القضية بدأت منذ خمسينات القرن المنصرم ، حيث حاولت وكالة الغوث وبالتنسيق بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة المصرية على اقتطاع مساحة كبيرة جداً من سيناء وتعميرها من أجل حل قضية لاجئي القطاع والذين كان ينظر إليهم على أنهم أكثر شرائح اللاجئين بؤساً ومعاناة ، ولكن سكان القطاع رفضوا وفجروا انتفاضة مارس 1955وأسقطوا الاتفاق والمشروع معاً وكان الأمر حصيلة نضال مشترك بين الأحزاب الشيوعية والتيار الإخواني في القطاع .

إذاً فالمجتمع الفلسطيني واعٍ تماماً لهذه الخطوات ولم ولن يقبلها أو يوافق عليها بتاتاً ولو أفني عن وجهة هذه البسيطة ، ورفض التوطين جاء في أكثر حالات القضية حرجاً وبؤساً فكيف بالحال الآن ؟

ومن يقول بمثل هذه الفرضيات عليه أن يقدم الدلائل الملموسة والمعايير الذي استند اليها في الخروج بهذه الاستنتاجات ، وإلا فكل شخص يستطيع القاء أي كلام ، فالكلام لا توجد عليه ضريبة .

وبالمناسبة أيضاً الإسلاميون ينظرون لهذه القضية على أنها قضية عقدية لا تخضع لأي عوامل أو حلول سياسية ، ففلسطين لا يمكن التنازل عن جزء بسيط منها ، وحماس رفضت كل المبادرات التي تتضمن الاعتراف باسرائيل وتحملت في سبيل ذلك العناء واللأواء ، أفبعد كل هذا النضال نقبل بالتوطين في صحراء قاحلة ؟

غاية ما يرده الفلسطينيون هو سوق مشتركة للتجارة الحرة بين غزة وسيناء ، لتدعيم الصمود الغزي في مواجهة الحصار الإسرائيلي و" لإفراغ " الحصار الإسرائيلي من محتواه وتجريده من عناصر قوته الأساسية ، وهذا الأمر سيعود بالنفع على مصر نفسها ، فاذا كانت حصيلة التجارة عن طريق " الأنفاق " ضخ قرابة الملياري دولار سنوياً في جيب الدولة المصرية ، فكيف سيكون الحال عندما تكون التجارة قانونية و " فوق " الأرض ؟

فالتعاون العربي العربي هو لصالح " العرب " أولاً وأخيراً .