خلينا نبتدئ من البداية،

في البدء كان هناك دولة مصرية تسمى المملكة المصرية، فأتى عبد الناصر وصادر السلطة، المصادرة سلف من قبل الملك، ورمى بعرض الحائط محاولات محمد نجيب أن يعيد الجيش إلى الثكنات.

أين كان الإسلاميون من جهاديين وسلفيين حينذاك؟

ثم أتت حادثة المنشية، طبعا مع إدانتي لحادث المنشية، لكنني حقيقة لم أعلم ذنب الشيوعيين والتحريريين وسائر السياسيين الغير مرتبطين بالإخوان حتى يلقوا في ابي زعبل مع الإخوان.

ثم لم أعلم لم كانت محاولة الإغتيال ذريعة لمصادرة الحياة السياسية في مصر برمتها، ولم يكن حينذاك من جهاديين ولا سلفيين، هوذا الولايات المتحدة الأمريكية في خضم حربها الأهلية، تم اغتيال رئيسها فعلا، وهو لنكولن، ولم تصادر الحياة السياسية البتة، ثم في وقت آخر في القرن العشرين اغتيل كيندي واستمرت الحياة السياسية.

كل ذلك ولم يظهر جهاديون ولا متطرفون، لم يظهر إلا ما كان قد ظهر فعلا من الإسلاميين، حتى تلك اللحظة لم يظهر غير الإخوان المسلمون وحزب التحرير.

في تلك اللحظات، التي كانت وسائل التعذيب تمزق ما تبقى من إنسانية المعتقلين في مصر وغيرها، من إسلاميين وشيوعيين وغيرهم. تم ولادة مسخ يريد أن ينتقم.

ننتقل للموضوع الثاني،
دعنا مما ورد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مصر وغيرها، فلست أثق كثيرا بما ورد في فضل بلاد على غيرها، أو قوم على غيرهم، ذلك أن الثابت لتفضيل قوم على غيرهم هو التقوى وليس سكناهم بلدا ما. لاحظ أنك أنت من استدل بما تسميه تراث ولست أنا.

ننتقل للموضوع الثالث عزيزي،
لم أستدل في معرض حديثي معك أو مع غيرك من المخالفين من غير الإسلاميين بأي آية أو حديث، ولا أعرف حقيقة سبب رميي بالتراثية، ووصفك نفسك بالتقدمية.. هل هو هروب إلى الأمام؟

ننتقل للموضوع الثالث،
لا يوجد ما يسمى بحضارة إنسانية، هذا مصطلح مضلل برأيي، لأن الحضارة غير منسوبة إلى الإنسان بمطلقه، لإمكان وجود الحضارات المتعددة المتباينة والمتصارعة في الوقت نفسه. الحضارة تنسب للفكرة وليس للإنسان بمطلقه، فنقول حضارة إسلامية، حضارة غربية، حضارة شيوعية، حضارة ليبرالية. وقد تنسب الحضارة للقوم، فنقول حضارة أمريكية، حضارة رومانية، حضارة فارسية، حضارة عربية. ونسبتنا إلى القوم إنما تعني للسبب الذي جمع هؤلاء القوم معا، وهي وجهة نظرهم عن الحياة بمفاهيمها ومشاعرها ونظمها.

أما ما يصلح أن يكون إنسانيا عاما فهو التمدن، والتمدن هو الأخذ بوسائل التقدم العلمي لتسهيل شؤون الحياة، وهو أمر عام يشترك فيه الناس دون تميز، ومنها يقال المدنية.

أما خلافنا بيني وبينك فهو خلاف طبيعي وصحي، فالأفكار تعرف بأضدادها، وليس من ضرورة أن يتفق القوم معا في كل شأن، إلا أنني يشهد الله أنني أحترمك وأجلك وأقدرك، وأرى فيك رجلا ذو خير، وإن قيض لي أن أنزل بر مصر في القريب لأحرصن على رؤيتك.

دم بخير، واعلم عزيزي أننا نريد ما نقول هنا لخدمة الناس، ولا نريد الناس لخدمة ما نقول، فخيركم أنفعكم للناس أو كما قال الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وآله الطيبين الطاهرين. وما ينفع الناس فسيمكث ويبقى، وما لا ينفع فسيذهب كالزبد جفاء.