(05-03-2012, 12:29 AM)زحل بن شمسين كتب:  الاخ دياب سلاما
مشكلتنا ليس ازمة ثقافية ....بل ازمة فكرية..
نريد ان ُنرجع التاريخ الى الواراء 1400 سنة واستنساخه مرة ثانية او ثالثة ..الخ
الثقافة نتاج فكر الطبقات السائدة والسائد عندنا منذ الردة الخمينية ...,واصولية ابن لادن ذات الصناعة الامريكية؟!

السائد هو الشعوذات الدينية وليس الفكر الديني ...اي الاقطاع الديني والطبيعي وفئة التجار والسماسرة لبيع الاوطان ...
لان ابن خلدون وابن رشد فكرهم ديني اسلامي ؟؟
نحن بكارثة فكرية يا عزيزي..

زحل بن شمسين

عزيزي زحل بن شمسين: تحية عطرة
مازالت مظاهر الازمة والهزيمة في الواقع العربي الراهن متعددة ومتشعبة ولاتقف عند حدود معينة.
اولها ): الحالة الراهنة للانسان العربي الذي يكابد مفاعيل الاحباط بالسلوك والفعل اليومي الذي لايدلل على عافيته وتماسكه, ويلجا الى اللامبالاة والانكفاء على الذات هروبا من واقعه المرير الذي هزم آماله واحلامه الوطنية والانسانية, حيث فقد ثقته بحكامه وقياداته ومرجعياته ومؤسساته المجتمعية, وتحول الى انسان مسكون بالقلق والتيه, يعتمره صراع داخلي بين الاحباط والاستكانة والتمرد والعناد, بين علياء التاريخ واحلام الوطن وبين واقع قطري بغيض وحاضر ذليل تغيب فيه عزة الامة وهويتها, بين ادراك عوامل القوة الكامنة ومظاهر الضعف الظاهرة, وقد تم تعطيل ادوات الارسال عند الانسان العربي, واصبح مهيئا فقط للتلقي والاستقبال, فاذا رفعت رايات الاشتراكية طلب منه ان يعلن ان الاشتراكية من الاسلام وان النبي هو الاشتراكي الاول في التاريخ, واذا انقلبت الآية وظهر عصر الانفتاح فان الاشتراكية تصبح كفرا وان حرمة مال المسلم هي الغاية, واذا تصاعدت حدة المواجهة ضد اسرائيل اصبح الجهاد واجبا مقدسا وبات الصلح محرما على كل مسلم ومسلمة, واذا سعى البعض للصلح انطلقت حمامات السلام من فوق المنابر واصبح شعار الجميع ادخلوا في السلم كافة, وان حل اسبوع النظافة انطلقت الحناجر تردد ان النظافة من الايمان, واذا حل اسبوع المرور تحول الارسال الى موجة اخرى تشدد على ضرورة السير في يمين الطريق لان اصحاب اليمين هم اهل الجنة.
تلك الثنائيات في الواقع المازوم اما ان تدفع المواطن العربي باتجاهات مختلفة للفعل السلبي خارج دائرة المصلحة الوطنية والقومية, كنشاط بعض الحركات الاسلامية العنفية في بعض الدول العربية, واما باتجاه هجرة الواقع والانخراط في صفوف الفصائل الافغانية -على سبيل المثال لا الحصر - لنصرة الاسلام , في حين ان نصرة الاسلام تستدعي النضال ضد الغزوة الصهيونية لتخليص القدس من رجس الاحتلال, وقد يهجر المواطن دوائر الفعل الوطني والابتعاد عن الاهتمام بمايجري والغرق في هموم وموجبات الحياة المعيشية.
ثانيها ) : مكابدة الانسان العربي لتبعات الجوع والفقر وضنك الحياة, والتهميش ونسب الامية المرتفعة وضعف الرعاية الصحية, وازدياد التفاوت الطبقي والحضري داخل القطر الواحد, ويزداد الوضع سوءا حين تغيب الحريات العامة وتغيب الديمقراطية السياسية والاجتماعية في مؤسسات المجتمع العربي, وتسود قوانين الطوارى باسم الدفاع عن الوطن, ويمارس القمع والارهاب وتكميم الافواه واغتيال الكلمة الجريئة, ويتحول الاعلام الى اداة لتمجيد النظام, ولايمكن بالطبع فهم هذه العناوين والمفردات الا بكونها تجليات لابعاد الهزيمة بمعناها الاشمل والتي صنعها الحكام, والا بوصفها دليل حقيقي على غياب اية مقومات تبشر بنهضة في الواقع العربي.
ثالثها ) : تجليان الهزيمة اقتصاديا في المنحى الهابط لمستويات التنمية ومستوى التطور التكنولوجي والصناعي, ولعل المقاربة الموضوعية بين مستويات التنمية في الدول العربية وبين الدولة العبرية التي لم يمض على انشائها اكثر من ستين عاما تفضح بجلاء عن حجم المفارقة والهزيمة ومظاهرها, فالناتج القومي لاسرائيل يصل الى 125 مليار دولار في حين ان الناتج القومي لاربعة دول محيطة بها لايصل الى هذا الرقم .
رابعها ) : ماتتعرض له الارض العربية من اغتصاب وتشويه منذ قرن من الزمان وحتى يومنا هذا, احتلال فلسطين وتهويدها, احتلال اراضي عربية اخرى, احتلال العراق ومصادرة مقدراته, نسيان اراض اخرى, نشوء محميات لاتمتلك مقومات الدولة السياسية, تكون قطريات عربية ترسخت جذورها في الفكر العربي وعاجزة عن حماية كيانها ومعرضة لتدخلات الاجنبي المستمرة, وسقوط معظم الصيغ السياسية القديمة وعدم مقدرتها على تكوين صيغ للمستقبل وعجز المشروعين الماركسي والقومي بالصيغ والشعارات والاولويات, وذلك لايعني ان هذه الافكار عاجزة بذاتها ولكنها بالشكل الذي قدمت فيه كانت قاصرة.
ثمة شروط عديدة لمواجهة هذا الواقع, لايمكن حصرها بنقاط, انما الامر يحتاج الى رؤية غارقة في المستقبل وكيفية تكوينه وباحثة عن شروط بناء وتنمية الانسان العربي ليكون صانعا لمستقبله.