(06-21-2012, 10:13 PM)الكندي كتب: (06-21-2012, 09:10 PM)العلماني كتب: ليس هناك "ديمقراطية" دون "علمانية"، لأن الشرط الأساسي لوجود "الديمقراطية" هو مبدأ "المساواة" في القانون وأمام القانون، وهذا لا تستطيع أن تؤمّنه إلا "العلمانية".
في غياب "العلمانية" تغيب "المساواة" (بين الأديان)، وفي غياب "المساواة" تتحوّل الديمقراطية إلى "نظام آخر" (ملكية، أرستقراطية، ثيوقراطية ... إلخ). لذلك فالحديث عن "الديمقراطية" دون "العلمانية" هو عبارة عن "طق حنك" ليس إلا، أو في أحسن الأحوال كلمات بعض الغوغاء الذين يحسبون أن "الديمقراطية" هي صناديق اقتراع "وديكتاتورية أغلبية".
"العلمانية" هي "المقدمة الصحيحة للديمقراطية"، لأنها تعني "حياد الدولة الإيجابي" ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأديان. بينما لا تستطيع مثلاً أن تضع ديناً (اليهودية أو المسيحية أو الإسلام) أمام الديمقراطية، لأنك تكون قد "خنقت الديمقراطية" وسحلت جثتها إلى أبد الآبدين. فالديانات، خصوصاً تلك التي يدعونها أصحابها "بالسماوية"، هي "نظريات إقصائية" لا تستطيع أن تضمن "مبدأ المساواة" حتى لو تعشّم فيها أصحابها خيراً. فهي "تمييزية تصنيفية" في جوهرها وليس في عرضها فقط.
علماني، كيف تصنف النظام الإسرائيلي وهل يؤمن المساواة المطلوبة؟
هل يمكن اعتباره غير ديمقراطي ( ماذا؟)
أصنفه كما صنّفه أكبر المفكرين الذين عاشوا فيه (د. يهوشع هوروفيتس) عندما قال: دولة اسرائيل هي كيان مسخ يقع في الوسط بين نظام "بريتوريا" (جنوب أفريقيا) وألمانيا النازية.
هناك كتاب رائع لجنرال في الجيش الاسرائيلي وأستاذ للتاريخ (في الجامعة العبرية في القدس كما أظن) اسمه "زئيف سترنهال". اسم الكتاب "في جذور اسرائيل"، وصاحبه أحد أكبر الخبراء العالميين بالأنظمة الفاشية، وهو يجري بحثاً طويلاً عريضاً يعود فيه إلى أسس الأيديولوجية الصهيونية لحركة العمال عبر دراسة لفكر "بن غوريون" و"كاتسنيلسون" كي يخرج بنتائج مرعبة للسياسيين الإسرائيليين مفادها أن أسس الفكر الصهيوني القائد تعود إلى فلسفة "هدلر"، وهي بذلك تشترك مع "النازية الألمانية" في أساسياتها (لعل هذه الأسس بالمناسبة تشكل قاسماً مشتركاً بين الدولة الصهيونية وألمانيا النازية والفكر الإسلاموي الذي نعيش نحن تحت كوارثه اليوم، عموماً هذا موضوع آخر).
بالنسبة لديمقراطية "اسرائيل" فالساسة يجعجعون كثيراً في الغرب والشرق عنها، ولكن هذه الديمقراطية "مضروبة" في مقومها الأساسي؛ أعني بهذا "مبدأ المساواة" الذي تحدثت عنه أعلاه. هنا، أنا لا أتحدث بالطبع عن "الضفة الغربية" و"قطاع غزة"، فهذه مناطق فلسطينية واسرائيل فيها عبارة عن "دولة احتلال". ولكني أتحدث عن "عرب 48" الذين يملكون هويات وجوازات سفر "اسرائيلية" ويستطيعون أن ينتخبوا وأن يترشحوا لكافة المناصب في الدولة العبرية.
"مبدأ المساواة" هذا مضروب في أسسه الجمعية والفردية. فعلى الصعيد الجمعي لا مجال للمقارنة بين الميزانيات والمرافق العامة في الوسط اليهودي وذلك القسم المخصص للوسط العربي في الدولة العبرية. وعلى الصعيد الفردي فهناك حركة "تمييز عنصري" مقيتة تجعل المواطن اليهودي صاحب كل الحقوق والامتيازات وتجعل المواطن العربي الأصل شريكاً مساوياً له في "الواجبات" فقط. هذا طبعاً لو وضعنا على جنب سياسات "نهب الأراضي العربية الممنهجة" للدولة، وسياسات "التطفيش" للأقلية العربية التي تعيش فيها، من خلال سد آفاق المستقبل في الجامعات وسوق العمل. ولأعط مثلاً:
بجانب قريتي الجليلية أسس بعض "اليهود" (لم يبلغوا في أول أمرهم أكثر من 100 نفر من السكان) مستوطنة على أنقاض قرية عربية عامرة تم تهجير أهلها سنة 1948.
منحت الدولة هؤلاء اليهود جميع أراضي القرية الفلسطينية المهجرة، والتي تبلغ مساحتها أضعافاً مضاعفة لجميع ما يملكه سكان قريتي. ثم منحتهم ميزانية سنوية تبلغ أيضاً أضعافاً مضاعفة لما تمنحه قريتنا التي تزيد على الـ 2000 ساكن. ثم شجعت هؤلاء الأنفار من المستوطنين على الزراعة وأعطتهم تسهيلات كبيرة جداً في الاستثمار والتسويق عدا عن الدعم المادي المباشر. بينما هجر مزارعي قريتنا أراضيهم إلى حقول البناء والصناعة لأن أراضيهم لم تعد تستطيع أن تشبع جوعهم.
أستطيع أن أكتب الصفحات الكثيرة عن هذه الممارسات وعن وضع العراقيل في وجه تعليم شبابنا حتى لا يبقى له من أمل إلا بالهجرة إلى الخارج لانجاز تعليمه العالي. ولكن لا حاجة لكل هذا هنا. فكل ما أقوله عن هذه "الديمقراطية" المزعومة هو أنها لا توفر "مبدأ المساواة" الأساسي لقيامها. لذلك، فهذه الجعجعة بديمقراطية الدولة العبرية هي جعجعة دون طحن ...
واسلم لي
العلماني