عزيزي مينا،

حين نفتح باب التعذيب، عندك فكرة أين يبدأ وأين ينتهي؟

من هو صاحب الحق به؟ وكيف سيمارس حقه؟ وكيف ستتأكد أن من يخضع له يستحقه؟

نحن لا نتحدث عن مدان تتم عقوبته، نحن نتحدث عن ظنين أو متهم لسنا متيقنين من جرمه.

هل أنت مع نظرية "المتهم بريء حتى تثبت جريمته" أم مع نظرية "المتهم مجرم حتى تثبت براءته"؟

دعك من هؤلاء الذين يقولون ما يقولون، ولو أن الدائرة قد دارت، وصارت عليهم، وصار عليهم التعذيب الذين يطلبونه لمن خالفهم، إذن لكان لهم رأي مغاير.

أنا لا أرضى التعذيب على من خالفني، كما أرفضه على من وافقني، لأنه لا يليق أن يكون الإنسان تحت التعذيب جلادا أو ضحية.

لكن يؤسفني أن أطالع سايكولوجيا لأناس يطالبون بتعذيب المخالفين، بحجة أنهم إرهابيون أو ما شابه. يؤسفني للغاية أن أقرأ هذا لمن يزعم أنه يريد خيرا بالإنسان.

ويحضرني في هذا قوله تعالى
(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ*17*) الرعد

نحن معركتنا يا مينا ليست معركة أمن قومي وما شابه من قصص يؤلفها الناس ليبرروا تفريقهم الناس شيعا، يستضعفون منهم طائفة ويقربون أخرى، ثم يذيقوا الطائفة الأولى النكال والعذاب، نحن معركتنا هي ما ينفع الناس، فهل ينفع الناس أن نشرعن بينهم التعذيب كوسيلة استنطاق؟

فكّر بها على نطاق واسع، وليس على نطاق ضيّق، على نطاق الإنسان وليس على نطاق مجرم ما.