يا صديقي .
أحب ان اتوقف هنا شوية ، لأن عندي رؤية أتمنى أن أعرضها على الزملاء في هذه الفرعية بالذات . في البداية هناك حدثة صغيرة موحية لو تأملتها .
كنت أتحدث مع قريب صحفي شاب نشط دائم السفر ، و كنت أتحدث عن " شباب الثورة " و كان كثيرا ما يبدي حماسه لهم ، قلت أنهم لو اتجهوا لمعارضة الإسلاميين فهذا يشيل الخلاف ، لأن خلافنا معهم تكتيكي و ليس استرتيجي ( هذا ما انا مقتنع به و أقوله دائما ) ، ففوجئت بهذا الشاب ينتفض كمن عضه ثعبان ،و قال لي خلاف تكتيكي ايه ؟، انت فاكر إن فلان و فلانة و .... بني آدمين عندهم فكر ولا مبدأ ... الخ ، ثم انطلق في السباب !. هذا جعلني مندهشا ، استكمالا للقصة هذا الصحفي يجوب العالم ممثلا لشباب الثورة ،و دائم الحديث عن أيام الثورة بحماس ، و عن تضحياته و كيف قضى الليالي يحمي المناضلات و يحرسهن من الذئاب ... الخ ، رغم انه لم يكن أبدا متحمسا لها ،و كل معلوماته عنها صحفية منقولة سماعي من المراسلين الأجانب !.
الإعلامي بل و حتى الشاب المصري ( الثورجي ) عموما يتكلم و يتصرف ليس تعبيرا عن نفسه و قناعاته ، و لكن كما يعتقد أنه متوقع منه ، و ان يقول ما هو مفروض أن يقوله وفقا لكراسة المحفوظات الثورية ، خاصة في مواجهة الأجانب . هذه ظاهرة جديرة بالتفكير ، فمن له اتصالات بالغربيين ، يبذل جهده ان يبدوا كما يريدونه ، الثورجي المتحمس ... الخ ، فهذا هو الطريق إلى الرحلات و الجوائز و الشهرة .الغربيون يحبون صورة أنهم حركوا الجماد ، حتى العرب التنابلة ، و أنهم الذين أطلقوا الثورة في المنطقة ، هذه المنظومة الإفتراضية لها مصادر مالية هائلة ،و لها سماسرة على مستويات متعددة ، هؤلاء الوكلاء عليهم تسويد تقارير بانجازاتهم تبريرا لما سحبوه كتمويل حازوا هم انفسهم جانبه الأكبر ، و هكذا .... نحن أمام ظاهرة ثقافية و تمويلية و إعلامية كبرى ، من يريد جزءا من الكحكة عليه ان يلعب دور القرد أبو صديري ، هنا صورة علاء الأسواني " الكاتب الثوري المنتفض " الذي حرك الشباب و يقودهم ، هكذا أيضا حصلت فتاة يمنية نكرة تماما هي توكل كرمال على نوبل السلام ،و أخرى مصرية أسماء محفوظ و غيرهما على جوائز عديدة و تم تكريمهم فقط من أجل استكمال صورة ثورة الحرية التي صنعها الغرب في المنطقة .
هؤلاء الصحفيون جزء من هذه الصورة ولن يتخلوا على امتيازاتهم التي هبطت من السماء من أجل شيء تافه مثل الحقيقة . هذه الحقيقة لا تعني أحدآ ، خصوصا عندما نتعامل مع المصالح الكبرى و الأموال الباهظة .
إذا كان صديقي الإعلامي الشاب فهم " الفولة " و يكتسب منها ، هل تتوقع من رجل لا يتوقف عن التجوال في بلاد الفرنجة مثل علاء الأسواني ألا يفهمها ،و إذا كان صديقي هذا يتكسب منها رحلات دائمة إلى أوروبا ، فهل يحصل الكاتب الشهير التائق لحتة نوبل صغيرة على أقل من تلك الرحلات . يبقى أني مندهش للغاية من 3 أشياء .. ضوء النجوم ، و جمال بعض النساء ،و براءة بعض المصريين !.