{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 1 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
غسان تويني - في ذمة الله !
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #3
الرد على: غسان تويني - في ذمة الله !
آخر العمالقة
الياس الديري

إذاً، اتخذت قرارك بالترجُّل والرحيل، مخلِّفاً لنا ولأجيال تأتي بعدنا كل هذا الإرث الراقي من النبل والكبرياء والشجاعة والبسالة، ومن غير أن تتيح لنا حتى لحظة للوداع.
سكبت الحبر كله فوق الأوراق كلها، وادخلت الكلمات الى أدراجك الناحبة الملتاعة، ومضيت.
كأنك أردتنا أن نكتفي منك بما عمّدتنا به من مناقبياتك، ومبادئك، وقيمك، ومتابعة المسيرة المرهقة على تلك الدروب العاقة.
لتقول لنا إنك لم تكن بطل الحرية والحقيقة وحدهما، بل المواجهة والمثابرة حتى خلف القضبان، وفي لحظات الامتحان الصعب، وحتى في وداع من نحبُّ.
لكنك نسيت، عمداً وقصداً ربما، أن تعلِّمنا كيف نودِّع استاذنا ومعلمنا وقدوتنا، وكيف نواجه عالماً مصحّراً خاوياً من آخر العمالقة، وآخر الكبار، وآخر الأكابر.
أيها الشامخ، المنتصب القامة والهامة، أيها الجزيل الاحترام في كل أيامك ومواقفك، وحالاتك وحالات الزمان عليك، كيف لنا أن نقتنع ونصدِّق أن مالئ الدنيا وشاغلها، مالئ "النهار" وعاشقها، مالئ السياسة ومرجعها، قد غادرنا في لحظة فاصلة بين عصرين، بين زمنين، مشرّعاً الأبواب والنوافذ والأدراج والجروح والأحزان المقيمة فوق مكتبك، في جوار صور أحّباء أبيت أن تبوح بلوعتك لفراقهم.
أبقيتهم مع الحشرجة، مع الحرقة، مع الغصَّة، في قلب أرقّ من النسمة، إلا أنه لا يبوح ولا يبيح.
أبقيتهم في عينيك، في تلك النظرات التي تكاد تزأر من تلقائها، وتهدم الهياكل كلها.
أبقيتهم في صوتك. في كلماتك. وفي صمتك أيضاً.
أستاذنا غسان، شئت أن تزرع فراقك في قلوبنا كجرح من المحبَّة والريحان والنسائم لتبقى في قلوبنا كما أنت دوماً فيها، وفي عقولنا، وفي أقلامنا، وفي كلماتنا، وفي "نهارنا".
أأقول لك في هذه اللحظة، التي لا قدرة لي على الاقتراب منها، شاء المسافر أن ينسى حقيبته، وفي الحقيبة جرح دائم السفر؟ أم أستعير من الأخطل الصغير نفحة مما قاله في وداع سعد زغلول: ... قلت ويحكم، أذاً مات غسان وانطوى العلم؟
لا شيء، لا أحد، لا فارس، لا رجل، يوازيك في هذه المسيرة الطويلة، بل هذه الجلجلة التي سرتها بجدارة وإباء وعناد وشجاعة، وعلى امتداد زمن بل عصر كنت أنت رمزه، وكنت أنت عنوانه.
كنت دائماً أرتوي رغبة في الكتابة عن معلّمي واستاذي، الذي شجَّعني ورعاني في أمبراطوريته التي كانت تقيم تحت قرميدة متواضعة في سوق الطويلة، وكنت أنا لا أزال ذلك الصبي الأزعر.
إلا أنني ههنا، أمامك وأنت تحزم حقائبك وتمضي. فمن أين لي في هذا الرحيل ما يؤهِّلني لأكتب ما يليق بك، وما تستحق، وما ينصفك، وما يجدر بنا أن نرفعه كبيرق تزينه ملامحك وكلماتك، ويكون في حجم هذا اللبنان الذي أحببته بلا حدود، ووهبته أحبَّ الاحباء.
إن أيّ كلام عن هذا الكبير، عن هذه القامة، عن هذا الجبل الذي هيهات أن تجود بمثله الأيام، إنما يحتاج الى صفحات وأيام وأقلام وذاكرات وحكايات... هيهات أن تتسع جميعها لقصة هذا الغسَّاني الذي غدا ينبوعاً موازياً للحرية والاستقامة والحياة.
أستاذنا غسان،
ترجَّلت بلياقة الفرسان، إنما لن تبارح قلعتك في قلوبنا. سنظل نحجُّ الى حكمتك كلّما دهت لبنان دهياء.
06-09-2012, 01:10 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
غسان تويني - في ذمة الله ! - بواسطة العلماني - 06-09-2012, 01:06 AM,
الرد على: غسان تويني - في ذمة الله ! - بواسطة العلماني - 06-09-2012, 01:10 AM
RE: غسان تويني - في ذمة الله ! - بواسطة vodka - 06-09-2012, 04:54 PM,
RE: غسان تويني - في ذمة الله ! - بواسطة Narina - 06-26-2012, 10:29 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  غسان بن جدو هل يستأهل كل هذا الضجيج ...اعتبره مذيع وصحافي أقل من عادي بسام الخوري 4 1,424 05-25-2011, 08:04 AM
آخر رد: نوار الربيع
  صار عنا علي نور الله , وحجي نور الله وناقصنا عيسى نور الله بسام الخوري 2 1,701 12-02-2010, 12:14 AM
آخر رد: Free Man
Heart نايلة تويني christ ومالك مكتبي mouslem يتزوّجان «مدنياً» في قبرص بسام الخوري 3 3,708 07-29-2009, 02:49 AM
آخر رد: بسام الخوري
  غسان بن جدو - ضد التيار ...youtube بسام الخوري 4 1,044 03-22-2008, 06:36 PM
آخر رد: بسام الخوري
  ذكرياتي مع غسان تويني سيناتور 1 757 03-05-2008, 01:58 AM
آخر رد: سيناتور

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS