تطوروا آخر الأمر إلى مائيين بالكامل، إلى كائنات شبيهة بالحيتان.

إلا أننا لسنا مضطرين إلى مجرد تخيل كيفية تطور الحيتان بالاستقراء من كائنات حية. فقد صادف أن للحيتان سجلاً أحفورياً ممتازاً، متوافقاً مع عاداتهم المائية وعظامهم القوية سهلة التحجر. وقد بزغت معرفة كيفية تطورهم خلال العشرين سنة الأخيرة فقط. هذا واحد من أفضل أمثلتنا على الانتقال التطوري، حيث لدينا سلسلة مرتبة زمنياً من المتحجرات، ربما خط تحدر من الأسلاف والمتحدرين، يُظهِر تحركهم من البر إلى الماء.

لقد أُدرِك منذ القرن السابع عشر أن الحيتان وأقاربهم: الدلافين وحيتان خنازير البحر ثدييات. وأنهم حارو الدماء، وينجبون أطفالاً أحياء يضرعونهم الحليب، ولهم شعر حول منخري الواحد منهم. والأدلة من الحمض النووي للحيتان، وكذلك التراكيب الأثرية اللاوظيفية كالحوض والرجلين تُظهر أن أسلافهم عاشوا على البر. تطورت الحيتان على نحو مؤكد تقريباً من نوعٍ من شفعيات الأصابع: مجموعة الثدييات التي لها عدد فردي من الأظلاف، كالجمال والخنازير. (12)

يعتقد علماء الأحياء اليوم أن أوثق الكائنات الحية قرابة إلى الحيتان هم_ولعلك خمنتَ هذا_جواميس النهر، لذا ربما سيناريو جاموس النهر إلى الحوت ليس متكلفاً جداً برغم كل شيء.

إلا أن للحيتان صفاتهم الخاصة الفريدة التي تجعلهم ملحوظين أكثر من أقاربهم البريين. هذا يتضمن غياب الرجليين الخلفيتين، والطرفين الأماميين المشكلين كالمجدافين، والذيل المسطح الشبيه بشعبة المرساة، وفتحة نفخ (فتحة أنف أعلى الرأس)، ورقبة قصيرة، وأسنان مخروطية بسيطة (مختلفة عن الأسنان المعقدة والمتعددة الأنياب للثدييات البرية)، وصفات خاصة للأذنين تمكنهم من السماع تحت الماء، ونتوآت قوية على أعلى العمود الفقري لتثبيت عضلات السباحة القوية للذيل. بفضل سلسلة مدهشة من المتحجرات وُجِدَت في الشرق الأوسط، يمكننا تتبع كل واحدة من هذه الصفات_عدا الذيل غير العظمي الذي لا يتحجر_من شكل بري إلى شكل مائي.

منذ ستين مليون عام ماضٍ هناك وفرة من متحجرات الثدييات، لكن لا متحجرات حيتان. تظهر الكائنات الشبيهة بالحيتان الحديثة بعد ثلاثين مليون عام لاحقة. ينبغي أن نكون قادرين_من ثم_على العثور على أشكال انتقالية خلال هذه الفجوة. ومرة أخرى، هذا بالضبط حيث يوجدون.
يُظهر الشكل التوضيحي 12، في ترتيب زمني، بعض المتحجرات المتضمنة في هذه الانتقالة، تشغل الحقبة ما بين الـ52 و40 مليون عام ماضٍ.




شكل توضحي 12: أشكال انتقالية في تطور الحيتان الحديثة من السلف شفعي الأظلاف Indohyus إلى الحوت صفائحي الأسنان الحديث Balaena ذي الحوض والطرفين الخلفيين الأثريين، بينما الأشكال الأخرى هي متحجرات انتقالية. تظهر الأحجام النسبية للحيوانات في التظليل الرمادي.
ليس هناك حاجة لوصف هذه الانتقالة بالتفاصيل، إذ يتحدث الشكل التوضيحي المرسوم بوضوح_إن لا يكن على نحو صارخ_عن كيفية لجوء حيوان عائش فوق البر إلى الماء. تبدأ السلسلة بمتحجرة مكتشفة حديثاً لقريب وثيق الصلة إلى الحيتان، حيوان بحجم الشره (الراكون) يدعى Indohyus . عاش منذ 48 مليون عام، وقد كان Indohyus لديه الصفات الخاصة للأذنين والأسنان التي تُرى فقط في الحيتان الحديثة وأسلافهم المائيين. رغم أن Indohyus يظهر متأخراً قليلاً عن الأسلاف المائية الضخمة للحيتان، فإنه ربما كان قريباً للغاية مما كان يبدو عليه سلف الحيتان. وقد كان مائياً جزئياُ على الأقل. نعلم هذا لأن عظامه كانت أكثر كثافة من التي للثدييات البرية تماماً، التي تحول دون تمايل الكائن يمنى ويسرى في الماء، ولأن النظائر الذرية المستخلصة من الأسنان تُظهر أنه امتص وفرة من الأكسجين من الماء، فربما خاض في الأنهار أو البحيرات الضحلة للرعي على النباتات أو الهرب من أعدائه، بصورة مشابهة للغاية لما يفعل اليوم حيوان مشابه، الـ Chevrotain المائي الإفريقي. (13) ربما وضعت هذه الحياة التي جزء منها في الماء أسلافَ الحيتان على طريق صيرورتهم مائيين على نحو كامل.

لم يكن Indohyus سلفاً للحيتان، إلا أنه كان على نحو مؤكد تقريباً قريبهم. لكن لو وعدنا في الزمن أربعة ملايين سنة أخرى، إلى 52 مليون سنة ماضية، نرى ما لعله ذلك السلف تماماً. إنها متحجرة جمجمة من كائن بحجم الثعلب يُدعى Pakicetus، الذي كان أشبه بالحوت أكثر بقليل جداً من Indohyus، لديه أسنان أكثر بساطة وأذنين أشبه بالحيتان أكثر. لا زال الـ Pakicetus لا يبدو شبيهاً في شيء للحيتان الحديثة، لذا فلو كنت في الجوار آنذاك لرؤيته لما كنت ستحدس أنه أو أحد أقاربه الوثيقين سيؤدي إلى نشوء تشعب تطوري درامي. ثم يتلو ذلك_في تتابع سريع_سلسلة من المتحجرات اللاتي تصير أكثر فأكثر مائية مع الزمن. عند خمسين مليون سنة ماضية كان هناك الـ Ambulocetus الجدير بالملاحظة (يعني اسمه باللاتينية الحوت السائر)، ذو جمجمة ممتدة وأطراف ناقصة لكن لا تزال قوية، أطراف تنتهي بأظلاف تشي بسلفيتها. ربما قضى معظم وقته في الماء الضحل، وتهادى على نحو أخرق على البر، على نحو شديد الشبه بالفقمة. أماRodhocetus منذ 47 مليون عام ماضٍ فكان مائياً بدرجة أكبر. تحرك منخراه إلى حد ما إلى الخلف، وكان له جمجمة أكثر امتداداً، مع امتدادات قوية على العمود الظهري لتثبيت عضلات ذيله، لابد أنه كان سابحاً ماهراً، لكنه كان معاقاً على البر بسبب حوضه وطرفيه الخلفيين الصغار. قضى الكائن بالتأكيد معظم إن لم يكن كل وقته في البحر. آخراً عند أربعين مليون سنة ماضية، نجد متحجرات الـ Basilosaurus and Dorudon، وهي ثدييات مائية على نحو كامل بوضوح ذوي رقاب قصيرة ومنخرين أعلى الجمجمة. لا يمكن أن يكونوا قد قضوا أي وقت على البر، لأن أحواضهم وأرجلهم الخلفية كانت ضامرة (كان لـ Dorudon ذي طول الخمسين قدماً رجلان طول الواحدة منهما قدمان فقط) وكانت غير مرتبطة ببقية الهيكل العظمي.

لقد كان تطور الحيتان من حيوانات برية سريعاً على نحو ملحوظ: معظم التغير حدث خلال عشرة ملايين سنة فقط. هذا ليس أكثر بكثير من الوقت الذي استغرقناه للانفصال عن سلفنا المشترك مع الشمبانزي، وهي انتقالة تضمنت تعديلاً أقل بكثير للجسد. بهدوء وثبات، لم يتطلب التكيف للحياة في البحر تطور أية صفات جديدة كأنها علامة تجارية، بل فقط تعديلات على القديمة.

لكن لماذا تعود بعض الحيوانات إلى الماء على نحو عام؟ مع أن منذ ملايين السنوات الأسبق غزا أسلافهم البر. إننا لسنا متأكدين لماذا كانت هناك هجرة عكسية، إلا أن هناك أفكاراً عديدة. إحدى الاحتمالات تتضمن اختفاء الديناصورات إلى جانب أقاربهم المائيين المفترِسين، mosasaurs, ichthyosaurs, and plesiosaurs آكلي السمك. هذه الكائنات لم تكن ستتنافس فقط مع الثدييات المائية على الطعام، بل ربما جعلت منهم وجبة. مع انقراض منافسيهم، ربما وجد أسلاف الحيتان كوة مفتوحة، خالية من المفترسين وغنية بالطعام. كان البحرمستعداً للاجتياح. كل منافعه كانت على بُعد طفرات وراثية قليلة.

ما الذي تقوله المتحجرات

إن تكن عند هذه النقطة شاعراً بالربكة مع المتحجرات، فكن متعزياً بأني أهملتُ المئات من الأخرى التي تُظهر أيضاً التطور. فهناك انتقالة بين الزواحف والثدييات، موثقة بإسهاب للغاية مع "الثدييات شبيهة الزواحف" الوسيطة التي هي مادة العديد من الكتب. ثم هناك الأحصنة كشجيرة تطورية متفرعة أدت من سلف صغير خماسي الأظلاف إلى النوع ذي الحوافر الفخيم للعصر الحالي (صورة 12ب). وبالتأكيد هناك سجل أحفوري بشري، وصفناه في الفصل الثامن. بالتأكيد أفضل مثال على تحقيق تنبؤ تطوري.

خشية الإطناب سأشير فقط على نحو مختصر إلى القليل من الأشكال الانتقالية الهامة الأخرى. الأول هو حشرة. لقد افترض علماء الحشرات منذ زمن طويل من التشابهات التشريحية أن النمل قد تطور عن زنابير غير اجتماعية. في عام 1961 عثر E.o.Wilson وزملاؤه على "نملة انتقالية"، محفوظة في الكهرمان، تحمل بالضبط تقريباً مجموعة الصفات شبه النملية وشبه الزنبورية التي تنبأ بها علماء الحشرات. (شكل توضيحي وصورة برقم 13 في ملحق الصور).

على نحو مماثل، افتُرِض منذ زمن طويل أن الثعابين قد تطورت من زواحف شبيهة بالسحالي فقدت أرجلها، حيث أن الزواحف ذوات الأرجل تظهر في السجل الأحفوري قبل الثعابين تماماً. في عام 2006 عثر علماء متحجرات منقبين في Patagonia على متحجرة لأقدم ثعبان معروف، يعود إلى تسعين مليون سنة. تماماً كما قد تُنبِأ، كان لديه حزام حوضي ضئيل ورجلين خلفيتين ضامرتين. (صورة 13ب في ملحق الصور)

وربما أكثر اكتشاف مثير من بين الجميع هو متحجرة عمرها 530 مليون عام من الصين تدعى Haikouella lanceolata، تشبه سمكة أنقليس ذات زعنفة ظهرية مشرشبة. ولها أيضاً رأس ومخ وقلب وعمود غضروفي على طول الظهر: الحبل الشوكي. هذا يعينها ربما كأقدم حبلي، المجموعة التي أدت إلى نشوء كل الفقاريات أو الحبليات، بما في ذلك نحن. ربما يكمن في هذا الكائن المعقد ذي طول البوصة الواحدة جذور تطورنا.

يُعلِّمنا سجل الأحافير ثلاثة أشياء. أولاً، إنه يتحدث بصوت عالٍ وعلى نحو بليغ عن التطور. يؤكد السجل في الصخور تنبؤات عديدة لنظرية التطور: التغير التدرجي خلال خطوط التحدر (الذُريَّات)، وانشقاق خطوط التحدر، ووجود أشكال انتقالية بين كل نوعين مختلفين من الكائنات. ليس هناك من سبيل لتجنب لهذه الأدلة، ولا إقصائها، التطور قد حدث، وفي حالات كثيرة نرى كيف.

ثانياً، عندما نجد أشكالاً انتقالية، فهي تظهر في السجل الأحفوري تماماً حيث ينبغي أن تكون. أقدم الطيور تظهر بعد الديناصورات لكن قبل الطيور الحديثة. نرى حيتاناً سلفية تسد الفجوة بين أسلافهم عديمي الخبرة بالسباحة والحيتان الحديثة تماماً. إن لا يكن التطور حقيقة، لما ظهرت المتحجرات في ترتيب له منطق تطوري. مسؤولاً ما هي الملاحظة الممكن تصورها تدحض التطور، تذمر عالم الأحياء سريع الغضب J. B. S. Haldane حسبما يُقال مجيباً: "متحجرات أرانب في العصر الكامبريّ!" (العصر الجيولوجي الذي انتهى عند 542 مليون عام ماضٍ). ليس هناك من حاجةٍ للقول، لم يُعثَر قط على أرانب قبل كامبرية أو أي متحجرات أخرى منطوية على مفارقة تاريخية.

آخراً، فإن التغير التطوري_حتى من النوع الكبير_يتضمن دوماً تقريباً إعادة تشكيل القديم إلى الجديد. فأرجل الحيوانات البرية هي تغييرات على الأطراف القوية للسمك السلفي. عظام الأذن الوسطى الصغيرة للثدييات هي إعادة تشكيل لعظام الفك لأسلافهم الزاحفيين. أجنحة الطيور معدلة عن أرجل الديناصورات. والحيتان هي حيوانات برية ممطوطة صارت أطرافها مجاديف وتحركت مناخيرها إلى أعلى الرأس.

ليس هناك سبب لكي يقوم مصمم سماوي بتشكيل الكائنات من نقطة انطلاق، مثل مهندس معماري يصمم مباني، وينبغي عليه عمل نوع جديد بإعادة تشكيل ملامح الموجودة، كل نوع كان يمكن أن يُبنى من المرتبة الدنيا إلى العليا. لكن الانتخاب الطبيعي يمكنه فقط العمل بتغيير ما هو موجود فعلياً. فهو لا يمكنه إنتاج صفات جديدة من العدم: تتنبأ نظرية التطور_إذن_أن الأنواع الجديدة سوف تكون نسخاً معدلة من القديمة. يؤكد السجل الأحفوري بإسهاب هذا التنبؤ.














04-23-2012, 06:03 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
RE: للتحميل: لماذا النشوء والتطور حقيقة - بواسطة راهب العلم - 04-23-2012, 06:03 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  حقيقة وعد بلفور فارس اللواء 17 1,995 04-19-2014, 09:16 AM
آخر رد: عاشق الكلمه
  مشكلة الابداع والتطور في العالم العربي mr.H 21 5,653 04-23-2012, 09:46 PM
آخر رد: طريف سردست
  حقيقة وراء قناة الجزيرة‏ ... observer 11 3,254 10-28-2011, 04:39 PM
آخر رد: نيو فريند
  دراسة ( العرب والتطور الحضارى ) - الواقع والازمة بقلم الكاتب // طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 794 10-25-2011, 11:41 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  جمهورية اليهود ...حقيقة تاريخية والحل بيد الليدي ميشيل نسمه عطرة 1 1,993 01-10-2011, 10:43 PM
آخر رد: أسامة مطر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS