تنتشر هذه الأيام ظواهر متناقضة في ساحات دمشق وشوارعها فمن ناحية تزداد الحواجز التي تقطع أوصال المدينة العريقة فلا تكاد تخلو ساحة أو شارع من حاجز يمنع المرور أو سواتر ترابية يقف خلفها مسلحون , وعلى مقربة منها الآليات العسكرية وتعترضها الحواجز الاسمنتية بينما ينتشر القناصة على أسطح الكثير من الأبنية خصوصاً المقرات الأمنية المتوضعة بين الأبنية السكنية.. .....ومن ناحية أخرى تشاهد أعمدة الكهرباء والانارة وتصاوين الأبنية وقد امتلأت باللافتات وصور المرشحين لانتخابات مجلس الشعب ,والتي قرر النظام إقامتها في مطلع شهر ايار القادم رغم الدماء السائلة والجروح النازفة من أقصى البلاد الى أقصاها والملاحظ ان هذه اللافتات والصور تعود فقط حتى الأن للمرشحين المستقلين ولعدد من مرشحي الأحزاب التي شكلها النظام موخراً أما مرشحي حزب البعث فهم ينتظرون بمنتهى القلق نتائج البازار الذي أقامه عليهم رفاقهم في القيادة والتعليمات التي ستصدر بشأنهم من القيادات الأمنية كما جرت عليه العادة رغم نتائج ما يدعونه بالاستنساب وهو الاقتراع الداخلي على مرشحي حزب البعث وقد احب بعض المرشحين أن يزينوا لافتات وصور الدعاية العائدة لهم بالشعارات وبالوعود الانتخابية التي تدعو الى محاربة الفساد والبطالة ودعم الشباب والتلاحم الوطني وسوريا اولاٍ وسوريا فوق الجميع ؛؛؟وغيرها وغيرها من مثل هذه الشعارات متوهمين ومتناسيين أن الفساد أصله قائم في منظومة الحكم الطائفي التي مازالت تتحدث عن هذه الشعارات منذ اكثر من خمسيين عاماً وتطبل وتزمر لحملات وهمية بين الفترة والاخرى على الفساد والمحسوبية دون أن يتحقق أي شيء من ذلك ....لأن الفساد وكل الشرور التي تعاني منها سوريه موجود في رأس الحكم وأركانه ....وإن مجلس الشعب بمؤسستة وأعضانه ماهو الا صرح من صروح هذا النظام يقدم عليه مسرحيات للترويج والترويح ليس أكثر ....فهو على مدى أكثر من ستة أدوار دعيت بالتشريعية لم يقدم خلالها سوى صك تشريعي واحد هو تخفيض عمر الرئيس ليتسنى انتخاب بشار خلفاً لوالده ...وذلك خلال أقل من ربع ساعة من مسرحية درامية فيها البكاء والعويل على القائد الذي ظنوه خالداً ورئيساً الى الأبد فإذا هو ميت كما يموت بقية البشر..
هذا المجلس الذي جعل السوريون يخجلون منه من مسرحيات الهزل التي يقيمها لرئيسه المفدى عندما يتنازل ويشرفه بزيارة مباركة تصدح خلالها الشعارات والخطابات والهتافات بتمجيده والاقرار بربوبيته وعبودية الأعضاء له والتسبيح بفضائله وصفاته التي لايتمتع بها الا الأرباب والألهة .
ان المرشحين الذين ينشرون دعايتهم في الشوارع والساحات وباستثناء قلة غبية أو متغابية منهم يعلمون أن اسماء أعضاء المجلس القادم ستكون ومبتوت بأمرها قبل فتح مراكز التصويت بيوم أو أكثر ..وأن الذي بيده الأمر والحل في تسمية فلان او علان هي اللجنة التي يشكلها رأس النظام لهذه الغاية وتضم عدداً من أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ومؤسسة القصر الجمهوري ورؤساء الأجهزة الأمنية وبيد الجهتين الأخيرتين القرار المرجح بعد العرض على رأس النظام .....أما باقي الانتخابات من حملات دعاية ومواكب وحفلات ومضافات ومن ثم انتخابات ولجان فلا تعدو أن تكون فصول من مسرح كراكوز وعيواض ولمن لا يريد أن يصدق فلينزل بنفسه الى مقرات فروع حزب البعث والى مكاتب القيادة القطرية واحزاب الجبهة الوطنية ليرى ويسمع وعندها سيعرف الحقيقة المرة ..وللعلم أيضا فان هناك عددا من أبواق النظام قد ترشحوا في مدينة دمشق عوضا من الترشح في محافظاتهم الأصلية وكونهم يدعون الزعامة العشائرية او الحزبية او الشعبية فيها نذكر منهم شريف شحادة وخالد العبود وأحمد شلاش وطالب ابراهيم ,والواضح ان هذا الأمر قد تم بناء على طلب الأجهزة الأمنية وبالتالي فنجاحهم مؤكد.. ...
أما المجلس بحد ذاته فهو مجلس صوري وجد للهتاف والتسبيح والتمجيد بحياة الرئيس اولاً ومن ثم الدعاية بأن لدى سوريا برلماناً ..وهذا المجلس يخضع رغم الدقة في اختيار أعضائه الى رقابة مباشرة من مؤسسة رئاسة الجمهورية وكافة اجهزة وفروع الأمن المختلفة والتي يصل عددها الى /13/ جهازاً حتى لا يحصل اي أمر غير مستحب للنظام حيث يتم تصوير وتسجيل كل جلساته ونقلها من خلال دارة تلفزيونية مغلقة الى مكاتب معنية بهذا الأمر في القصر الجمهوري لاعلام راس النظام وأركانه باي قول او فعل يتجاوز الحدود الحمراء و حدود الطاعة.... وإن حصل وتجاوز اي عضو لحدود الطاعة المطلوبة فإن الحساب والعقاب حاضر والحصانه ترفع ومكتب المجلس جاهز لتنفيذ التوجيه وحسسب المادة السبعون وفق القانون وخارج دورات انعقاد المجلس وسيتبع ذلك حملات من التشويه والاساءة للعضو المعاقب ولعائلته ولكل من يمت له بصله ومن أراد أن يشكك بما نقول فالتاريخ موجود وهو قريب وليس بعيد نذكًر منه ما حصل للسيدين مأمون الحمصي ورياض سيف عندما أرادا تشكيل تجمع من أعضاء مجلس الشعب داخل المجلس لتطوير العمل فيه ....أما دور رئيس المجلس فمعروف ويعرفه كل السوريين فهو ليس أكثر من عريف صف محدد عمله في ضبط الموجودين في قاعة المجلس وتسجيل اسماء المشاغبين أما الدستور الحالي والذي حدد مهام السلطة التشريعية وعملها والذي لم يكن ينقصه الا عبارة بشار هو الهكم الأكبر فاعبدوه وهو سيبقى رئيساٍ على السوريين حتى يتوفاه الله ان حصل والا فالتالي سيكون من آل الأسد حتى ابد الأبدين .. أما مهمة المجلس التي نص عليها الدستور باقتراح القوانيين فهو أمر لن يحصل الا في حالة تخص الرئيس الابدي وأقرار القوانين التي يرتأيها الرئيس اما باقي الأمور فهي شكليه والتوجيه بشأنها يكون من مؤسسة الرئاسة والويل لمن يعارض ...أما الرئيس فيتولى سلطة التشريع وتسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه وتسمية الوزراء ونوابهم وقبول استقالتهم واعفائهم من مناصبهم ويصدر القوانين التي يقرها مجلس الشعب ويحق له الاعتراض عليها... كما أنه القائد العام للجيش والقوات المسلحة ويرأس مجلس القضاء الأعلى وأيضاً السلطة التنفيذية ويسمي اعضاء المحكمة الدستورية العليا وله أيضا أي رئيس الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور ....ما شاء الله فماذا بقي لأعضاء مجلس الشعب من دور في ادارة الدولة ؟ اذا كان الرئيس يعادل ثلثهم نظرياَ وكلهم جميعاً اقل من مستوى حذائه عملياً....ليعلم هؤلاء الواهمون في الوصول الى برلمان آل الأسد انهم لايزيدون عن دمى يحركها احد أزلام النظام على خشبة المسرح كما يشاء ويرغب الحاكم بأمره زعيم العصابة الطائفية وأن الخدم والحشم والحراس في قصره وقصور ازلامه اعلى مرتبة وأعظم أهمية منهم هذا إن وصلوا الى مجلس البرلمان الموقر....... وإن كان بعضهم يعلم الحقيقة ويرغب في كسب الدعاية الشخصية والتعريف عن نفسه من خلال الترشح الى برلمان الطاغية فليعلم أن هذا التصرف فيه الكثير من قلة الشرف وقلة الوطنية في زمن يقوم الطاغية ببث سرايا القتل من أزلامه في طول البلاد وعرضها تقتل وتغتصب وتدمر وتخرب البلاد من أجل بقاء بشار وعائلته يحكمون ويتحكمون بمقادير البلاد والعباد ...فاتقوا الله في أهلكم وعودوا الى عقولكم اليوم قبل أن يلعنكم أولادكم واحفادكم غداً.