(06-20-2012, 09:24 PM)نوار الربيع كتب: الزميل كندي تحية طيبة ..
سؤال يعن على بالي ..
هل السلوك إيران بالمنطقة يتجه فعلاً لما يحقق مصالحها بالمنطقة .؟
أنا لا أعرف مثلاً ما الفائدة التي تجنيها إيران من دعم نظام الإجرام الوحشي في سوريا و التغطية على مجازره التي أصبحت واضحة لكل ذي عينين.. فلماذا تستمر باستفزاز الرأي العام العربي ضدها بهذه الوقاحة .
للنظر مثلاً حديث الرئيس المصري مرسي فيما يتعلق بإيران ... هل إيران على استعداد للتضيحة بمصالحها بالمنطقة مع دولة بحجم مصر و ما يليها للمغرب العربي بالإضافة للخليج و الأردن و سنة العراق و لبنان .!!
حتى حماس التي طالما اتهمت بأنها أداة إيرانية بالمنطقة شعرت بالحرج من موقفها المخزي ما جعلها تنأى بنفسها عن أوحال هذه الموقف القذر .!!!
زميلي الكريم،
أشكرك على أسئلتك التي تفضلت بها، وأود أن اوضح قبل محاولة الإجابة أنني لست خبيرا بالشؤون الإيرانية. ما يلي هو آرائي الشخصية الناتجة عن متابعتي للأخبار بالإضافة لبعض الخبرات الشخصية.
يا زميلي، أحب أن أوضح أنه، كخلفية لفهم الموقف الإيراني، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دولة أسلاماوية يقوم عليها رجال دين. منذ اليوم الأول لقيامها، اعتمدت هذه الدولة - كأداة لتوطيد دعائم نظامها في مواجهة الضغوط العالمية - على التوسع الجيوسياسي معتمدة بذلك على مد الشيعي غربا وشمالا وشرقا. فكان لها تدخل في أفغانستان، والعراق والبحرين ولبنان وحتى في الباكستان.
وكان لقدوم الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩ صدى على الصعيد العربي، وقد نتناقش كثيرا في ما إذا كان لإيران دور مباشر في هذه الأحداث التى تلت، ولكن تزامنها مع قدوم نظام الملالي لم يكن بالصدفة، برأيي.
تذكر معي حادثة الحرم المكي في شهر تشرين تاني عام ١٩٧٩، حين استولى ٢٠٠-٥٠٠ مسلح على الحرم المكي في محاولة لقلب نظام الحكم في المملكة العربية السعودية. وقد برر العتيبي قائد العملية هجومه على أنه محاولة لتصحيح الوضع الذي تسبب به آل سعود بسبب فسادهم ونهجهم في اتباع الغرب وموالاته. إضافة إلى دعوته إلى مبايعة محمد عبد الله القحطاني، خليفة للمسلمين، وإماماً لهم على أنه المهدي المنتظر. أتهم الخميني وقتها الولايات المتحدة على أنها وراء العملية مما تسبب في ثورة في إسلام أباد عاصمة الباكستان
وتذكر أيضا أحداث الشغب التي حصلت ١٩٨٦ حين أصدر وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز بيانًا أعلن فيه أن بعض الحجاج الإيرانيون يقومون بأعمال لا تليق بالحجيج منها أنهم يخبِّئون في حقائبهم الأسلحةَ اليدوية والسكاكين و منشورات و بيانات دعائية للإمام الخميني، وفيها تهجم صريح على السعودية والتنديد بسياستها، والتحريض عليها وعلى كل دولة إسلامية أو عربية لا تقر اتجاهات الثورة الإيرانية. هذا بالإضافة إلى ممارسات بعض الحجاج الإيرانيين في فترة الحج كإلقاء الخطب السياسية والثورية الإيرانية عبر مكبرات الصوت، وإطلاق الهتافات في تظاهرات صاخبة تجوب شوارع مكة والمدينة المنورة، و محاولة دخول المسجد الحرام ببعض الأسلحة.
وتذكر معي عملية تفجير السفارة العراقية في لبنان عام ١٩٨١التي راح ضحيتها العديد من المدنيين ومنهم بلقيس زوجة الشاعر السوري الراحل نزار قباني.
وتذكر، زميلي الكريم، أنه اعتمادا للإستراتيجية الجيوسياسية ذاتها، قام الإمام الصدر بالتوكيل من قم، بالإعلان أن العلويين هم شيعة جعفريون، تمهيدا لتوطيد أواصل العلاقات الإيرانية السورية. وتذكر كيف جاء أكل هذا التوظيف في خلق الخطوط الخلفية لحزب الله في لبنان.
تذكر زميلي لو تفضلت، التركيز الإيراني على البحرين وعمان والمنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية .. وتذكر التفاعل الفطري للعرب الشيعة في كل الدول، مع الثورة الإيرانية.
عندما نضع كل هذه الأمور في نصابها، (وما ذكرته أعلاه عينات فقط)، يمكننا أن نرى بوضوح المنهج الجيوسياسي لإيران، وهذا بحد ذاته يفيد بالإجابة على سؤالك وهو لماذا لا تهتم إيران بدول عربية كبرى كمصر.
الإجابة هي أن مصر بأغلبيتها السنية ليست ضمن الحدود الجيوسياسية الإيرانية.
تحياتي الخالصة