أنا طبعا لا يعجبني مجموعة الهجايص التي تحكم مصر رغما عن شعبها، جاعلة له شعبا تحت الوصاية،

الشعب المصري أكرم وأعز وأفضل من أن يتوصى عليه أحد، وهو صاحب الحق في حكم نفسه، ولا يعجبني من يحكم مصر إلا إن كان مفوضا بحكمها من قبل شعبها، وبالطريقة التي يرتضيها شعبها، ان شاء الله يحكمها بالشيوعية، المهم أن يحكمها بإذن صاحب الحق، وبالكيفية التي يريدها صاحب الحق.

خلافه، لا مماليك، ولا ملوك، ولا عسكر، ولا انجليز، كلهم مستبدون، ولا يكون مستبد على خير.

أما مبارك يللي إنت فرحان بيه أوي، فشو بدي أقلك يعني، ريتك تتهنى فيه. هو أصلا خطيئة ثورة مصر أنها انتهت قبل أن تعتقل مبارك وتحاكمه هو وعناصره ميدانيا، حتى تخرج وساوس الشيطان من رأس كل من يريد أن يجعل مصر مزرعة للي خلفوه.

أما حجة الأمن القومي ومدري شو، هاي بتحكيها لمن تصير مصر في قارة أمريكا الجنوبية، ويصيروا أهلها يحكوا لاوندي، ويرجعوا يعبدوا حورس وأزوريس وأمون رع.


بعدين، أنا لهلأ عم حاول ما أجرحك بالحكي، فما في داعي لكلام مثل ما بتفهمش وما بعرف شو، أظن أنه واجب عليك أن تحترمني كما أحترمك، وإلا فسأتحدث مع غيرك وليس من داع للحديث معك. وإن كان الصيام مأثر عليك، فخلي كلامك بعد التراويح.

بنيجي للقضية الفلسطينية،
لا عزيزي، حين يرجع الوضع كما كان عليه عشية إجهاض حكومة عموم فلسطين على يد الأردن ومصر، حينذاك تستطيع مصر أن تخلع ويا دار ما دخلك شرّ، لأن خطيئة إجهاض هذه الحكومة منعت من أشياء كثيرة ليس من الممكن استعادتها، بغض النظر لو حكم غزة دحلان كما تريد، أو لو حكمها هنية، أو لو حكمها القرود الزرق، مسؤولية إجهاض حكومة عموم فلسطين لم تنته بقرار فك الإرتباط الذي اتخذه شارون، لا تنتهي إلا بعودة الوضع السياسي إلى الشكل الذي كان عليه عشية اتفاقية هدنة رودس عام 1949. وحيث أن ذلك مستحيل، فلا بد من أن تتحمل الدولة المصرية مسؤوليتها عن الخطيئة التي ارتكبتها، على أن هذه الخطيئة لا تخص الشعب المصري، فهو على ما أعلم لم يختر لحكمه لا دولة الملوك التي انتهت بفؤاد الثاني، ولا دولة المماليك التي ابتدأت بجمال عبد الناصر(أستثني نجيب لعدم علمي بمنهجه السياسي).

عامة المشكلة بيننا وبين عاشق الكلمة ليست متعلقة بمصر وأمنها القومي، وليست متعلقة بالمنهج الانعزالي الذي يدعو له، وليست متعلقة برغبته الوصائية على من خالفه في الرأي السياسي من المصريين، وليست متعلقة بتأييده للتعذيب وخنق الجيران بحجة المصلحة العليا لمدري مين هو. المشكلة أعمق من ذلك بكثير، وتتعلق بوجهة نظره عن الكون والإنسان والحياة، وعلاقتها جميعا بما قبل الحياة وما بعدها، تتعلق بالنظارة التي ينظر من خلالها إلى الحوادث ويحكم منها على الأشياء والأفعال، مشكلة عميقة جدا وصعب حلها في منتدى، هذه المشكلة لن تحل من الحديث بل من الحوادث العظام الثقال التي تطحن الأمم وتعيد تشكيلها جبرا عن هوى فلان وتشهيات علان.

نصيحتي الأخيرة يا عاشق، ويعز علي حقيقة أن يكون هذا رأيك، نصيحتي أن تنظر كتابا اسمه الحروب الصليبية كما رآها العرب لأمين معلوف، كتب باللغة الفرنسية موجها للغرب، ثم تمت ترجمته إلى العربية، انظر إليه ثم انظر كيف الزمان يعيد نفسه، ثم انظر من كان على رأيك ومن خالفه.
ولعله يفيد أن تنظر تاريخ ملوك طوائف الأندلس، الذي تسمى كل واحد منهم باسم أمير المؤمنين، ثم انظر كيف كان الأمن القومي لكل دويلة منهم أهم لديهم من انتزاع مدن الأندلس على يد مملكة قشتالة.
انظر إلى هذا التاريخ، واجعله كما ينبغي له أن يكون، اجعله للعظة.
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا ـــ وإذا افترقن تكسرت آحادا