الدولة ليست الشرطة والقضاء والجيش والأعمال، وليست الدولة هي المؤسسات.

المؤسسات تستحدثها الدولة بقدر حاجتها لتقوم بوظيفتها، وهي ليست الدولة، حتى لو قلنا دولة مؤسسات، فالتعبير هو عن كيفية إدارة الدولة لشؤونها.

الدولة هي شخصية اعتبارية، تتأسس كوكيلة عن الأمة في تنفيذ فكرة أو مجموعة أفكار سياسية تتعلق بالرعاية العامة. هي ليست الأمة بل وكيل عنها، وهي ليست المؤسسات بل من يعطي المؤسسات قيمتها.

الدولة تنشأ لنفس سبب نشوء الأمة تقريبا، وهي تعبر عنها وتنطق باسمها، حين تنشأ طبيعيا من الأمة على نفس الأصل الذي منه قامت الأمة.

موضوع الأرض والسلطة والشعب الذي يعرفون به الدولة، هو كتعريف الإنسان أنه أقدام وبطن ورأس.

باختصار،

ما نملكه، بل لعله ما يملكنا في العالم العربي، ليس دولا، بل هي محميات إقطاعية، محروسة بطبقة من الفرسان.
في بعض الأحيان قد تصير طبقة الفرسان هي الإقطاعي، وفي أحيان أخرى يبقى الأمر منفصلا.
وفي أحايين ثالثة قد تصير طبقة رجال الدين هي الإقطاعي، وإن كان الأعم الأغلب أنهم ينظفون خرء الإقطاعي لا أكثر ولا أقل.

تحويل المشكلة بين الإقطاعي وحاشيته من جانب، والأمة من الجانب الآخر، إلى مشكلة بين "الدولة" التي يرى الإقطاعي نفسه أنه هو الدولة، وفريق خارج عن الطاعة.. هو من الوسائل القديمة المستعملة منذ فرعون وحتى اليوم من أجل تمييع القضية.

(ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)

الإخوان المسلمين من جانب آخر، وإن أحسنا الظن بهم ولا أدعو لحسن الظن على أية حال، فهم كحال من يريد أن يجري عملية جراحية دقيقة بفأس حقل. لا يملكون أدوات السياسة، ويريدون أن يدخولها من بابها الخلفي. دون أن يأبهوا بنصيحة أو توجيه.
كانوا ولا زالوا حمير السياسة الذين يركبهم من يريد للوصول إلى ما يريد، ثم ينحرهم حين الوصول، وقد بدأ العسكر في مصر بركوبهم حتى خلال الثورة، وقد شارفوا على إيصالهم من جديد إلى الكرسي الذي قد طردتهم الأمة عنه، أعني كرسي الحكم.
كرسي الحكم ليس حقا للعسكر، مهما كان العسكري مخلصا متفانيا في خدمة أمته وبلده، كرسي الحكم هو حق الأمة مجتمعة وبأغلبيتها، تجلس عليه من تريد، وتطرد من لا تريد.

أما جيوش العروش التي قد أضحكت سن الزميل العزيز نظام، فهو أمر واقع، وليست الجيوش في بلادنا إلا جيوش عروش.