صحيح قبل لا أنسى، كونك ذكرت مرسي، فلا بد أن أعيد رأيي بدولة مرسي، وتوطئة لذلك سأذكر قصة من التاريخ للعظة أيضا،

يقال أنه إبان الثورة العباسية، وحين فرّ أفراد البيت العباسي من الحميمة ببر الشام إلى الكوفة، قام أبو سلمة الخلال بحجزهم وإخفائهم، ثم أرسل إلى رؤساء الطالبيين الثلاثة يدعو أحدهم للبيعة والدولة، وهم عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن، وجعفر الصادق بن محمد بن علي، وعمر الأشرف بن علي بن الحسين. فقام جعفر الصادق بحرق الرسالة، وحين استشاره عبدالله المحض قال له، وهنا موضع الاستشهاد، يا عم وهل يكون لك من الأمر من شيء في دولة غيرك؟

هذه الدولة القائمة في مصر هي دولة العسكر المماليك، ولا يضيرهم أن يكون الرئيس منهم أم من غيرهم، ودور الرئيس إن كان من غيرهم لا يعدو أن يكون دمية يلعب بها اللاعبون، دوره يشبه للغاية دور الخليفة العباسي في القاهرة في دولة المماليك مع الفارق. هذا هو مرسي وهذه هي دولته، خشخيشة في يد عسكري هامل.

طبعا من يلام على هذا هم الإخوان المسلمون الذي استعدوا للتفاوض منذ البداية مع دولة العسكر، وظنوا أنهم سيحققون مكاسب تافهة على حساب ثورة الأمة، ظنوا أنهم سيكون لهم من الأمر شيء، ومرجع هذا إنما للميوعة الفكرية والسياسية التي ابتلوا بها منذ البدء.

الأصل تفتيت دولة العسكر وبناء دولة المصريين، هذه الدولة من الممكن أن تكون شيئا يهمنا ويعنينا الدفاع عن بقائه، لأنها تخرج طبيعيا من الناس وتبقى كشخصية اعتبارية أجيرة لديهم، يملكون عزلها وصرفها وتنصيبها، والجيش ليس بأكثر من ذراع لها، ليس بوصي ولا أب ولا حاكم، كما ينبغي لكل جيوش الدنيا أن تكون.