اسمح لى بتفسير متواضع يا استاذ جعفر

أخوتى فى الله خالد وزياد جلال - والله يعلم أن محبتهم بقلبى عظيمة واحترامهم كبير - يقعون فى خلط يقع فيه معظم المتدينين ذوى السريرة النقية حيث يرون أن كل من نادى بتحكيم الله فى حياتنا هو يستحق التأييد لأنه أفضل من غيره ، فالمبدأ عندهم سليم والأمل قائم ، فمن حيث المبدأ لا يوجد أفضل من الله قيلا ومن حيث الأمل فإن كل من يقول الحكم لله فمن السهل إصلاحه من خلال رده إلى كلمة سواء.

وهذا هو التأييد النظرى والذى سيصطدم مع الواقع العملى الذى أثبت أن التيار الاسلامى هو تيار (صنيعة استعمار) يضمن شق الأمة ولا يضمن قيامها. من يتتبع حسن البنا يجده كان مهادنا للانجليز والقصر رغم الاحتلال والفساد ، ويجد ان الأديب والصحفى سيد قطب لم يعرفه المجتمع إلا بعد عودته من الولايات المتحدة الامريكية ، ويجد ان من رؤوس التنظيم الدولى للاخوان من يعيش فى سويسرا (ديار الكفر) رغم عدم الحاجة لهذا ولكنهم اباطرة بأسم الدين لا يفرقون عن أى ثرى ارستقراطى.

لو كان التيار الاسلامى أهلا للسياسة من منطلق ضمير اسلامى لكان أول ما فعلوه هو ان رضوا بما حققوه من مكاسب ، فمنذ عامان كان اسم جماعتهم هو المحظورة والآن هم مشرعى الأمة والمراقبين لعمل السلطة التنفيذية. ولكنهم يفتقدون للقدرة على العمل السياسى السليم لأن هدفهم ليس النهوض بالبلد لتحقيق رسالة ولكن هدفهم تحقيق رسالة بغض النظر عن التضحيات. وهذه هى الفكرة التى نمت فى عقولهم بتأثير سيد قطب حين تحدث عن الفريضة الغائبة (الجهاد) رغم ان الاسلام يؤكد ان الجهاد (العسكرى) هو الجهاد الاصغر. وهذا شأن الاسلاميين ... أن يوجهوا جهودهم للأمور الصغرى وليست الكبرى.

إن التيار الاسلامى فى مصر هو تيار شديد الخطورة على مصر لأنه تيار يعاكس حركة التاريخ المصرى الذى أنتج ما يسمى بـ (عبقرية مصر). تلك العبقرية التى جعلت مصر سنية المذهب شيعية الهوى ... فمصر استوعبت مذهبان بتناغم غير عادى وجعلتهما نسيج واحد. مصر التى بها اكبر منارة للمذهب السنى وبها اكبر كنيسة للطائفة الارثوذكسية.

لو كان التيار الاسلامى فى مصر يعى حركة التاريخ لعلم أن (احمد شفيق) والذى هو منحة قدرية لمصر .. كنز لن يجود الزمان بمثله بسهولة.... لماذا ؟

احمد شفيق : عسكرى قاد لستة سنوات اهم سلاح فى مصر .. أى انه يعلم الاستراتيجيات والتكتيكات وعقله مهيئ للتخطيط الجيد والعمل المنضبط.

احمد شفيق : متدين وحصل على دراسات عليا فى العلوم الاسلامية رغم أنها ليست تخصصه ولن يعمل بها ولكن درسها حبا للدين ... كما أنه من أب صوفى .. ومن كان رجل دولة صوفيا فأعلم انه قد رقى فى الصوفية رقى المحبين وسلك مسالك العارفين... وقد كان منهم (صلاح الدين الأيوبى) المتصوف تصوف الطريقة القادرية.

احمد شفيق : رجل علم واهتم بالحصول على اعلى الشهادات (الدكتوراه) وبهذا فهو مؤهل للقيام بدور داعم للبحث العلمى .

أما احبابنا العسكر فهم الذين أجهضوا ثورة الشباب الطائش والمنتفعين وقليلا من المقهورين وكثيرا من البلطجية والرعاع .. أجهضوها بإسلوب حرب الاستنزاف حيث أجهدوها ولم يقتلوها - وهم قادرين على قتلها.

وبدلا من أن يقف التيار الاسلامى وراء احمد شفيق لكى نبدأ صفحة جديدة من تاريخ مصر نصلح فيها ما أفسدته السنوات السابقة فى ظل جيش من الشعب وقائدا متدين متعلم مثقف ارستقراطى ذو قلب حنون (لأن له ثلاث بنات) ...

فإنهم سيدفعونه لتقديم تنازل لكل من ساهم فى إنقاذ الدولة من الانهيار على أيدى الثورة أخت الثور ... سيدفعونه لأن يقوم بالتنمية وإنجاح الحكم اعتمادا على الحزب الوطنى القديم وتقديم تنازل للاقباط المتاجرين بقبطيتهم والطامحين للعلو القبطى الذى لا يتناسب مع عدد السكان مهيئين الوضع لاحتقان طائفى يظهر بعد بضع سنين بصورة جديدة غير الصورة السابقة والحالية.... سيدفعونه لأن تكون البلد عُرضة لإختراق رؤوس الاموال الاجنبية بتسامح مصرى أمنى إجتماعى.

نفس الضغط الذى تعرض له السادات من قبل ففشلت معاهدة السلام فى أن تنمو وتصبح مكسبا حقيقيا لمصر.