روق يا جعفر، ما في داعي للعصبية.

عزيزي نظام الملك،

أنا لا أتمنى ولا أدعو ولا أعمل لإيصال الإخوان المسلمين لموقع الحكم، باختصار لأنه يشبه تسليم طبيب ورشة بناء عمارة، أو تسليم مهندس عملية جراحية في القلب.

الإخوان المسلمين جمعية خيرية تربوية، لهم في هذين المجالين شغل وباع طويل، لو أنهم بقوا هناك لأنتجوا أكثر من حشرهم لأنفسهم في السياسة.

لا أقول ذلك لأني أريد احتكار السياسة ومنعهم منها، لكن الجماعة في أدبياتها وإصداراتها لا شغل لها في السياسة، لا يوجد عندهم إصدار سياسي واحد.
كيف يمكن أن أتصور مشروعهم السياسي وبرنامجهم السياسي، وتصورهم لماهية الدولة وعلاقة الدولة بالأفراد وبغيرها من الدول، نظرتهم إلى النظام الإقتصادي أو الاجتماعي؟ أين هي تلكم الإصدارات التي يمكن بها الحكم على مشروعهم السياسي؟

الإسلاميون يتهمون الإخوان المسلمين بالعلمنة الملبسة بالإسلام، والعالمانيون يتهمونهم بالتقية والتخفي خلف الألفاظ والعبارات، وأنا شخصيا أتهمهم بالميوعة السياسية والفكرية، وأثني عليهم في المجالات الخيرية والتربوية مع بعض التحفظ.

مع اختلافنا مع حزب التحرير في بعض آرائه وسلوكه السياسي الداخلي والخارجي في فترة وجوده، إلا أنه يحسب له أنه حزب سياسي، يتنفس السياسة ويفطر عليها ويتعشى، ثم إنه قد أصدر جهارا نهارا تصوره لماهية الدولة وعلاقاتها مع غيرها من الدول ومع الأفراد، منذ عهد طويل جدا. ثم إنه أصدر جهارا نهارا تصوره لكيفية الوصول إلى الدولة أو الحكم. قد نعارضه في كل أو بعض ما ذهب إليه، لكننا نستطيع أن نحكم على شيء مدرك محسوس ملموس، يمكن قياسه بالكيلوغرام أو الغرام.

من يشبه الإخوان المسلمين في الفترة اليسارية في الستينات هم البعثيون، من وجه سياسي فحسب، وإلا فإنه ليس للبعثيين أي برنامج خيري أعرفه. البعثيون يقولون كثيرا ولا يمكن الحكم على شكل محدد وواضح لما يريدونه، هي ألفاظ مطاطة يمكن لكل أن يوظفها حيث يريد، ونفس السلوك السياسي المريب يتلبس به الإخوان المسلمين.

بالنسبة لمصر، فإن الذي أراه ليس في انتخابات تجري في رعاية العسكر، بل في إيجاد مجلس مدني رئاسي انتقالي بين المجموعة التي نالت أعلى عدد من الأصوات، مع تداور بينهم في وظيفتي الرئاسة ورئاسة الوزراء، وليدخل بينهم شفيق على شريطة أن لا ينفرد بالأمر. مع كف يد العسكر وكل من ثبت ضلوعه في النظام القديم بأي شكل من الأشكال ضمن الطبقة الأولى من رئاسة ورئاسة وزراء ووزراء وحزب وطني بأمينه العام ورؤساء شعبه والمجلس الرئاسي العسكري وما شابه.

وحتى لا يحكم هذا المجلس الرئاسي منفردا، فإنه يلزم بتعيين وزرائه من مجلس الشعب المنتخب، وأن ينال مجلس وزرائه الثقة في مجلس الشعب، وأن لا يتم البت في قضايا سيادية إلا في داخل مجلس الشعب.

في فترة السنين الثلاث الانتقالية، يجب تنظيف مجلس القضاة من أي قاض يثبت أنه موال للنظام القديم، لأن القاضي ينبغي عليه أن يكون حياديا البتة.

هذا هو تصوري المبدئي للأزمة المفتعلة بين شفيق ومرسي، لأني أراهما كما رأى الشاعر شهاب الدين وأخيه.