أتفق مع العلماني في رأيه،

الإخوان المسلمون خارج الدولة وخارج النظام، ودخولهم بهذه الطريقة سيجعل من السهل مراقبتهم والتحكم بأعمالهم، وللأمة التفضل عليهم بأنها أوصلتهم إلى الحكم حين أرادت، وتخلعهم منه متى أرادت، وستحقق معهم قضية أن الحاكم أجير مستأمن، وليس أبا ولا أخا أكبر.

أما العسكر فهم الدولة اليوم وهم النظام، وإن عادوا إلى الحكم بواجهة ديمقراطية فاقرؤوا على مصر السلام لستين عام من السنين العجاف.

لا نبغض عسكر مصر، ولا نريد بهم شرا، بل نريد لهم أن يجلسوا في مجلسهم الطبيعي، أداة بيد الدولة المستأجرة عند الناس، وليسوا أبا للناس ولا أخا أكبر.

كنت أود لو أن شفيقا قد تنافس مع سياسي حقيقي، وليس مع أحد من الإخوان المسلمين، ذلك أن الإخوان المسلمين خارج العمل التربوي والخيري ليسوا إلا هلام مائع سياسيا وفكريا، لا يستطيعون أن يثبتوا على وجه يمكن الحكم عليه أو له، لكن إن انتهى الأمر بين أصحاب الدولة الأوائل الذين هم العسكر، وبين أي طرف آخر، فلن أستطيع إلا أن أكون مع الطرف الآخر لإخراج استبداد العسكر البغيض من الدولة والحكم.

ملاحظة تاريخية: من أهم اسباب انحطاط هذه الأمة في القرن السابع الهجري هو تحكم العسكر المماليك بها، والذين رغم أنهم قد أوقفوا الغزو المغولي، وأخرجوا إمارات الصليبيين نهائيا من الساحل، إلا أنهم قد أدخلوا المشرق كله في نفق مظلم لم يخرج منه حتى هذه الساعة التي أكتب بها، وحتى ما يلام به العثمانيون من انحطاط أجدهم مثلنا ضحايا للمماليك الذين أورثوهم ما أورثوهم من فساد وإفساد في الأرض ومؤامرات وتغول على الناس وبطش بالضعفاء ومصادرة للأغنياء وجمود في التفكير، إلخ...

كل من يوضع في غير موضعه فإنه سيفسد لا محالة، وللعسكر دور وللسياسيين غيره، والكل خدم مستأجرين يقبضون رواتبهم مما تتفضل عليهم به الأمة، هي الأصل وهي صاحبة السلطة ومصدر الدولة والشرعية، فإن كانت ناهضة كانت أجهزتها كذلك، وإن كانت منحطة فإنما تشتق منها أجهزتها.