أزمة ما بعد الأزمة السورية قضية توازي في أهميتها وخطورتها الأزمة الحالية
وهي ستحتاج إلى وقت طويل وجهد هائل لمعالجتها.
لكن ليس كل سوري هو المسيح ليسامح من أذله خمسين عاماً وسرق منه خبزه، من يسامح فهو جدير بالتقدير، لكن من يحمل الحقد لحرمانه لعقود من حقوقه الطبيعية أفهم أسبابه.
كيف أستطيع أن أطالب المسلم المتدين أن ينسى وهو الذي سمع الكفر بالله كل ثانية وفي كل مكان لعقود، في حين أن مجرد الإشارة إلى العائلة الكريمة كانت تقود إلى فندق تدمر ذي النجوم الخمسة ذي السمعة المعروفة.
حقد داخل القلوب، مبرر فعلاً، عندما أتذكر قذارة بعض الأفراد من الأقليات. الأقليات (ولن أحدد طائفة واحدة بل سأشمل حتى طائفتي معها) نالت مناصب لا تتناسب أبداً مع حجمها الديمغرافي، وبالمناسبة أنا لا أتكلم عن المؤسسة العسكرية والأمنية بل عن مؤسسات مدنية يخطر في بالي في هذه اللحظة بالذات (مشفى الأسد الجامعي و مكتبة الأسد).
أذكلر سطوة بعض الطوائف (ولن أذكرها بالاسم حتى لا أتهم بالطائفية ) سأعطي مثالاً عن مذيعة لا أدري إن كانت لا تزال على رأس عملها انها وفاء قسومة، قصة شاهدتها بعيني، في ذلك الزمان كانت لاتزال طالبة جامعة، وكنا نسكن في نفس المبنى في المدينة الجامعية، أخطأ موظف الاستقبال بأن أخبر زائرها أنها ليست في الغرفة لانه شاهدها تخرج. ليتبين بعد ذلك أن ربة العفاف في غرفتها تنتظر شهريار ولتعرف أن موظف الاستقبال أخطأ، لتبدأ بالزعيق والصراخ مضاهية أوقح العاهرات، والمسكين بالصدفة في ذلك الزمان كان قد أحضر ابنته الصغيرة لتنام معه في ذلك اليوم، ربما لتتسلى أو لترى جو المدينة الجامعية أو مكافأة لها، لم يجرؤ وقتها على الرد بل أخذ يرتجف ألماً وخجلاً أمام طفلته، لكن الكل يعرف واسطتها، ولذلك لم تجرؤ ساكنة بما فيهن الجبانة أنا على أمرها بإغلاق فمها والذهاب مع شاريها حيث شاءت. أتخيل حقد ذلك الموظف البسيط الذي يسكن في أحد قرى دمشق على من أهانت رجولته أمام ابنته وحقده على كل الطائفة، أتخيله اليوم وبعد خمسة عشر عاماً وقد استرد شعوره بالكرامة التي سلبتها منه وفاء ويشترك بالثورة.