(05-18-2012, 07:15 PM)العلماني كتب: دكتورنا عيوني ... في بريطانيا كان "ديزرائيلي" اليهودي رئيس وزراء في أواخر القرن التاسع عشر (أعتقد سنة 1876).
في فرنسا، وصل "ليون بلوم" لرئاسة الوزارة، ووصل "لوران فابيوس" إلى مثلها، ولعلك تذكر أن "دومينيك شتراوس خان" كان على مقربة من رئاسة الجمهورية، هذا بغض النظر عن الأصول اليهودية لساركوزي نفسه.
المشكلة عندنا أن هناك تيار رجعي متخلف اسمه "الإسلام السياسي" يحارب - بجميع أطيافه - على أساس طائفي بحت. هذا التيار نفسه هو الذي وضع العصي في "عربة الثورة السورية" حتى اليوم. إذ تخيل لو لم يكن هناك خوف من "الإسلامويين" ماذا كانت الصورة في سوريا. تخيل أي مد شعبي ضد النظام الاستبدادي كان من الممكن أن يكون لو لم تحكمنا العصبيات الطائفية الضيقة التي وجدت من ينفخ في رمادها في الشرق منذ "حسن البنا" "وسيد قطب" مروراً "بالإمام الخميني" ووصولاً إلى "عدنان العرعور" و"شيوخ الوهابية". يا رجل، الغرب يفكر بإنزال رجال على المريخ وشيوخ السعودية يحاربون "المنجد" (القاموس العربي) لأن به، حسب رأيهم، نزعة تنصيرية لأنه لا يبدأ بالبسملة ولا يصلي على النبي ... خليها لربك يا دكتور
..
واسلم لي
العلماني
تحياتي ايها الغالي
انا معك بأغلب ما كتبت، و قد تتلمذت على العلمانية على يداك.
تذكرني هذه العودة إلى قصة الإخوان، إلى حوارات طويلة تبادلنها بالعقد الفائت على صفحات هذا المنتدى. ربما المواقف الحاضرة و معطيات العصر تبدلت قليلا، و لكن الأساس لا اعتقد انه تغير. على الرغم من إحساسي بأنهم يحاولوا أن يعطوا نفسا جديدا لحركتهم.
و بما يخص الديمقراطية التي نحلم بها، و ربما لن تأتي قبل عصر أحفادنا. فسيضر بها كل تطرف، من أي طرف كان
بما يخص هذا الشريط، الفكرة التي أردت إيصالها تتلخص بنقطتين:
= لا أرى عيبا أن صوت الإخوان لغليون و لم يصوتوا للمرشح الأخر، الذي لا ننكر انه مسيحي. لا ادري بخبايا هذا التصويت، و لكن عندهم أسبابهم، و لا اعتب عليهم
= ليس من المنطق أن نعييب على مجتمعاتنا ـ أن نعمت يوما بالديمقراطية ـ أن لا تعطي فرصة لهذا أو ذاك للوصول إلى الرئاسة عن طريق الاقتراع.
و هذا ينطبق على كل البلدان و على كل المجتمعات التي لا تخلوا من أشخاص ينتمون لفئة معينة أو لحزب معين أو لدين معين، ولكنهم لا يتمتعوا بالشعبية الكافية و لا يحلموا بالحصول على 51% من أصوات الناخبين.
من سوء حظ مسيحيي الشرق و مسلمي الغرب أنهم من هذه الفئة.
أن ضربت مثل اليمين المتطرف بفرنسا، فهذا للإشارة إلى فئة أخرى من المرشحين لا يمكنهم أن يحلموا يوما بالحصول على 51% من أصوات الناخبين. هذا مثل ليس أكثر، فالله يرضى عليك يا طارق لا تزعل من هذا المثل و لا تحمله معنى لم اقصده.
ربما اغلبنا من علماني النادي لن تفرق معنا ديانة المرشح، و نصوت له لاقتناعنا بأفكاره بغض النظر عن دينه. و لكننا للأسف نشكل اقلية، فغالبية أفراد مجتمعاتنا ستبحث عن دين المرشح قبل أفكاره شئنا أم أبينا. هذا لا اعتبره عيبا، فهو تكريس للإرث الفكري الذي يصبغ تفكير شعوبنا و لن نقدر على تغييره بدون ثورة ثقافية لا يظهر لها اليوم أي بوادر. فلا مبرر أن نستعيب من هذا الارث الفكري. و لا أن نتخذ منه عقبة لتطورنا، طالما أن شعوبنا لم تذق بعد طعم الديمقراطية الحقيقية
لا أتصور مثلا الحجي والدي حفظه الله يصوت لمرشح مسيحي بوجود مرشح مسلم. و تصوري أن فكره هذا لم يتبدل من 70 سنة، مثله مثل الملايين من أهلنا بالمشرق.
عندنا ارث فكري اسمه الديانات و الطائفية، و تسميه أنت إسلام سياسي، علما أن هذا الإرث لا يقتصر على الإسلام ، و انا معك انه يأتي من يأتي لينفخ في رمادها...
لم تذهب من مخيلتي صورة والدي و هو يحمل كتب سيد قطب ـ من 45 سنة أو أكثر ـ و يدخل بها للمنزل مفتخرا.
على الرغم انه بعمره لم يصبح اخو نجي ولم يصاحب أي اخونجي، غير أن أفكار البنا و سيد قطب و باقي الشلة لم ترحم أفكاره المشبعة بالتوجهات الدينية و الطائفية، و مثله أمثال، و من جميع الطوائف. و على الرغم من أن مجتمعاتنا لاقت الكثير من الانفتاح بين مختلف الطوائف. و لكن التبادلات الاجتماعية كانت تقف عند حد معين لا تتجاوزه. نسهر معهم و نمرح و نعايدهم بأعيادهم و يعايدونا، ندعوهم لأفراحنا و يشاركونا احزاننا. و لكن، و كما يقال "عند الحزة و اللزة" كل فئة تقول ربي أسالك نفسي.
هذا هو ارثنا الثقافي و الفكري، هل نستعيب منه؟
مع تحياتي